بريشة فنان الكاريكاتيرالعربي الكبير مصطفى حسين
قال أبو عبدالله غفر الله له: وقد عدت البارحة إلى قراءة مقال بالأمس القريب:"التاريخ من باب الرضاعة"، الذي تحدثت فيه عن فتوى الدكتور عزت عطية، رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، بجواز رضاع الرجل الكبير من زميلته في العمل، من أجل درء الخلوة المحرمة بينهما، خمس رضعات مشبعات، تجيز للزميلة كشف شعرها عند ابنها في الرضاع، وزميلها في العمل، ثم غفوت وأنا أقرأ، فرأيت فيما يرى النائم أن الدكتور عطية، قد وضع أسسا لـ"المدينة الراضعة"، على غرار "المدينة الفاضلة" لأفلاطون. ولجتُ المدينة، فوجدتُ أماكن العمل في القطاعين الخاص والعام، وقد امتلأت غرفاً إلى جانب غرف التدخين، كُتب عليها: غرفة رضاعة، خصصت لإرضاع الزملاء!وخرجتُ من مكاتب العمل، فوجدت الناس في المدينة، وقد التأم أهل اليمين فيهم واليسار إلى بعضهم البعض، فلم تعد قضية قيادة المرأة للسيارة موضع جدل وخلاف وخصام، فقد عمد القوم إلى جعل سائقيهم يرضعون من ربات البيوت، فتحول "السواويق"، وهي جمع سائق بالمحلية السعودية، إلى بضعة من أهل البيت، وبات الناس عندما يستقدمون سائقاً، لا يحتاجون، فقط، لاستخراج أوراقه الثبوتية، إلى فحص طبي يثبت سلامته من الأمراض، بل إلى إقرار بالرضاعة من "معزبته"، والمعزبة هي صاحبة الأمر والنهي في البيت، وهو ما يسميه البعض: إرضاع الكفيلة أمام الجهات ذات العلاقة.ولما انتشر الرضاع بين الناس، أصبح الزواج من نفس المدينة متعذراً، وقد أصبح الناس إخوة بالرضاع، كما هم إخوة في الدين، والوطن، فاضطر من يريد الزواج في مدينة الرضاعة، إلى السفر إلى مدن أخرى، بحثاً عن فتيات لا رضاع بينه وبينهن!وعلى غرار بنوك الدم، وبنوك التسليف، والبنك العقاري، أصبح هناك بنك الحليب، وهو بنك وطني أصوله من زجاجات الحليب، وقد صنفت وبوبت بحسب الحاجة، من أجل إرضاع رجال المدينة، منعاً للاختلاط الممنوع، والخلوة المحرمة!وما كدت أرى الناس في تلك المدينة إخواناً، يجمعهم اللبن، حتى استيقظت من نومي، فوجدت الدكتور عطية وقد تراجع عن فتواه، فهدم مدينة الرضاعة، بعد أن شيدها! [c1]* إعلامي سعودي[/c]