(( المال والبنون زينة الحياة الدنيا )) كما قال الله تبارك وتعالى وهي إشارة إلى فضل نعمة الولد.. ومن الأنبياء من اشتد طلبه لهذه النعمة حتى بعد أن بلغ من الكبر عتياً ويئست امرأته فقد ظل زكريا (( عليه السلام )) يدعو في المحراب حتى بشرته الملائكة بيحيى ، ولذلك قال العلماء : إن الدعاء سبب في تحصيل الولد وأوصوا به كل عاقر لعل الله أن يرزقه ما يريد .. وما ذلك على الله بعزيز .. ومن لطائف التفسير قال الإمام (( الغزالي )) رحمه الله صاحب الاحياء في قوله تعالى من سورة البقرة (( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ، وقدموا لأنفسكم واتقوا الله )) ، قال : وقدموا لأنفسكم هو تقديم الولد إلى الآخرة وهو تفسير نفيس يصوّر طلب الولد وتحري أسباب إيجاده سعياً يحتسبه أبوه المؤمن عند ربه . وفي ضوء هذا التفسير يتجلى عبء التربية والانشاء ثقيلاً على كواهل الآباء والأولياء والمربين : فإن أحسنوا فقد قدموا للآخرة حسناً .. وان أساءوا فقد بروا يمين إبليس حين أقسم (( فبعزتك لأغوينهم أجمعين )) . وأهمية رعاية الطفولة أدركها الإنسان مبكراً بفطرته وعرف قوانينها واستوعب خطر إضاعتها وعرف ما للتنشئة من أثر عليها حيث ينمو الطفل ويترعرع حتى يشب ويستلم اعتراف المجتمع به كعضو مسؤول له وعليه ما لهم وعليهم .. حفظت أثراً قدسياً في طفولتي يقص عناية الله تعالى وحفظه للطفل في بطن أمه ، وعلى ظهر الأرض يثير الاعجاب ويستجدي العواطف يقول فيه سبحانه وتعالى : (( يا ابن آدم جعلت لك قراراً في بطن أمك وغشيت وجهك بغشاء لكي لا تنفر من الرحم ! وجعلت وجهك إلى ظهر أمك لكي لا تؤذيك رائحة الطعام وجعلت لك متكئاً عن يمينك ومتكئاً عن شمالك فأما الذي عن يمينك فالكبد وأما الذي عن شمالك فالطحال ! وعلمتك القيام والقعود في بطن أمك ، فهل يقدر على ذلك غيري !؟ فلما تمت مدتك أوحيت إلى الملك الموكل بالأرحام ان يخرجك فأخرجك على ريشة من جناحه ، لا لك سن تقطع ولا يد تبطش ولا قدم تسعى بها ، فأجريت لك عرقين رقيقين في صدر أسمك يجريان عليك لبناً خالصاً ، حاراً في الشتاء وبارداً في الصيف وألقيت محبتك في قلب أبويك ، فلا يشبعان حتى تشبع ولا يرقدان حتى ترقد !! فلما قوي ظهرك واشتد أزرك أشركت معي غيري وعصيتني !! ومع ذلك ان تبت إلي قبلتك وان دعوتني أجبتك وان سألتني أعطيتك !! . ترى عزيزي القارئ الكريم كم صوّر هذا الأثر القدسي حجم الرعاية التي تستحقها الطفولة منا وكشف موقع أهميتها المصون في الضمير والفلسفة والتفكير ، والذين يهدرون هذه الثروة ويعبثون برعايتها ليسوا سوى اسرى محقورين لنتاج عفن من خليط الأطماع والجشع والجهل . ومراعاة الوضع الضروري من الصحة والتعليم والإعداد ، تقع واجباً على المجتمع والدولة ، وعندما يتم التخطيط في أسعار الخدمات الإنسانية الملحة إلى الصعود فانه يتغافل هذه الشريحة المهمة التي ينعكس عليها لهيب الأسعار في الخدمات الملحة فيصنع ارقاماً مزعجة في حصائل الصحة والتعليم والغذاء والاستقرار . حتماً وبداهة ويقيناً لن تسعد أمة وهي تقاد إلى صناعة جيل محروم متخلف وهزيل لا يجيد سوى التسكع والبطالة واحتراف الإجرام وهو لا يملك ثمن رغيف أو هواء بارد أو كتاب أو ملبس كريم أو مهر زوجة تستره وتبني معه عش النسل واستخلاف الأبناء والأحفاد واستمرار التاريخ !! .
|
رمضانيات
نعمة الولد .. في شريعة الحق !!
أخبار متعلقة