على خلاف الشائع يأتي معنى الإرهاب في القرآن الكريم كأداة للاصلاح والسمو الخلقي وكسبيل لتحقيق السلام .وعلى خلاف الشائع يأتي مفهوم الارهاب ومشتقاته فى سياق الالتزام بالوصايا العشر التى جاءت فى الكتب السماوية ، والالتزام بكل أوامر الله جل وعلا التى تحض على العدل والإحسان وتنهى عن الفحشاء و المنكر والبغى ، وفى إطار التمسك بأنه لا إله إلا الله جل وعلا . وفي هذا السياق يأتى النصح و التحذير بأن نخاف و(نرهب) الله جل وعلا ، وفي هذا الإطار نفهم قوله سبحانه وتعالى لبني إسرائيل :(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) (البقرة 40 ).وهم إن خافوا الله جل وعلا وشعروا بالرهبة منه أطاعوه وتمسكوا بحسن الخلق ، ولذلك فان الذين يرهبون الله جل وعلا هم الذين يتمسكون بكتابه و يلتزمون بأوامره ، وهذا ما جاء وصفا للمتقين من أصحاب موسى : (وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ) ( الأعراف 154 ).وللبشر جميعا يقول الواحد القهار (وَقَالَ اللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) أي يجب على البشر الخشية من الله جل وعلا و الخوف من عقابه فلا يتخذون معه إلهاً آخر . ولأن الرهبة والتقوى مترادفان بمعنى الخوف فإن الآية التالية تقول تكمل الموضوع :( وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ ) ( النحل 51 : 52). أي فلله جل وعلا ملك السماوات والأرض ، واليه جل وعلا يرجع الأمر في الدين ، فهو وحده الذي يحاسب الناس على عقائدهم وعباداتهم ومكنون أسرارهم ،أي له وحده الدين دائما ، واليه وحده الحكم بينهم في اليوم الآخر الذى هو يوم الحساب ( الدينونة ) أو ( يوم الدين )، وبالتالي لا مجال للكهنوت الذي يزعم التوسط بين الله جل وعلا وبين الناس ، ويزعم انه يتحدث باسم الله أو يحكم باسم الله أو يشارك الله جل وعلا في الحكم والأمر ، فلله جل وعلا وحده الخلق والأمر : ( أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) ( الأعراف 54 ).فالخوف من الله جل وعلا يجمع مفهومي التقوى والارهاب ، والتقوى بمعنى الخوف جاءت في قوله سبحانه وتعالى ( وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ) ( آل عمران 130 : 131) أي نتقي الله تعالى و نتقي عذاب النار ،أو بمعنى آخر نرهب الله جل وعلا ونرهب عذاب النار. والمؤمن الذي يرهب الله جل وعلا ويتحسب ليوم القيامة وويشعر بالرهبة من عذاب الآخرة لا بد ان يلتزم في حياته الدنيا حسن الخلق مع الناس وتأدية العبادات لله تعالى وحده و تنقية عقيدته من تقديس المخلوقات من البشر و الحجر . وهذا هو دور مفهوم الارهاب في الاصلاح و السمو الخلقي بالناس . وكان أنبياء الله جل وعلا أفضل الناس خلقا لأنهم كانوا أكثر الناس رهبة من الله وأكثر الناس طمعا في رحمة الله ،وكانوا عليهم سلام الله يدعون الله ويرجونه رهبة ورغبة ، يقول جل وعلا عن طائفة من أنبياء بني اسرائيل : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) ( الأنبياء 90 ). أي بسبب ( الارهاب ) كانوا يسارعون في عمل الخيرات ، ولولا أن النار تنتظر من يستحقها، ويرهبها المؤمن لما التفت الى المسارعة في الخير . وتدور نصائح رب العزة والدعوة في القرآن الكريم بين الانذار والتبشير ، او بالمصطلح التراثي (الترغيب و الترهيب ) ، وبهما معا يسير المؤمن خطاه في هذه الدنيا ، إذا لاحت له المعصية شعر بالرهبة من الله جل وعلا، فأسرع باصلاح نفسه رهبة وخوفا من العذاب في الدنيا والآخرة . وإذا عمل عملا صالحا استبشر خيرا ورجا قبول هذا العمل ليدخل الجنة موقنا أن الله جل وعلا لا يضيع أجر من أحسن عملا ،وأنه تعالى لا يخلف وعده أبدا. أما المعتدي الباغي الظالم العاصي فلا يخشى الله جل وعلا ، ولا يرهبه، لذا يظل سادرا في عصيانه يظن أنه لن يموت ، وحين تأتيه ملائكة الموت عند الاحتضار يصرخ طالبا مهلة أخرى على أمل أن يصلح من شأنه ، ولكن عبثا ما يطلب ، يقول تعالى : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ َلعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون 99 ــ 100) ( وانفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) ( المنافقون : 10 ، 11 ) .هذا المعتدي إن كان دولة متعدية باغية فلن تتورع عن الهجوم على جارتها إن كانت الجارة دولة ضعيفة ، لذا لابد لتلك الدولة الضعيفة أن تستعد بكل ما تستطيع من قوة ـ لا لتعتدي ولكن لتحمى حدودها من تلك الدولة الكافرة المتعدية الباغية المعتدية . والدولة الاسلامية الحقيقية لا تعتدي على أحد ، ولا تدخل في حرب إلا مضطرة لتدافع عن نفسها ، وحتى تكون في أمن وحتى يتحقق السلام وحتى تردع تلك الدولة المتعدية الطامعة فلا بد للدولة الاسلامية من أن تكون قوية على أتم استعداد للدفاع ، وبهذه القوة تؤسس السلام لأنها تردع و ( ترهب ) الدولة المعتدية فلا تفكر في العدوان وبسياسة الردع هذه يتم حقن الدماء هنا وهناك ،ويتحقق السلام .أحد مشائخ الارهاب قال في اليمن قبل خمس سنوات انه لا يمكن إدانة الارهاب لأنه موجود في القرآن !!؟؟ ثم تساءل هذا الشيخ (فض الله فاه ) قائلا : هل نلغي القرآن حتى نحقق مطلب الامم المتحدة بادانة ومكافحة الارهاب ؟) والغريب ان الآية التي استدل بها ليبرر الارهاب تحمل عكس المعنى الذي اراد تمريره وتدليسه.. لأن مصطلح الارهاب أي الردع وتخويف العدو الباغي يعني السلام .من هنا نفهم أن مصطلح الارهاب أي الردع وتخويف العدو الباغي يعني السلام .. ومن هنا أيضا نفهم قوله جل وعلا :(وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ ا للَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) ( الانفال 60 ) فإن جنحت تلك الدولة المعتدية َللسلام ــ حتى لو تظاهرا وخداعا ــ فإن على الدولة الاسلامية قبول السلام ، توكلا على الله جل وعلا وأملا في نصره وتأييده ، تقول الآية التالية ( وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وقوله تعالى : (وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ) ( الأنفال 60 : 62) أي أن الارهاب يعني السمو الخلقي للافراد كما يعني التمسك بالسلام بالنسبة للدول . وهذا يتناقض مع الفهم الشائع لمصطلح الارهاب في عصرنا .يقول تعالى للبشر جميعا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ : الحجرات 13 ) أي انه خلقهم جميعا من أب واحد وأم واحدة ، أي هم إخوة ينتمون لنفس الأب والأم ، وقد جعلهم أجناسا مختلفة وشعوبا مختلفة لا ليتنازعوا ويتقاتلوا ولكن ليتعارفوا ، والتعارف لا يكون الا بالعلاقات السلمية والتلاقي الحضاري وقبول الآخر والاستفادة من تجربته الانسانية وتراثه الحضاري ، والانفتاح على ثقافته والتسامح في الاختلاف معه ايمانا بأن التنوع مطلوب لازدهار الحضارة العالمية الانسانية، اما من ناحية التدين فان أكرم الناس عند الله تعالى هو الأكثر تقوى ، وليس الاكثر ثروة او جاها او ذكاءا أو علما او حسبا ونسبا اوجمالا أو صحة او شبابا. وهذه التقوى سيكون مرجع الحكم عليها لله تعالى وحده يوم القيامة ، ومن يزعم تزكية نفسه الآن فقد عصى الله تعالى الذي قال (فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) النجم 32 )اذن ليس في الاسلام المقولة الوهابية التراثية التى تقسم العالم الى معسكرين ، وتحتم الجهاد ضد المعسكر الآخر باعتباره .. ( دار حرب) في مقابل ( دار الإسلام ) ، وعليه فإن مفهوم الآخر في الاسلام ــ في ضوء ما ذكره القرآن الكريم عن الكفار والمشركين وقتالهم والجهاد ضدهم ــ هو كل معتد غاشم ، وكل مستبد ظالم ، و كل إرهابي يذبح الأبرياء والمسالمين ويقتل المخالفين بالفتاوى القاتلة والسيوف الحادة والأحزمة الناسفة والسيارات والأجساد المفخخة.هنا نؤكد ما سبق قوله من أن معنى الاسلام في السلوك هو السلام في الأرض وهو في العقيدة الاستسلام والانقياد لله تعالى وحده. المسلم في العقيدة هو من يسلم لله تعالى وجهه وقلبه. وجوارحه ، وذلك هو معنى الاسلام العقيدي القلبي الذي يرجع الحكم فيه لله تعالى وحده يوم القيامة ، و ليس لمخلوق أن يحكم فيه وإلا كان مدعيا للألوهية متقمصا لدور الله تعالى رب العزة ومالك يوم الدين.المسلم في السلوك هو كل انسان مسالم لا يعتدى على أحد ولا يسفك دماء الناس ظلما وعدوانا. وهذا هو المجال الذي نستطيع أن نحكم عليه ، فكل انسان مسالم مأمون الجانب هو مسلم بغض النظر عن عقيدته واتجاهه ومذهبه وفكره ودينه الرسمي. تشريعات الجهاد في الاسلام هي لرد العدوان فقط ، والاستعداد للقتال هو لارهاب العدو المعتدى وتخويفه وردعه مقدما حتى لا يقوم بالاعتداء، أي هي لحقن دماء العدو والدولة المسالمة أيضا، حتى لا يغتر الخصم الراغب في الاعتداء على العدوان متشجعا بضعف الدولة المسالمة. ومن هنا فان مصطلح الارهاب في القرآن الكريم الوارد في قوله تعالى (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) الأنفال 60 ) يختلف عن مفهوم الارهاب في عصرنا الذي يعني الاعتداء وقتل المدنيين والمسالمين. وقد تكررت بحوث لنا في هذا الموضوع تثبت ان الاسلام هو دين السلام ، وأن الارهابيين هم الذين انتهكوا تعاليمه السلمية، وهم بذلك ينطبق عليهم بسلوكهم مصطلح الكفر والشرك بالمفهوم القرآني الاسلامي. الشرك والكفر بمعنى واحد في مصطلحات القرآن ، وهما معا لهما معنيان حسب العقيدة والسلوك ، وكلا المعنيين يناقضان معنى الاسلام في العقيدة والسلوك. الكفر ـ أو الشرك ـ في العقيدة يعني اتخاذ آلهة أو أولياء مع الله. والتدين العملي للبشر ـ خصوصا المسلمين ـ ممتلىء بتقديس البشر والحجر ، مع اعلانهم أنه لا اله الا الله. ولكن بغض النظر فان كل فريق يعتقد أنه على الحق ويتهم الآخرين بأنهم على الباطل. لذا فمرجع الحكم بين الناس فيما هم فيه مختلفون انما يكون لله تعالى يوم القيامة ، فهو جل وعلا القاضي الأعظم ، وقد اختلف الناس في ذاته وصفاته ونسبوا له كذا وكذا ، لذا فهو الذي سيحكم في هذا الأمر ، وليس لأحد أن يتدخل في هذا الدور الالهي المؤجل الى يوم الدين الا في معرض النصح والارشاد والعظة طلبا للهداية. الشرك ـ والكفر ـ بمعناه السلوكي هو الاعتداء والظلم والبغي والطغيان والاجرام ، وهذه كلها مفردات الشرك والكفروالمشركين والكافرين في القرآن الكريم . هذا الشرك السلوكي نستطيع أن نحكم عليه بسهوله طبقا للأعمال الاجرامية التي يقوم بها المجرم . نحن هنا لا نحكم على قلبه أو على ما يدعيه من عقائد ، وانما نحكم على أفعاله الاجرامية ، على سفكه للدماء وانتهاكه للحرمات ، وافساده في الأرض ، نحكم على سرقته ونهبه وهتكه للأعراض،وتعذيبه للابرياء. ودائما ما يكون الأبرياء ضحايا لهذا الكافر المشرك بالسلوك . مشكلتنا ـ كمسلمين ـ أننا نحكم بالعكس تماما. من ينطق بشهادة الاسلام نجعله مسلما مهما ارتكب من جرائم . وقد يكون هناك زعماء مصلحون مسالمون يعملون الصالحات النافعات، ينتمون للمسيحيين أو الاسرائيليين أو البوذيين أو العلمانيين ، اولئك هم مسلمون حسب معنى الاسلام السلوكي الذى يعني السلم ، ولكننا نعتبرهم مشركين كافرين ونحكم على عقائدهم متناسين أن الأولى ان نصلح عقائدنا نحن وهي مليئة بتقديس الأضرحة والأئمة ورجال الدين والملوك والسلاطين بأكثر مما يفعله غير المسلمين. طبقا للسلوك وحده فكل دعاة السلام في الأمم المتحدة وخارجها هم أعظم المسلمين وإن لم ينطقوا بشهادة الاسلام . غاندي ومارتن لوثر كنج و مانديلا وكل دعاة حقوق الانسان من الغربيين هم المسلمون الحقيقيون في مجال السلوك. وطبقا للسلوك وحده فإن مجرمي الحرب هم أشد الناس كفرا وظلما وعدوانا ، ليسوا فقط هتلر وموسولينى و ستالين بل يضاف اليهم الحكام المستبدون الذين اعتدوا على المسالمين والآمنين من المسلمين وغير المسلمين ، ثم سفكوا دماءهم وجلدوا ظهورهم ونهبوا اموالهم ، وصولا ً الى من سار على نهجهم من بقية سافكي الدماء الذين حولوا العراق وافغانستان وباكستان والجزائر الى أحزمة ناسفة وسيارات مفخخة وسلخانات ومجازر ساخنة لقتل وذبح وقطع رقاب الناس بالجملة.ليس في الاسلام تقسيم العالم الى معسكرين وفسطاطين، وليس من الاسلام الاعتداء على الآخرين واحتلال أراضيهم مثلما فعل كفار قريش الذين قصدهم الله جل وعلا بوصف الكفر والشرك حين أ نزل القرآن على خاتم الآنبياء. فقد مارسوا الكفر والشرك العقيدي بعبادة الأولياء والأوثان على أنها تقربهم الى الله تعالى زلفا. ومارس كفار قريش الكفر السلوكي والشرك السلوكي بمعنى الاعتداء واضطهاد المسلمين المستضعفين واكراههم في الدين ما اضطرهم الى الهجرة الى الحبشة مرتين ، ثم هاجروا أخيرا الى المدينة. قريش لم تتركهم في حالهم فتابعتهم بالغزو والقتل والقتال في وقت صبر المسلمون كعادتهم لأنهم كانوا ممنوعين من رد العدوان. ثم جاءهم الاذن بالقتال فتغير الموقف تدريجيا الى أن صار لصالح المسلمين حربيا ودينيا ، وأصبحت قريش منعزلة في وقت انتشر فيه الاسلام وأدركت فيه جماهيرالعرب سخافة عبادة الأوثان والقبور. وقد رأى كفار قريش في النهاية أن مصلحتهم تحتم عليهم الدخول في الاسلام فدخلوا فيه متأخرا بعد تاريخ طويل من عداء الاسلام.لذلك نؤكد مرارا وتكرارا على ان نفهم القرآن الكريم وفق مصطلحاته هو ووفقا للغته العربية التي كان ينطق بها منذ 14 قرنا . إذ بعد انتهاء القرآن الكريم نزولا وبعد موت خاتم المرسلين محمد عليهم جميعا السلام ، دخل العرب في الفتوحات ونشروا لغتهم العربية فأصبحت لغة عالمية استوعبت الكثير من الثقافات والحضارات والألفاظ، ثم انقسم العرب والمسلمون الى طوائف شتى ومذاهب متعددة ، في العقائد والتشريعات والمذاهب الفقهية و العقلية و الفلسفية ، وأصبح لكل منها مصطلحاتها ومفاهيمها و لغتها الخاصة التي أضيفت للغة العربية ، ولا تزال تلك اللغة العربية تعيش بيننا كأقدم اللغات الحية ’ ولكن ليست هي تماما لغة القرآن الكريم التي كانت من 14 قرنا .لذا نعيد التأكيد على ضرورة فهم القرآن الكريم وفق لغة القرآن الكريم .بقيت كلمة لابدمنها .. فقد تذكرت اثناء كتابة هذا المقال واقعة .. تعود الى مشروع ( اصلاح التعليم المصري ) الذي تبناه مركز ابن خلدون عام 1999 ، وتوليت فيه كتابة مقترحات بديلة لمادة التربية الدينية تعبر عن التسامح في الاسلام ، كان طبيعيا توضيح المنهج في فهم القرآن الكريم وفق مصطلحاته ، فقلت العبارة السابقة بعد الشرح : ( لذا نعيد التأكيد على فهم القرآن الكريم وفق لغة القرآن الكريم .). و هبّ أحد المشايخ صارخا يتهمنى بأنني أقول إن القرآن الكريم نزل بلغة غير اللغة العربية !!؟؟ يومها ضحكت ..ولا زلت أضحك كلما تذكرت واقعة ذلك الشيخ المضحك..لأن شر البلية ما يضحك .!! [c1]-------------------------------------------------------* عالم أزهري ـــــ رئيس المركز العالمي للقرآن الكريم[/c]
|
فكر
الإرهاب في ميزان القرآن الكريم
أخبار متعلقة