الجفاف يشجع الهجرة من الريف إلى المدن
صنعاء/ رويترز :في الوقت الذي يواجه فيه اليمن مناخاً يزداد جفافاً ونمواً كبيراً في السكان، إضافة إلى تحديات سياسية عديدة، تتقلص المحاصيل الزراعية مع تراجع سقوط الأمطار وتتناقص مياه الآبار. وسيزيد التغير المناخي الضغط على الدولة التي تعوزها الأموال، ولم يعد المزارعون وهم يشكلون (70 %) من تعداد السكان يستطيعون العيش على المحاصيل التي يزرعونها ويتدفق الشبان من الريف على المدن بحثاً عن عمل يعولون به أسرهم، فقد جعل نقص المياه وانخفاض مخزون المياه الجوفية بسبب الإفراط في استخراجها الزراعة مستحيلة في العديد من المناطق. وقال مزارع في قرية بيت البروي غربي صنعاء يدعى محمد ناصر إن الزراعة تراجعت في القرية بسبب قلة الأمطار، إضافة إلى عدم كفاية الأرض الزراعية للأنفس المقيمة داخل الأسر، ما أدى إلى هجرة المواطنين من الريف. ووفقاً للمعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء الذي يقدم المشورة للحكومة اليمنية فإن ثلث سكان اليمن البالغ تعدادهم 23 مليوناً يعيشون بلا أمن غذائي. ومن المتوقع أن يعاني المزيد من السكان من الجوع في المستقبل مع زيادة سكانية تصل إلى 3 % في العام وقلة المياه, ويقول خبراء أن صنعاء مرشحة لأن تكون أول عاصمة تجف فيها موارد المياه ، بحلول عام 2050م وبحلول هذا العام يتوقع خبراء المعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء أن ترتفع أسعار الحبوب على مستوى العالم بما بين 39 و 62 % دون وضع تأثير التغير المناخي في الحسبان والذي قد يزيد الأسعار بنسبة تتراوح بين 32 و 111 % ويستورد اليمن 70 % على الأقل من المواد الغذائية التي يحتاجها. ويقول مزارع يدعى حميد المساجدي ( 35 عاماً ) من قرية بيت المساجدي إن المزارعين يعتمدون على القمح المستورد لتأمين احتياجاتهم. ويؤكد مزارع آخر يدعى علي يحيى صالح من قرية بيت البروي أن غالبية الأسر في المنطقة تعيش على القمح المستورد أكثر من أي شيء آخر. ويكلف القمح اليمنيين ما يصل إلى 250 دولاراً للطن ويمكن لارتفاع الأسعار أن يزيد من التوترات في مجتمع ينتشر فيه السلاح ويعيش نحو نصف سكانه على دولارين أو أقل في اليوم. والبطالة آخذة في الارتفاع في دولة يعتمد اقتصادها على تصدير النفط بينما بدأت الموارد النفطية تقل . ورأى وكيل وزارة الزراعة عبدالملك الثور أن هناك حاجة لأن يصبح استخدام المياه أكثر فاعلية. وأضاف أن « اليمن أفقر دولة في العالم في مجال المياه ولسوء الحظ ثلث كمية المياه التي تستخرج من الأحواض الجوفية تستخدم لزراعة القات، إلى ذلك أننا نزرع أشجاراً مستنزفة للمياه مثل الموز». ووضعت حكومة اليمن خطة لتحسين الزراعة التي تستهلك 90 % من المياه وتنويعها وإبعادها عن زراعة القات الذي يهيمن على حياة الناس في اليمن » . وأوضح الثور أن « إستراتيجية كيف نحقق أمنا غذائياً، تتحقق بجزء من الإنتاج وجزء كبير من تغيير أنواع المحاصيل والأنماط الزراعية بحيث ننتج أشياء نحن محتاجون لها والجزء الثالث يغطى عن طريق الاستيراد وتأمين الغذاء في البلاد» .ويتفق الخبراء على أن اليمن لن يستطيع أن يزرع كل ما يحتاجه من غذاء والزراعة تستهلك موارد مائية ثمينة يدور حولها بالفعل صراع بين اليمنيين وهي موارد حيوية للاستخدامات المنزلية والصناعية مستقبلاً. ويرى خبراء أن الأمن الغذائي يمكن أن يتحقق من خلال تنمية اقتصاد يوفر دخلاً كافياً لتغطية نفقات استيراد الطعام ويعد التصنيع والتعدين من البدائل للزراعة كما يمكن للسياحة في اليمن الذي يشتهر بمعماره التقليدي وجباله الوعرة أن توفر فرص عمل وعملة صعبة، لكن مثل هذه الخطط التي تحتاج إلى استثمارات كبيرة من القطاع الخاص تبدو خيالية نظراً للمشاكل الأمنية التي تحيق باليمن.