نائب رئيس مجلس النواب في الندوة النقاشية حول المحكمة الجنائية الدولية:
صنعاء/سبأ:أكد عبد الوهاب محمود عبدالحميد نائب رئيس مجلس النواب ان محكمة الجنايات الدولية لا تلغي المحاكم الوطنية ، وليس لها حق السيادة، ولكنها تتكامل مع القضاء الوطني لكل دوله وتعطي الأولوية للمحاكم الوطنية في محاكمة مرتكبي جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ، والجرائم الأخرى المنصوص عليها في لائحة المحكمة طالما والجاني والمجني عليه من مواطني الدولة نفسها. وقال نائب رئيس مجلس النواب في الندوة النقاشية الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية وتطوير القانون الجنائي الدولي، التي عقدت في القاعة الصغرى بمبنى مجلس النواب ، ونظمها مجلس النواب بالاشتراك مع سفارة جمهورية المانيا الاتحادية بصنعاء ومؤسسة فريريتش اينبرت بمشاركة عدد من رؤساء ومقرري اللجان الدائمة بمجلس النواب ورؤساء الكتل البرلمانية وعدد من أعضاء المجلس وممثلي الجهات المنظمة لهذه الفعالية – قال “ بالأمس كان افتتاحنا لهذا المعرض الوثائقي الذي يحكي التطور الزمني والموضوعي والقانوني لإنشاء محكمة الجنايات الدولية واليوم يشكل هذا اللقاء فرصة للحوار بين الأعضاء والحاضرين من أصدقائنا الألمان والأوروبيين الآخرين.»وأشار الدكتور عبدالوهاب محمود رئيس جلسات الاعمال الى ان تأسيس المحكمة يشكل تطوراً هاماً لقانون الجنايات الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية،عندما ابرم الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الثانية، وهم بصورة أساسية: الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة وجمهورية فرنسا، اتفاقية تقضي بمحاكمة مجرمي الحرب من مواطني دول المحور وهي: المانيا ، ايطاليا، واليابان.مبيناً ان هذا الاتفاق شكل الأساس السياسي لمحكمة نورنبرج، ومنذ ذلك التاريخ تشكلت محاكم دولية خاصة كثيرة لمحاكمة مجرمي الحرب والجرائم الإنسانية الأخرى. وأضاف :« تشكل محكمة الجنايات الدولية كياناً قانونياً مستقلاً لايخضع قضاتها ولا الإدعاء فيها لأية جهة سياسية أو قانونية خارجية باستثناء صلاحيتين أعطيتا لمجلس الأمن الدولي متعلقتين بحقه طلب فتح التحقيقات في قضية ما أو إعادة فتح التحقيقات وذلك بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهو فصل العقوبات».لافتا الى ان محكمة الجنايات الدولية تحتاج الى التعاون الوثيق مع الدول الأعضاء لأنها لا تملك حق السيادة. وبين الدكتور عبدالوهاب محمود ان المحكمة لاتعمل بأثر رجعي وفقاً لنظامها الأساسي ولا يتم طلب الجاني من مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في لائحتها الا في حالة عدم قدرة الدولة المعنية بتنفيذ القانون بنفسها كما نصت المادة (17) من لائحة المحكمة.. وفي نفس الوقت لا تعد محكمة الجنايات الدولية محكمة استئناف ولاتنظر في الأحكام الصادرة من المحاكم الوطنية لأية دولة.واعتبر نائب رئيس مجلس النواب إنشاء محكمة الجنايات الدولية، مكسبا إنسانيا خاصة للمجتمعات الأضعف لأن جرائم الحرب عادة ما يرتكبها الأقوياء والدول المتسلطة.متمنياً ان تكون محكمة الجنايات الدولية إطاراً عالمياً لأنصاف ضحايا الحروب العدوانية كما هو اليوم في العراق وفلسطين، وإطاراً قانونياً حقيقياً يجسد العدالة الدولية المفقودة وأن تعبر هذه المحكمة عن التصميم الدولي للمساهمة في ترسيخ السلام وحقوق الإنسان والعدالة الدولية. وقدم غالب سعيد العدوفي رئيس دائرة الشؤون القانونية والمعاهدات بوزارة الخارجية مداخلة أوضح فيها أن الجمهورية اليمنية تعد من أوائل الدول التي شاركت بفعالية في كافة الأعمال التحضيرية لاعداد النظام الأساسي للمحكمة وكذا أعمال مؤتمر روما الذي اقر النظام الأساسي .وأشار الى مداولات مؤتمر روما التي أظهرت عددا من المسائل الخلافية أبرزها: تعريف جريمة العدوان، ولاية المحكمة، تحريك الدعوى، صلاحية المدعي العام، العلاقة بين المحكمة ومجلس الأمن الدولي، وفهم العلاقة التكاملية بين المحاكم الجنائية الوطنية والمحكمة الجنائية الدولية . مبينا موقف اليمن من تلك المسائل.. وقال« كان موقف اليمن إزاء تلك القضايا منسجما مع مواقف كثير من الدول النامية ومنها أن تكون المحكمة مستقلة مهمتها قضائية، وألا يكون لمجلس الأمن دور موثر عليها ولايتم اللجوء إلى المحكمة الدولية الا في حال إخفاق المحاكم الوطنية في الاضطلاع بمهامها او عدم قدرتها على ذلك كملاذ أخير، بالإضافة إلى عدم إدراج النزاعات الداخلية المسلحة ضمن اختصاص المحكمة الا في حالة الانهيار السياسي والقضائي الكامل للدولة مع ايجاد تفسير واضح لمعنى الانهيار وعدم القبول بالولاية القضائية للمحكمة وتغليبها على القضايا والمحاكم الوطنية الى جانب عدم السماح للمدعي العام بتحريك الدعوى والبدء بالتحقيق دون طلب الدولة المعنية، وتأييد ادراج جريمة العدوان ضمن اختصاص المحكمة مع الأخذ بعناصر تعريف العدوان الواردة في قرار الجمعية العامة لأمم المتحدة رقم 3314 لعام 1974م.”مشيرا الى ان اليمن الدولة العربية الـ 13 الموقعة على نظام روما، حيث جاء توقيعها تجسيدا لنهجها الثابت المؤكد على تعزيز الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومشاركة المرأة في العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإدانة العنف واستخدام القوة لحل المنازعات الدولية حيث اعتبرت كثير من الدول اليمن نموذجا للديمقراطيات الناشئة». من جانبه اعتبر المهندس محمد محمد الطيب رئيس لجنة حقوق الإنسان والحريات والمجتمع المدني بمجلس الشورى، قيام المحكمة الجنائية الدولية احد أهم المنجزات التي حققتها الإنسانية في التاريخ المعاصر منذ قيام الأمم المتحدة عام 1945م، وتتويجا لجهود بذلها المجتمع الدولي ممثلا في الكثير من الحكومات ومؤسسات القانون ومنظمات المجتمع المدني والخبراء والحقوقيين الذين سعوا الى إيجاد آلية قانونية وفعالة لها صلاحيات تتخطى الحدود والحصانات التي استعملت في ما مضى لانتهاك القانون الإنساني الدولي والهروب من المحاسبة والعقاب .واستعرض الطيب ما شهده العالم من حروب ونزاعات مسلحة انتهكت فيها حقوق البشر سواء كان من المحاربين أو المدنيين العزل الذين لاذنب لهم سوى تواجدهم في أماكن النزاعات..وأشار الى ان فقهاء القانون الدولي يرون ان اختصاص الحكمة الجنائية الدولية يمكن ان يمتد ليشمل الدول غير المصادقة على نظام المحكمة عبر آليات قانونية دولية أخرى بما فيها الإحالة من مجلس الأمن الذي يمتلك هذه الصلاحيات وفقا لنصوص الفصل السابع.. في حين ما زالت عدد من الدول العربية ضمن الدول المتخلفة عن التصديق والانضمام الى نظام المحكمة حتى الآن، مبدية العديد من المخاوف، رغم ان الجامعة العربية ومجلس وزراء العدل العرب والمنظمات الحقوقية العربية ومنظمات المجتمع المدني العربية قد عقدوا لقاءات لمناقشة نظام المحكمة وأوصوا بأهمية الانضمام لما في ذلك من مزايا وفوائد سياسية وحقوقية .واعتبر رئيس لجنة حقوق الإنسان والحريات بمجلس الشورى تردد المؤسسات التشريعية العربية في المصادقة على الانضمام الى نظام المحكمة الجنائية الدولية ليس له اي مردودات ايجابية بل على العكس فانه يحرم دولنا من مزايا عديدة ليس اقلها غياب التواجد والتأثير العربي في مؤسسات المحكمة المختلفة.