سويسرا / متابعات :أصدر صندوق الأمم المتحدة للسكان تقريره السنوي حول حالة سكان العالم في العام 2006م ، تحت عنوان "عبور إلى الأمل، النساء والهجرة الدولية".وفي ندوة صحفية عقدت في قصر الأمم المتحدة في جنيف يوم الأربعاء 6 سبتمبر، قالت مديرة قسم الإعلام في الصندوق السيدة صفية تشار "إنه على الرغم من تحول موضوع الهجرة الى ظاهرة عالمية، إلا أن الاهتمام بموضوع المرأة المهاجرة ظل متجاهلاً منذ زمن طويل".والحديث عن المرأة المهاجرة يعني حوالي 50% من مجموع المهاجرين في العالم الذي يفوق عددهم 191 مليون شخص. فهي إما خادمة في المنازل، أو مربية أو ممرضة، وهي نادلة أو عاملة في المصانع او المزارع أو فنانة. ومنهن من يزج بهن في تجارة الجنس ويصبحن عرضة للمتاجرة والتهريب والاستغلال.وتشير مسؤولة صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن "نشاط القسم الأكبر من هذا العدد من المهاجرات يتم بعيدا عن الأنظار، وبدون اعتراف لهن بما يقدمنه للمجتمع من الناحية الاقتصادية او الاجتماعية".فعلى مستوى العائدات التي يدرها عمل النساء المهاجرات والمسجلة رسميا ضمن ما يُحول سنويا الى البلدان الأصلية يتم الاعتراف بأن للنساء قسط لا يستهان به من مجموع تحويلات المهاجرين عالميا والتي فاقت قيمتها232 مليار دولار أمريكي في عام 2005.م فعلى سبيل المثال، تم تقدير نسبة تحويل مهاجرات سيرلانكا بـ 62%من إجمالي الأموال التي أرسلها المغتربون السريلانكيون إلى بلادهم، أما مهاجرات الفيليبين فساهمن بما يناهز الثلث من مجموع التحويلات.[c1]هجرة الكفاءات[/c]على صعيد آخر، تمس هجرة النساء بعض القطاعات الحيوية في البلدان النامية مثل القطاع الصحي، حيث يشير تقرير الأمم المتحدة الى أن دراسات أجريت مؤخرا أظهرت بأن "نية الهجرة مرتفعة جدا بالذات بين المشتغلين في مجال الصحة".يضاف الى ذلك أن هذه الظاهرة تمس مناطق هي في أشد الحاجة الى تواجد كفاءات صحية لمواجهة تفشي آفات واسعة الانتشار مثل مرض نقص المناعة المكتسب إيدز (أو سيدا). ومن بين الأمثلة عن ذلك، أورد التقرير أن "68 %من عمال القطاع الصحي في زمبابوي و 26 %في أوغندا عبروا عن الرغبة في الهجرة إلى الخارج". كما أفاد التقرير استنادا الى تقارير المنظمة العالمية للهجرة بأن "عدد الأطباء المالاويين العاملين في مدينة مانشستر البريطانية يفوق عدد الأطباء العاملين في مالاوي بأكمله". بدون حماية.. بعيداً عن الأنظار تقرير الأمم المتحدة يعترف بأن الهجرة تفتح للكثير من السيدات آفاق لحياة أفضل، إلا أنه يحذر من أن الكثير منهن يواجهن جانبا مظلما من الهجرة حيث هناك العديدات ممن يصبحن عرضة للاسترقاق المعاصر او يسقطن ضحايا لشبكات الإتجار بالبشر.إذ تشير التقارير الدولية الى وجود اكثر من 2،45 مليون ضحية المتاجرة بالبشر في العالم وهي ظاهرة خطيرة تشكل ثالث تجارة غير مشروعة مربحة بعد تهريب المخدرات والأسلحة. وكما قال أحد المسئولين "إذا كان تهريب المخدرات ينتهي باستهلاكها فإن المتاجرة بالبشر كثيرا ما يتم تكراره".ومن القطاعات التي تشغل العاملات المهاجرات بكثرة قطاع العمل المنزلي. وكثيرا ما تتعرض النساء العاملات في البيوت الى العديد من أوجه سوء المعاملة والاعتداءات والانتهاكات الجنسية وغيرها.وبما أن البلدان العربية (النفطية) في منطقة الخليج تعد من المناطق الأكثر جذبا لخادمات المنازل من عدة بلدان عربية وإفريقية وآسيوية، ونظرا لأنها بلدان تفتقر في الوقت الحاضر الى معايير وقاية كافية وجديرة بحماية حقوق هذه الفئة من العاملات المهاجرات، رغبت سويس إنفو في معرفة ما الذي يقوم به صندوق الأمم المتحدة للسكان من أجل تحسين ظروف عمل المهاجرات في هذه المنطقة خصوصا وان المديرة التنفيذية للصندوق منذ عام 2001م ، وهي السيدة ثريا أحمد عبيد، تنتمي إلى إحدى بلدان المنطقة.لكن السيدة صفية تشار، المسؤولة عن الإعلام والعلاقات الخارجية في الصندوق، اكتفت في معرض ردها على السؤال بالإشارة إلى أن "معايير الهجرة من اختصاص الدول"، مضيفة بأن الصندوق "يركز على مساعدة المهاجرات في بلدان تصدير اليد العاملة على معرفة حقوقهن قبل التوجه للمنطقة".[c1]دعم سويسرا لجهود الأمم المتحدة[/c]رئيس الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون التابعة لوزارة الخارجية فالتر فوست الذي حضر الندوة الصحفية في جنيف، شدد على دعم سويسرا لجهود الأمم المتحدة الرامية الى إنصاف المرأة المهاجرة وإلى تغيير ظروف حياتها.وقال السيد فوست "إن سويسرا تؤمن بأن المعايير الموجودة دوليا حاليا كافية لحماية المرأة المهاجرة"، كما شدد على أن برن "ملتزمة بتحقيق الأهداف التي حددها مؤتمر الأمم المتحدة حول السكان، وقمة الألفية".وإسهاما من سويسرا في تسليط الأضواء على ظاهرة حقوق المرأة المهاجرة وعلى هجرة الشباب، أوضح السيد فوست بأنها ستروج لهذا الموضوع أثناء الاجتماع السنوي للدول الصناعية الرئيسية، وأكد أن برن ستتخذ من هذا التقرير الأممي منطلقا لإعداد تقريرها السنوي حول التنمية والشباب.وبالمناسبة، استضاف السيد فالتر فوست شابة مهاجرة من البوسنة هي سلمى ميردان لكي تعرض تجربتها كمهاجرة وصلت مع عائلتها الى سويسرا في منتصف التسعينات أثناء حرب البوسنة واستطاعت أن تندمج وتواصل دراستها وتواجه مشكلة العودة إلى وطنها بعد نهاية الصراع في البوسنة والهرسك.وفي شهادتها، قالت الآنسة سلمى ميردان "لقد أدى تضافر الجهود على مستوى مدينة بازل وبالأخص جهود زملائها وأساتذتها إلى إنقاذها من الترحيل القسري، وهو ما سمح لها بمواصلة دراستها الجامعية وتخرجها والتحاقها بالعمل في السلك الدبلوماسي في بعثة بلدها الأصلي (أي البوسنة) في جنيف بعد ان حصلت على الجنسية السويسرية".ولكن نجاح الآنسة سلمى ميردان ليس بالمثل الذي ينطبق على جميع المهاجرات حتى في سويسرا خصوصا وأن تقديم التقرير يتزامن مع حملة انتخابية حامية الوطيس استعدادا للتصويت على قوانين جديدة تسعى لتضييق الخناق على ظاهرتي الهجرة واللجوء. ومع أن جل أسئلة الصحافيين تركزت على هذه المفارقة، إلا أن المسئول السويسري تجنب الخوض في الموضوع مكتفيا بتوضيح الموقف الرسمي للحكومة الفدرالية من القوانين المعروضة على الإستفتاء الشعبي، وهو التقليد الذي يفرض على كبار الموظفين الرسميين اثناء سير الحملات الإنتخابية.
هجرة النساء .. ملفات خطيرة وحيوية لكنها مهمشة
أخبار متعلقة