"تعال بكره" هي الجملة التي أصبحت مثلاً في إضاعة كثير من حقوق الناس، فلو ذهبت إلى مكان عمل أوجهة ما للحصول على حق لك، وقالوا لك تعال بكره ستعرف بأن حصولك على ذلك الحق لن يتم إلا بعد "جرجرة" و"مرمطة".هذا ما نراه في كثير من أمور حياتنا، لكن إذا أردت الحصول على حق لك "فلوس" عن طريق شيك صادر من شخص ما لمصلحتك فإنهم لن يقولوا لك تعال بكره ولكن تعالى بعد أسبوع.ومع أن المعروف أن العمل والتعامل مع المال إنما يتم بدقة متناهية سواء من قبل الأجهزة المتعاملة مع المال أو القانون الحامي له إلا أنه في مسألة ما يعرف بجرائم الشيكات فإن المسألة لاتبدو كذلك!كيف؟لقد نصت المادة "311" من القانون رقم "12" لعام 94م بشأن الجرائم والعقوبات.. على أن يعاقب بالحبس مدة لاتزيد عن ثلاث سنوات أو بالغرامة لكل من:1- أعطى شيكاً وهو يعلم بأن ليس له مقابل وفاء كاف وقابل للتصرف فيه.2- استرد بعد إعطائه كل المقابل أو بعضه بحيث لايفي بقيمته.3- أمر المسحوب عليه أي "البنك" بعدم الدفع.4- تعمّد توقيع الشيك بغير التوقيع المعتمد لدى البنك.5- من ظهر شيكاً أو سلمُه لحامله وهو يعلم أن ليس له مقابل يفي بقيمته أو غير قابل للتصرف.عظيم.. لقد حدد أو حصر القانون الأوجه المختلفة لوقوع جريمة الشيك بل وحدد العقوبة كما سبق لنا ذكره لكن المشرع أضاف إلى نص المادة نفسها شرطاً يقول بأنه لاتقع الجريمة إلا إذا لم يسدد الفاعل قيمة الشيك لحائزه خلال اسبوع من تاريخ إعلانه بالسداد.ألا يبدو الأمر غريباً ؟!يعني إذا حصلت على شيك لمصلحتك من شخص ما وذهبت لصرفه من البنك ولم يصرفه البنك لأحد الأسباب الخمسة التي سبق لنا ذكرها وأمام هذا الفعل المخالف للقانون والذي أرتكبه ذلك الشخص في حقك فإن إذا ما ذهبت إلى القضاء "النيابة" لتشكوه فإنهم سيقولون لك أن هذه الجريمة بحقك لم تقع إلا بعد إعلانك لذلك الشخص بالسداد أي " مطالبته" وبعد مرور أسبوع من تلك المطالبة.غريبة.. أليس كذلك.كيف أطالبه وقد اتضحت جريمته برفض البنك صرف الشيك الصادر عنه. ثم أن هذه ا لمطالبة قد تمت من قبلي له بديل صرفه لي ذلك الشيك الغير قابل للصرف ثم ما جدوى الانتظار أسبوع ولماذا أسبوع بالذات لما لاتكون ثلاثة أيام أو عشرة أيام.. باختصار إن هذا الإمهال لايجوز فالجريمة قد وقعت بامتناع البنك عن صرف الشيك لمستحقه لما ارتكبه مصدر الشيك من مخالفة.وإذا ما سرنا على هذا المنوال أي الإمهال فهل يمكن لنا القول بأن جريمة الأعتداء بالضرب لاتحدث حال وقوعها رغم كسر رأس المضروب ولكنها تقع بعد الانتهاء من علاجه.أو أن جريمة السرقة لاتحدث حين وقوعها رغم معرفة السارق والمادة المسروقة إلا إذا تم التصرف من قبل السارق بالمادة المسروقة بالبيع أو غيره. وهل يمكن تأجيل حدوث جريمة الرشوة رغم وقوعها بين الراشي والمرتشي ووضع الأخير لمبلغ الرشوة في جيبه ونشترط عندها إمهال المرتشي أسبوعاًً فإذا أعاد مبلغ الرشوة خلاله لاتقع الجريمة وإذا تصرف بالمبلغ بعد ذلك الأسبوع وقعت الجريمة.إنها شروط غريبة ولاشك.إن الشيك ورقة تجارية صرفية لايرد في مقامها الإمهال كما أن المادة "805" من القانون التجاري لم تتضمن شرط الإمهال ذلك وبما أن نص المادة تم إقراره معدلاً عام 98م وأن نص المادة "311" عقوبات قد قرر عام1994م لذلك فإن شرط الإمهال يكون والحال هذه شرطاً غير قائم.المحامي/ وليد شاذلي
شرط غريب في جرائم الشيكات
أخبار متعلقة