حظيت المرأة العمانية منذ انطلاقة النهضة المباركة بعناية ورعاية فائقة، وتكريم متميز من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد ، إذ فتحت أمامها فرص كاملة للتعليم بكل مراحله ومستوياته والعمل في مختلف المجالات والمشاركة في مسيرة البناء الوطني، وقد تجسد ذلك على نحو واضح منذ تولى حضرة صاحب الجلالة الحكم عام 1970م من خلال الرؤية الحضارية لباني نهضة عمان الحديثة التي ترتكز على الثقة الكاملة في قدرات المواطن العماني من ناحية والعمل على الاستفادة القصوى من الموارد البشرية العمانية من ناحية أخرى. وقد أشار جلالته - حفظه الله ورعاه- في بداية تولية الحكم إلى حاجة البلاد لكل عناصر المجتمع دون تفرقة، وذلك في أول خطاب لجلالته يوم 27 / 7 / 1970م بمناسبة وصول جلالته إلى مسقط لأول مرة حيث قال " إن الحكومة والشعب كالجسد الواحد إذا لم يقم عضو منه بواجبه اختلت بقية الأجزاء في ذلك الجسد " ولأهمية هذه الجملة فقد كررها جلالته في خطابه يوم 9 أغسطس عام 1970 مرة أخرى. فاستطاعت المرأة العمانية خلال فترة المسيرة أن تثبت قدراتها العلمية وكفأتها العملية لتبرهن جدارتها بالثقة التي منحت لها من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- والمجتمع العماني وتعتبر الخطوات التي قطعتها المرأة العمانية في السنوات القليلة الماضية وما حققته من إنجازات أكبر دليل على أن المرأة العمانية مصدر ثقة لما منحت إليه. فأصبحت كالنحلة لم تكتف بامتصاص رحيق زهرة واحدة بل أخذت تبحث دائما عن الجديد والمفيد الذي يثري لها عالمها وتبني به مجتمعها وأسرتها فعملت تارة كمتطوعة وأخرى كمكملة لدور الرجل فكونت لنفسها كيانا مستقلاً قادراًعلى إدارة أعمال كبيرة بمفردها . ولم تتوقف المرأة العمانية عند هذا الحد بل حصلت على مراكز جديدة وأحرزت نجاحات عديدة في المجتمع فرئاستها لجمعيات المرأة العمانية كمؤسسات مستقلة ليس إلا اعترافًاً بعطاءها المستمر وإرادتها القوية.فللمرأة العمانية دور حيوي يمثل نصف المجتمع في عملية التنمية الوطنية ليس فقط من خلال المشاركة بالعمل والجهد في هذا المجال أو ذاك، ولكن أيضا من خلال الدور الاجتماعي الحيوي الذي تقوم به المرأة العمانية كأم وربة منزل في إعداد الأجيال العمانية وزرع القيم والتقاليد العمانية الأصيلة فيها والإسهام كذلك في ترشيد وزيادة الادخار والاستغلال الأفضل للموارد المتاحة لها في إطار الأسرة العمانية.تأكيداً وحرصاً من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- على ترسيخ القواعد الأساسية للدولة ولخدمة المواطن العماني ومن منطلق أن مسيرة التنمية الشاملة لا تكتمل إلا بالتكاتف والتعاضد والتعاون والتساند بين الحكومة والمواطنين، لذلك جاء إنشاء مجلسي الدولة والشورى اللذان يعدان الأركان التي تدعم الدولة في مجال التنمية. وتأكيداً على أهمية المرأة في مجتمعها ولأهمية مشاركتها الفاعلة في هذا الجانب فقد حظيت بشرف عضويتها في مجلسي الدولة والشورى وهذا لثقة جلالته - حفظه الله ورعاه - بها وبقدراتها وإمكانياتها في صياغة واقعه ومستقبله باعتبارها مصنعاً حقيقياً للأجيال. [c1]المرأة العمانية في مجلس الدولة :[/c]ومن الجوانب بالغة الدلالة عند إنشاء مجلس الدولة أنه شهد تعيين 5 نساء في عضويته من بين 55 عضواً هم إجمالي عدد الأعضاء ويؤكد ذلك ليس فقط حرص حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - على إشراك المرأة العمانية في عضوية هذه المؤسسة الرفيعة ولكنه يدل أيضا على ثقة جلالته في قدرات المرأة العمانية وكفاءتها للاضطلاع بمسؤوليات المشاركة الوطنية على هذا المستوى الرفيع خاصة بعد أن أثبتت قدرتها في عضوية مجلس الشورى في الفترة الماضية 2001 إلى 2003م. [c1]مشاركة المرأة العمانية في الترشيح والترشح :[/c]وقد تميزت تجربة مجلس الشورى بنقلة نوعية مهمة في مسيرة الشورى فإن مشاركة المرأة هي المتغير الأهم ليس فقط لأنها الخطوة الفريدة من نوعها في دول مجلس التعاون الخليجي وإنما باعتبارها بياناً عملياً لنهج التدرج الذي يطبع حركة التطوير على المسار العماني باتجاه المشاركة الفعلية من جميع فئات المجتمع. حيث أن المرأة شغلت العديد من المناصب في مؤسسات العمل وحققت نجاحات جعلتها تؤهلها عن جدارة لتولي مناصب قيادية في قطاعات توجيه الرأي.وفي تلك الفترة شاركت المرأة في الترشيح والترشح على مستوى ولايات محافظة مسقط ففازت امرأتان عن ولايتي السيب ومسقط وفي الفترة الثالثة وبسبب مشاركة المرأة في الترشيح والترشح حيث ترشحت 27 امرأة لعضوية المجلس بين 736 مرشحاً تم خلالها إعادة ترشيح مرشحتي ولايتي مسقط و السيب وفي الفترة الرابعة من 2001 إلى 2003م تقدمت 21 امرأة للترشيح فازت منهم امرأتان عن ولايتي مسقط وبوشر. أما في الفترة الخامسة من 2004 إلى 2006م فقد اقتصر الأمر على فوز مرشحتين عن ولايتي مسقط وبوشر من بين 15 إمرة متقدمة للترشيح. [c1]مساهمات المرأة العمانية في التنمية الحديثة بمؤسسات الدولة : [/c]وبفضل هذه الثقة الغالية التي حظيت وتحظى بها المرأة العمانية، وبفضل ما يتاح لها من فرص كبيرة ومتكافئة للتعليم والرعاية الصحية والإجتماعية ومن تدريب وفرص عمل وكثمرة لجهودها كذلك، استطاعت المرأة العمانية أن تشغل مساحة كبيرة في مختلف مجالات العمل والانتاج بل وأن تصل بكفاءتها وعطاءها إلى أعلى مناصب الجهاز الإداري في الدولة، ومن المناصب القيادية العليا التي وصلت لها المرأة العمانية.وفي الشؤون العامة عدد عضوات في مجلس الشوري 2 من أصل 83 عضوا أي بنسبة 2 - 4 في المئة. وعدد العضوات في مجلس الدولة 9 من أصل 57 عضوا أي بنسبة 14 في المئة. والمرأة ممثلة في مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان بعضوتين اثنتين، وممثلة في مجلس رجال الأعمال بعضوة واحدة، وفي المجلس البلدي في مسقط بعضوتين اثنتين.وتعتبر مشاركة المرأة العمانية في المجالات الاقتصادية من الأمور الهامة وذات مساهمة فاعلة في المجتمع. فهي تقوم بدورهام في تنمية كافة قطاعات العمل وتمكنت من إثبات قدرتها وكفاءتها وإبرازإمكانيتها في تأسيس العديد من المشاريع الاقتصادية الحيوية بفضل ما تيسر لها من عون واهتمام وتوفير شتى أنواع التعليم والتأهيل والتدريب المناسب، حيث شهد سوق العمل العماني اسهاما متزايدا للمرأة العمانية في النشاط الاقتصادي والقوى العاملة خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتبط الارتفاع المتسارع لمشاركة العمانيات في قطاع الأعمال والنشاطات الاقتصادية بالقناعة السائدة بأن عمل المرأة يعني أهمية إسهامها إلى جانب الرجل لخدمة المجتمع وزيادة دخل الأسرة وتوفير مستوى معيشي أفضل. وهناك جيل جديد من المرأة العمانية يتحرك نحو ساحة الأعمال الحرة في أكثر من مجال يتطلب منها ضرورة استثمار قدراتها وطاقاتها مستعينة بعلمها وخبراتها دون حدود لمواصلة ازدهار النهضة العمانية وجني ثمارها الكاملة، للمساهمة في الأنشطة الاقتصادية لتكون أحد الروافد الأساسية للطاقات البشرية اللازمة لتلبية الاحتياجات المستقبلية للبلاد من القوى العاملة، التي تجعلها أكثر ثقة وأملا في مستقبل بلادها.و على الرغم من تزايد صاحبات الأعمال في المنطقة، إلا أنه ما زال هناك فرص كثيرة من الأعمال التجارية الحرة التي مازالت متاحة أمام المرأة العمانية ينبغي العمل على استثمارها، وقد جاء الملتقى الأول لصاحبات الأعمال الخليجيات الذي أقيم في العاصمة مسقط العام الماضي كدعوة إلي توسيع مشاركة المرأة العمانية بشكل خاص والمرأة الخليجية بشكل عام في اتحاد الغرف الخليجية الذي يهدف إلى دعم الدور الاقتصادي للمرأة الخليجية بما يعزز من مساهمتها في النهضة التنموية الشاملة التي تشهدها دول المجلس بالإضافة إلى تقييم دور المرأة الخليجية الحالي في النشاط الاقتصادي ودراسة آثار المتغيرات والمستجدات الإقليمية والدولية على مساهمة المرأة الخليجية في النشاط الاقتصادي واقتراح أفضل السبل الكفيلة بتطوير وتحسين دورها في ممارسة النشاطات الاقتصادية في كل المجالات والقطاعات بما يعزز من وتيرة النمولاقتصادات دول المنطقة. كما يعد مشروع "تنمية المرأة الريفية" أحد المشاريع التنموية التي تتبناها وزارة الزراعة والثروة السمكية بالتعاون مع المنظمة العربية للتـنمية الزراعية وهو يعنى في المقام الأول بتنمية المرأة الريفية بالسلطنة، وقد استطاعت المرأة العمانية إبراز وجودها منذ انطلاقة المشروع في شهر سبتمبر2001م والذي استمر لمدة سنتين، من خلال تأدية مهامها والقيام بمسؤولياتها اتجاه الريف العماني لتحسين دخلها وزيادة مشاركتها في العمل الإنتاجي الزراعي لتطوير واقعها الاقتصادي والاجتماعي والقيام بدورها التنموي على الوجه المطلوب لتنمية المجتمع بشكل عام والمجتمع الريفي بشكل خاص، هذا إلى جانب ما تقوم به من دور فعال لتحقيق الأهداف التي جاء من أجلها المشروع واكتسابها معارف جديدة في مجالات الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي المدره للدخل والتي تمكنها من تحسين وضعها الاقتصادي.
المرأة العمانية ومشاركتها في بناء الدولة
أخبار متعلقة