صباح الهريشهذه إحدى مشاكل المغتربين في دولة الصين الشعبية حيث القانون يمنع دفن موتى الأجانب في حدود دولتهم وأنت مخير بين حرق الجثة من قبل السلطة على حسب قولهم أو دفع تكاليف باهظة جداً جداً لترحيلها إلى الوطن.وكم من أمثلة ما زالت محفورة في الذاكرة.. مادمت حية لن أستطيع أن أنساها فقد فقدنا أسرة مكونة من زوج وزوجة في حادث اختناق في الغاز وانتهى أجلهم حين أراد المولى عز وجل وكانت خسارتنا لأخوين عزيزين صدمة لكل مغترب يمني أو غير يمني مسلم بفقدانهما في وقت نحن هناك والغربة تتضامن مشاعرنا كأسرة واحدة.. رغم الحزن الذي أصابنا على الفقيدين إلا أننا والحمد لله مؤمنين بقضاء الله وقدره لكن كانت لنا في المرصاد مفاجأة مذهلة لم تترك لنا المجال للحزن والأسى بل تركت مجالاً للخوف والألم.. كانت المفاجأة أن المستشفى ترفض أن تسلم الجثتين إلى الجالية لدفنهما في الدولة وتصر على أن القانون لا يسمح بدفن جثث الموتى الأجانب سوى المقيمين أو الزائرين لعمل أو للمعالجة في حدود الدولة والحل هو إما أن تسلم الجثث لترحيلها إلى الوطن وبتكاليف مهولة وإما أن يتم حرق الجثتين حسب تقاليد الصين الدينية على ما أظن .ظلت قلوبنا محقونة بالأسى والألم والخوف يزفنا إلى خوف والعين لا تجف من هول ما تخيلنا قد يحدث لأخوين منا.. وما قد يحدث لنا إذا ما وافانا قدرنا في غير موطننا ويا هول الكارثة والفاجعة لأهالي الفقيدين ، ألا يكفي أن مصاب الوالدين بفقدهم لفلذات أكبادهم في غربة في غير موطنهم في أرض غير أرضهم في مكان كان وما زال البعد هو المتحكم في كبت مشاعرهم فما بال لو سمع الوالدان بأن ولديهما قد تم إحراق جثتيهما إنها كارثة بمعنى ما تحمله من اسم.لم يهمد جفن إنسان يتقلد على عاتقه كلمة الإنسانية بكل معانيها.. بل ظلت محاولتهم واجتماعاتهم لإيجاد حل لدفن الجثث وبدون يأس أو حتى التفكير باليأس كان مستحيلاً بل كان الإصرار يدفع الشباب وإصرار السلطة وسطوت القانون تزداد وتحاول المستشفى أن تقنع الجالية بعدم المحاولة لأن ذلك مخالف للقانون..وهكذا بعد جهود لو ذكرتها ما انتهيت استطاع الشباب إخراج الجثث على مسئوليتهم وذلك بالتحايل على المستشفى وتم دفن الجثث سراً وهذا مخالف للقانون ويجعلهم محل مسؤولية ولكن كانت مسئولية الواجب هي الدافع الأكبر أمامهم.تمنى كل فرد منا الرجوع إلى وطنه وتحمل أعباء الرجوع .. وبدءنا نعاني من الخوف بقدوم موت جديد وأن نعيش مأساة جديدة نعاشر معها القلق معاشرة حسنة والأسئلة تكثر في رأس كل منا هل يا ترى نستسلم أم مع كل هذه الاستغاثات والجهود دولنا ستجد لنا حل مع السلطة الصينية.. وكيف سنجد وسيلة نوصل بها مأساتنا اليها و من يستطيع أن يشارك في الحل قبل أن تحل مأساة جديدة وهذا ما حصل فعلاً.. بأن فقدنا زائر أتى للعمل ووافاه الأجل هناك وبدأنا فعلا هذه المرة نعاني من تشدد إدارة المستشفى هذه المرة أكثر فقد رفضت تسليم الجالية جثة الرجل لنفس الأسباب وبدأ مشوار جديد للجالية ومحاولتهم واستنجادهم بالسفارة والاتصالات إلى كل من يهمه أمر المغتربين ولكن دون جدوى.. كم كنت أتمنى أن أسرد جهود الجالية بالتفصيل ولكن ما عملته الجالية في سنوات لا أستطيع أن أختصره في صفحات وهكذا بعد أن مرت شهور على وجود الجثة في الثلاجة تخرجها الجالية على مسئوليتها ويدفن بنفس الظروف المشابهة ولكن في كل مرة تزداد الإدارة حرصاً وتشدد وتشبث بالقانون الذي يظل سيفاً مسلطاً على رقابنا يطاردنا في بلد لا يتهاون أمام أي مبررات دينية أو إنسانية لخرق القانون!!المشكلة والخوف يزفنا إلى خوف .. فهناك أيضاً من يحضر للعلاج ومنهم ــ يموت بحوادث ويضطر الأهل لدفع تكاليف باهظة ويتكبد خسارة على خسرانه لأحد فلذات كبده وأحبائه من الأبناء إلى الأخوة أو الآباء والأمهات وخسارة مالية لا يستطيع أن يقف على قدميه مرة أخرى بعدها .صرخنا بقلب واحد نريد حلاً ومع أنه لم نسمع مجيب.. فلم تيأس الجالية حتى الآن، بمحاولاتها.. فأذكر أن وفد من الجالية اليمنية قد سعى لمقابلة فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية ـ حفظه الله ـ أثناء زيارته إلى الصين وبثت الجالية شكواها وعلى رأس هذه الشكوى تخصيص مقبرة ندفن فيها موتانا .. لم نطلب المستحيل فهناك مسلمين صينيين يتم دفنهم وليس إحراقهم فنحن نريد تصريح بدفن موتانا حتى في مدافنهم !! نحن نستغيث فالقدر يحصد منا إما بحوادث و إما بمرض ونحن لا يوجد بأيدينا حل ولكن كما يبدوا أن الدوائر المعنية لم تتابع التوجيهات بهذا الخصوص.والخوف بأن تفاجئنا السلطة بتشدد أكبر يصل إلى الرفض التام ثم إحراق الجثث كي نظل نرافق الألم طول حياتنا.. هذا عنا وماذا عن أهالينا في الوطن فعلى كل أب وأم وأخ أن يتخيل ما قد يصيبه إذا بلغ بحرق جثة أحد عزيز عليه من أقارب أو حتى معارف وإلى الآن توجد جثة في ثلاجة المستشفى تشددت السلطة بعدم إخراجها والكل يتوقع فعلاً ذلك الرد برفض السلطة تسليم الجثة وتصر على أن ترحل الجثة وإذا لم تستطع الجالية تدبير التكاليف تحرق الجثة.. فهل يا ترى سيستمر التكاتف بين أبناء الجالية اليمنية والإخوة من غير الجالية اليمنية العربية وحتى نحظى بمراسم دفن تكرم موتانا وفق ما أمرنا الله في شريعتنا ؟!إلى متى يا ترى الجهود والمحاولات مع دولنا لإيجاد الحل.؟وهل سيأتي الفرج ؟.. أم سنظل نعاني من هذه المأساة ؟؟التي لربما غداً أو بعد غد لن يجد أحد فيها ما يثير الاستغراب حولها حتى ؟! " أنقذونا " هذه دعوة أوجهها، إن بقى هناك شيء من واعز أو ضمير إنساني وديني ووطني لدى أعضاء مجلس النواب الأعزاء لتجد هذه الصرخة صدى فيهم ولمنظمات المجتمع المدني لتساند إخوانهم في المهجر وتدافع عن حقهم هذا أم أنه لن يعد هناك شيئاً قد تبقى من ذلك ؟!!فإذا كان إتباع الديانات السماوية المسيحية واليهودية وغيرها منظماتهم التي ترعاهم قبل ولادتهم وأثناء حياتهم وفي أماكن ومقاصد مهاجرهم فأين هي تلك المنظمات الوطنية والعربية والإسلامية وفي مقدمتها منظمة المؤتمر الإسلامي مما يتهددنا هنا .. أن نولد و نحيا مسلمين ونموت وعلى الطريقة البوذية في حريق الصين العظيم.
|
آراء حرة
أنقذوا جثث موتانا من الحرق في الصين
أخبار متعلقة