إنصاف تاريخ الثورة 2- 3
بقلم / نصر صالح لقد صارت مرحلة ( الشرعية الثورية ) شيئاً من الماضي ، بانتقالنا إلى واقع جديد / هو مرحلة ( الشرعية الدستورية) منذ أول العقد الأخير من القرن الماضي بتحقيق أهم أهداف ثورتي14 أكتوبر 1963م و 26 سبتمبر 1962م المجيدتين ( وقد اصطلحنا على جمعها في مسمى واحد هو / الثورة اليمنية ) ذلك الهدف الأهم : توحيد اليمنين في يمن واحد ، ومن جميل حدث تحقيق هذا الهدف ان ترافق معه نهج حكم جديد تمثل بالديمقراطية .إن منطق تطور الأشياء يفترض ، بل يجزم أن المرحلة هي ( مرحلة الشرعية الدستورية ) بكل معانيها التفصيلية ، مايوفر شيئاً من الايجابية العلمية الأكاديمية المهنية على كتابة تأريخ الثورة اليمنية فينصفها .فهل واقع الحال كذلك ؟أم أننا لانزال تعيش في أذهاننا ( ارتدادات ) مرحلة (الشرعية الثورية ) .[c1]* مثالب :[/c]من مثالب مرحلة ( الشرعية الثورية ) أنها لاتنصف تأريخ الثورة دائماً .. ففيها يعمد إلى صوغ الإحداث ، وإلى تشكيل صور الوقائع بما يوافق ( هوى ) القوى التي أمكنها السيطرة على مقاليد سلطة الثورة ( بوجه حق او بغيره ) وبالعادة يكون ذلك تحت مبرر ( حماية الثورة ) و ( ترسيخ توجهها ) بفرض نشر ( أيديولوجيتها ) على كل المجتمع ، يحدث هذا مع ثورتنا كما يحدث مع ثورات كل العالم ، معها رفعت هذه الثورة او تلك من شعارات براقة من مثل تحقيق الديمقراطية والمساواة ، والاشتراكية إلى ما هنا لك من الشعارات التي كثيراً ما تكون مجرد يافطات بلا مضمون حقيقي على الأرض .. إلا فيما ندر منها ، كمثل الاشتراكية والتقدمية التي نفذتها فعلياً بعض الثورات أعطت العامة أشياء وحرمت الكافة من أشياء ( على كل لسنا - هنا - في معرض تقييم هذه التجارب ، وان كانت جديرة بأن تبحث وتقيم وتوثق بموضوعية تامة ) .[c1]* تأكل أبناءها : [/c]واقع معظم السلطات الثورية تعمد الكتمان ، ودفن أسرارها .. من مثل الأسرار المتعلقة بحقيقة انطلاق الثورة فيها ، الدوافع والنيات الحقيقية ، وجهات الدعم والتحريض وغير ذلك .. ومن مثل الأسرار المتعلقة بتمكينها الوصول إلى السلطة ، أو سيطرة فريق منها دون الآخر على السلطة .. ومن مثل دفن أسرار متعلقة بأدوار أبطال رواد في الثورة .هذا إذا لم تلجأ سلطة الثورة المنتصرة إلى دفن هؤلاء الرواد أصلا .. يحدث ذلك في جميع الثورات ، ولو لم يكن الحال كذلك لما كان اضطر رائد مثل فولتير ( مفكر وفيلسوف الثورة الفرنسية أو آخر القرن 18 ) إلى المجاهرة بالقول : ( الثورة يخطط لها العظماء ، وينفذها الشجعان ، وينجح فيها الجبناء ) .. ولما اضطر قائد ثورة 23 1952م المصرية ، إلى ترديد المقولة نفسها ذات يوم من أو آخر خمسينات القرن العشرين . [c1]* سبتمبر : [/c]الكثير من كتب تاريخ ثورة 26 سبتمبر 1962م ، لاسيما الكتب او الكتابات التي صدرت عن الشخصيات القيادية ، يغلب عليها طابع تسجيل الذكريات الشخصية ، إلا فيما ندر ، وباستثناء الكتب الصادرة عن مراكز الدراسات المتخصصة ، وحتى هذه الأخيرة ، رغم إتباعها المنهج العلمي الأكاديمي في تسجيل الإحداث الوقائع ، فكثيراً مايتم تناولها وعرضها تحت تأثير التوجه السياسي والأيديولوجي لهذا الكاتب وذاك ، فضلاً عن ضوابط النشر التي تلزم نفسها بها مراكز الدراسات او دور النشر بما ينسجم توجهاتها السياسية . وبالعودة إلى كتابات الصف القيادي ، وكذا الشخصيات التي كان لها دور مشارك على نحو في ثورة 26 سبتمبر تجد فيها روايات مختلفة لنفس الواقعة او الحدث .. ولكأن كل يروي الواقعة بحسب وجهة نظره او انطباعه تجاهها ، لا كما صارت في الواقع .. مثل هذا تجده فيما رواه الضباط الأحرار أنفسهم عن إحداث قيام الثورة في كتابهم ( أسرار ووثائق الثورة ) ألفه بعض الضباط الأحرار .. فعندما تقارن رواياتهم - مجتمعين - في الكتاب مع ماينشر عنهم في المقابلات الصحافية - فراداً - تجد بعض الاختلاف وفي تفاصيل مهمة لهذه الواقعة او تلك .. وتحار ايها الرواية الدقيقة . وألفت - هنا - إلى تغطية صحافية مثيرة ومتميزة كان حقق زميلان من صحيفة الثورة قبل بضعة سنوات وابرز التحقيق التباين والاختلاف في روايات عدد من الشخصيات ذات العلاقة حول نفس الواقعة . [c1]* العجب : [/c]إن أكثر مايبعث على العجب أن يوم الإعلان عن ثورة 26 سبتمبر 1963م كما نردده منذ أن وعينا على الثورة انه كان يوم الخميس صباحاً .. والواقع بحسب التقويم الميلادي الشمسي أن يوم الخميس وقع فيه تاريخ 27 سبتمبر في ذلك العام.وقد كان لفت إلى هذا ( اللبس ) الفقيد الأستاذ عمر الجاوي منذ زمن حياته رحمه الله ، بحسب الأستاذ / سعيد احمد الجناحي في كتابه ( أربعون عاماً على الثورة ) الذي كان أصدره في العام 2002م .
