منبر التراث
[c1]قابيل وهابيل[/c]تروي الحكايات الشعبية أنه منذ الأزمنة السحيقة ، وتحديدًا منذ نشأة الخليقة ، أن قابيل قتل أخاه هابيل عند شجرة عملاقة ضخمة تنبت في جزيرة سقطرى ، ومن جراء قتله سالت دماء هابيل المقتول بغزارة إلى تلك الشجرة التي تحولت غصونها وأوراقها الخضراء إلى اللون الأحمر القاني , وتسترسل الحكاية الشعبية ، فتقول بما معناه : “ أن تلك الشجرة كان يسمع منها أصوات أنين ، وبكاء شديدين في سواد الليل.[c1]شجرة دم الأخوين[/c]وتنبت تلك الشجرة الضخمة المصبوغة ألوانها باللون الدم في جزيرة سقطرى ، ويؤكد أهلها أن الدم الذي يتدفق من أسفل جزع الشجرة أشبه بالون دم الإنسان ، فترى اللزوجة فيه وتحس بسخونته . ومع مرور الأيام ، والسنون ، وتعاقب القرون الطوال سماها أهل سقطرى بــ “ شجرة دم الأخوين “ بناء على الحكاية الشعبية التي روتها الحكاية الشعبية أو الحكايات الشعبية ، وتضيف بعض الحكايات أن دم هابيل كان يفوح منه شذا عطر زكي , وقد ملأ سهول ، ووديان ، وهضاب ، وجبال الجزيرة .[c1]العثور على الديناصور[/c]ويقول بعض العطارين في الأعشاب الطبية ، أن شجرة دم الأخوين له فوائد طبية كثيرة ومن أهمها هي أنها تداوي الجروح الغائرة والذي أصابها لدغة سامة قاتلة من ثعبان أو عقرب , ويطلق أحياناً على تلك الشجرة بــ ( الصبِر السُقطري ) .و لقد زارت بعثة استكشافية بريطانية جزيرة سقطرى تقريبًا في سنة 1958م ، وكانت تضم تلك البعثة الاستكشافية عددًا من الأثريين ، والمؤرخين ، والأطباء . ولقد أرسلتهم إذاعة ( B. C . B ) إلى الجزيرة، ومكثوا فيها قرابة شهر كامل، وخلص تقريرها بأن جزيرة سقطرى تعد من أقدم الجزر في العالم وإن لم تكن أقدمها على الإطلاق ، فتكوين صخورها ، وتربتها , أو تعبير آخر أن جيولوجية جزيرة سقطرة تعود إلى ملايين السينين وعلى وجه التحديد منذ نشأة الخليقة على الأرض. والغريب في الأمر ، أن التقرير أشار إلى مسألة هامة وهي أن الأثريين عثروا على هيكل عظم ضخم لديناصور بكامل هيئته والمعروف أن تلك الحيوانات الضخمة كانت تعيش في الأزمنة الغابرة قبل التاريخ ومع عوامل الزمان , وتغيرات الطبيعة وأجوائها انقرضت تلك الديناصورات . والأغرب من ذلك أن البعثة العلمية البريطانية عثرت أيضاً في جدران أحدى كهوف جزيرة سقطرى على رسم لهيئة رجال شعورهم طويلة ، وأجسامهم ضخمة يحملون في أيديهم رماح يطاردون به حيوان بري وربما يكون وعلاً - على حسب قول التقرير - .[c1]الجزيرة المسحورة[/c]ويروي أحد الأطباء في كتابه ( الجزيرة المسحورة ) الذي كان عضواً من أعضاء البعثة العلمية البريطانية التي زارت جزيرة سقطرى في سنة 1958م - كما ذكرنا سابقاً - أنه كان يترامى إلى مسامعه بالقرب من شجرة دم الأخوين أزيزا وأحياناً يشعر أن الأرض تموج وتهتز من تحت قدميه , وتكاد تبلعه , ويشعر شعورًا مخيفاً عندما تزأر السماء أي عندما يسمع صوت الرعد الذي يصم الآذان , وأن أضواء البرق في تلك الجزيرة يخطف الأبصار من قوته وشدته الكبيرين .ومن ضمن ما رواه في كتابه الذي ألفه بعد رجوعه من جزيرة سقطرى بأعوام ، بأنه كان يلمح في الليلة الظلماء ، والرياح العاصفة ، التي كانت تضرب بقوة كل مكان من الجزيرة ، ومن جراء العواصف العاتية صارت أمواج البحر كالجبال الشامخات الراسيات التي كانت تغمر مساحة واسعة من الجزيرة . قلنا : أنّه كان يلمح في تلك الجزيرة المسحورة - على حسب قوله - أشباح تظهر فجأة ، وتختفي فجأة في سرعة البرق الخاطف . ويرجع الطبيب البريطاني تلك الظاهرة الغريبة إلى أنها ربما تكون لأشباح بعض بحارة الأسطول البرتغالي الذين نزلوا إلى ساحل الجزيرة في سنة ( 1507م ) وماتوا فيها . وربما ما كتبه ذلك الطبيب في بعض صفحات كتابه بهدف الإثارة والتشويق للقراء الإنجليز بصفة خاصة والأوربيين بصفة عامة لرواج كتابه .[c1]بين الحقيقة والخيال [/c]وكيفما كان الأمر ، فإننا نستخلص أن جزيرة سقطرى تعد أقدم الجزر في العالم ، وهذا ما أكدته الحكاية الشعبية حيث روت أنّ قابيل قتل أخاه هابيل بجانب الشجرة الضخمة والتي عرفت بــ ( شجرة دم الأخوين ) ، وعثور البعثة العلمية البريطانية أيضاً في جدران أحد كهوف الجزيرة على رسومات لصيادين يصطادون حيوان بري . و أما ما رواه الطبيب البريطاني حول الأشباح الذي رآها تظهر وتختفي فجأة ، ربما يكونوا بعض أهل سقطرى الذين ساءهم وجود البرتغاليين على جزيرتهم فعملوا على نشر الخوف في نفوس هؤلاء البحارة البرتغاليين . مازالت تلك الجزيرة الرائعة الجمال التي تخلب بطبيعتها الساحرة الأخاذة عقول وقلوب من يشاهدها عن كثب يلفها الكثير من الحكايات الشعبية المطرزة بالحقيقة والأسطورة.