الشيخ حسين فضل الله :
بيروت / متابعات :قال المرجع الشّيعي الاعلى في لبنان الشيخ محمد حسين فضل الله، إنّ الأغاني، لا تدخل في باب المحرّمات، إذا ما لامست القيم الإنسانيّة والفكرية العميقة في مضمونها، وترافقت مع موسيقى راقية، بينما يحرّم قطعاً تلك الأغاني التي تمجّد الطّغاة والأنظمة الاستبدادية.وحسم السيّد فضل الله في حديث خاص نشرته صحيفة ( ايلاف ) السعودية الاليكترونية التي تصدر من لندن في عددها الصادر امس الخميس ، مسألة حسّاسة تتعلّق بصوت المرأة، الذي لا يعتبره عورةً، بل يشرّع للمرأة الغناء إذا ما كانت الأغنية تحمل تلك المعاني السّامية، مستشهداً بتجربة الدّولة الإسلاميّة في إيران، في هذا المجال، حيث تبث الإذاعات ومحطّات التلفزيون الأغاني. ويضع السيّد فضل الله خطاً عاماً لتحريم الأغاني وتحليلها، ويترك للقارئ تصنيف الأغاني في هذا الإطار من دون الدّخول في الأسماء والتفاصيل، وإن كان يحرّم بشدّة موسيقى الجاز التي تدمّر الأعصاب وتؤثّر سلباً في المستمع.وقدم الشيخ فضل الله تعريفا للغناء بوصفه ترجيع الصّوت وتمديده، مشيرا الى ان كل حالة من الحالات التي يردد فيها الصوت من خلال تمديده وترجيعه، تسمّى غناءً. كما يصف الطرب باته ليس دخيلاً في الغناء، فهناك غناء مطرب وغناء غير مطرب، لذا يمكن إعطاء صفة الغناء لكل طريقة في إطلاق الكلام، سواءً كان شعراً أو نثراً، بأسلوب التّرجيع والترديد. ويرى فضل الله ان الغناء (( ينطلق من طريقة أداء الصّوت، أو طريقة تحريك الكلمة، وهذه تختلف حسب اختلاف الصوت، والصوت الملحن أو المنغّم، يعطي للكلمة في نفس السامع التأثير العميق الذي قد يؤدّي إلى بعض النّتائج على مستوى الإحساس الشّعوري في هذا المجال، فعندما يكون الكلام، كلام حق، كلام خير مفيد ونافع، فمن الطّبيعي أنّ اللحن يؤدّي دور تعميق هذه المعاني في النّفس، بحيث يتفاعل معها الإنسان، فإن كان الكلام كلاماً طيباً، خيراً، موحياً، نافعاً، تتعمّق هذه المعاني في النّفس، أمّا إذا كان هذا الكلام كلاماً سلبياً، بحيث أنّ فيه دعوة للشر، للهدم، للحقد ولكل ما هو حرام عند الله، هذا أيضاً يترك تأثيراً في النّفس، بحيث النّفس تستوعب كل هذه المعاني، وبالتالي فإنّ الإنسان يمكن من خلال هذه المؤثّرات أن يندفع لتنفيذ هذه الأمور الكامنة في النّفس من خلال الأغنية )) .وبحسب رأي الشيخ فضل الله لا يوجد في العالم العربي بالإجمال أغان تدعو إلى الشّر بعبارات صريحة، كما هو الحال في الغرب ، لكنه يستدرك ويقول (( ان ثمّة أغان تصنّف ضمن خانة الأغاني الوطنيّة، في حين أنّها تقوم على تمجيد زعيم ديكتاتوري، كما هي الحال في بعض الدّول العربيّة.وثمّة أغان وطنيّة تربط الإنسان بالمعاني الإيجابيّة للوطن، مثل ركن الدّفاع عن الوطن، الالتزام بالحريّة والاستقلال وما إلى ذلك، هذه أغان قطعاً ليست محرّمة. لذلك نتفاعل ونشجع الغناء الذي يتضمّن التغزّل بالطّبيعة، والحنين إلى الوطن والأهل، والحنين إلى الأهل وما إلى ذلك، والغناء الذي يرتفع بالرّوح، الغناء الصّوفي مثلاً، الذي يفتح أفق الإنسان على الله سبحانه وتعالى، وعلى كل الأغاني الرّوحيّة، في هذا المجال)) .وردا على سؤال حول موقف حزب الله اللبناني من العناء في حالة سيطرته على الحكم قال الشيخ فضل الله : (( لننظر قليلاً إلى تجربة إيران في هذا المجال، فالغناء ليس محرّماً، عندما ندرس أشعار الفردوسي، وعمر الخيام وإقبال وغيرها، نرى أنّ ثمّة أشعار فلسفيّة، وحتّى أنّ الموسيقى التي ترتفع بالروح وتسمو بها، مثل موسيقى شوبان وموزار فهي ليست محرّمة، ونحن عموماً نقول أنّ الموسيقى الكلاسيكيّة ليست محرّمة، كذلك الموسيقى التي تهدئ الاعصاب وترتقي بالرّوح، وتحتوي على عناصر ثقافيّة، بحيث أنها تثقف الرّوح بما توحي به، فهي حتماً ليست محرّمة )).وحول رأيه في الموسيقى وتحريم بعض التيارات الاسلامية المتشددة للموسيقى يقول الشيخ فضل الله ان استخدام الالات الموسيقية ليس محرما ُ، لكن إذا استعملت في الحلال فهي حلال، وإذا استعملت في الحرام فهي حرام ، مشيرا الى بعض الفرق الموسيقيّة التي يستخدمها تلفزيون " المنار" التابع لحزب الله في لبنان، كما التلفزيون والإذاعة الإيرانيّة يذيعان أغاني راقية جداً وألحانا جميلة.ويخلص الشيخ فضل الله الى ان (( الفن أي فن سواء كان الفن المغنى، أو التمثيل، أو الرسم أو الشعر، إنما هو من أجل مصلحة الإنسان، فإذا اقترب ممّا يفسد الإنسان، يفسد نفسيّته وسلوكه ومشاعره وأحاسيسه، فهناك ضرر في هذا الموضوع. لماذا تمنع المخدّرات في العالم؟ لأنّ لها تأثيرات سلبيّة، بهذا المعنى، فإنّ كل شيء يؤدّي إلى أثاء سلبيّة، بحيث أن ضرره أكبر من منافعه هو محرّم )).وتناول الشيخ فضل الله بعض الاصوات النسائية التي قدمت و تقدم غناء راقيا مؤكدا ً على (( ان صوت المرأة ليس عورة، ويمكن للمرأة أن تغنّي أمام الرّجل إذا كانت الأغنية ممّا سبق واتفقنا على أنّها تدخل في إطار الأغاني الراقية والملتزمة)) .ويعترف الشيخ فضل الله بأن بعض الاسلاميين المتشددين قد يعتبرون كلامه متفلّتاً، وفيه انقلاباً على مفاهيم الإسلام وبضيف قائلا ُ : (( هناك أناس يعارضون تفكيري في هذا المجال، وهذا ليس فقط رأيي، بل هناك الكثير من المراجع الدّينيّة والعلماء الأتقياء جداً، الذين يرون أنّ مشكلة الغناء إنما هو بالمضمون وليس باللحن فقط )) .ويرى فضل الله ايضا ً (( ان بعض أغاني اليوم من دون شك هابطة، وذات مستوى متدنّ، في حين أن أغاني الماضي كانت تحمل قيمة شعرية وموسيقية )) مشيرا الى انه التقى بعدد من الموسيقيين هنا، قالوا له أنّهم لا يؤمنون بالأغاني الهابطة، لأنّ دائماً مضمون الأغاني يمثّل قيمة فكرية وروحية وثورية وإنسانيّة .