غضون
- يؤسفني أني تركت هذه المساحة فارغة من قلمي في اليومين الماضيين .. فقد قررت فجأة السفر إلى قريتنا في القبيطة لأتمرغ بتراب الجنة، حيث تعيش أمي وأبي، فقد اشتقت إليهما كثيراً.. وهناك الدنيا خالية من أجهزة الإرسال والكهرباء إضافة إلى الماء الذي بدأ ينضب، وقد تعذر أن أكتب عمودي.. فليعذرني القراء.- وأسجل هنا أنه ليس في نيتي أن أترك هذه المساحة طواعية فأنا أكتب وأكتب وأكتب منذ عشرين سنة لكني أشعر لأول مرة أن لدي قراء.. المس هذا من خلال ردود فعل كثيرة تشير أن لهذا العمود من يقرأه.. وقد كانت من أسماء الأماني عندي أن أحصل على قراء، ويبدو أن هذه الأمنية في سبيلها للتحقق أو الاكتمال.- أمي التي كانت تقص لنا أخبار وريقة الحناء وعن هزيمة هتلر في غزوة بدر لم تجد الآن من تحدثه وأصبحت تشغل أوقات ما قبل النوم بالاستماع إلى ضيوف برنامج “نور على الدرب” من أمثال بن عثيمين والفوزان وهي في سبيلها إلى التحول إلى الوهابية، وهذا ما لا أخشاه عليها، لكن هذه المرة ووجدتها مشغولة بهموم وطنية ليس أولها الغلاء، بل الفتن والقلاقل التي تسمع بها هذه الأيام.. وتسألني: ماذا يحدث وماذا يريد هؤلاء؟ قلت لها اطمئني سيظل الجميع في أمان الوحدة باقية، وهؤلاء لا يقدرون على شيء كبير، لهم مطالب محدودة من حقهم الحصول على المشروع فيها، ومن واجب الحكومة ضرب من يتذرع بمطالب غير مشروعة لإحداث شروخ في تماسكنا الاجتماعي أو إخافة السبيل والآمنين في بيوتهم.- بعيداً عن أمي، أقول إن التفجير الذي وقع بمسجد بن سلمان في صعدة وأدى إلى ذلك العدد الكبير من القتلى والجرحى الذين أدوا صلاة الجمعة ليس هو الحادث الإرهابي الأول من نوعه في اليمن، فقد وقع مثل هذا في العاصمة عام 1993م تقريباً ثم قبل عامين في عمران .. ما حدث في عمران له علاقة بالقبيلية، أما ما حدث في صعدة أمس فيشبه ما حدث في العاصمة وكان حادث العاصمة إرهابي فعله جهاديون تكفيريون، وربما هم قد ذهبوا إلى صعدة لصب الزيت على النار، هذا إذا لم يكن الحوثيون قد غيروا في وسائلهم.. والاحتمالات كلها قائمة.