فساد الإعلام ..إفساد للسياسة
أتكلم عن (الإعلام) بشكل عام .. فقد تجاوزت المشكلة حدود المؤسسة المسئولة عنه، والأمر فوق طاقة الوزير المختص به .. عن الإعلام بروافده وصحفه ومحطاته وشركاته .. عاما وخاصا .. مطبوعا ومقروءا وإلكترونيا .. ما خفي منها وما بطن .. أتكلم عن كل الآليات التي تستخدم في إطلاع الناس وإعلامهم وإعلانهم وتنويرهم.. كما هو مفترض في منظومة شاملة .. لها دور .. وعليها واجب .. وتحكمها قواعد .. وتسيطر عليها قيم .. ولم تعد كذلك على الإطلاق.حالة من الفساد تضرب كل هذا تقريبا .. أيا ما كان تعريفك للفساد .. أكان ماليا أو ذميا أو ضميريا أو مهنيا .. لا توجد كلمة لوجه الله .. تقريبا .. ولا توجد شهادة لوجه الحق .. تقريبا .. ولا يوجد تعليق لوجه الناس .. تقريبا . وقد أصبحت الساحة مضربا للأهواء والأنواء والمصالح والمؤامرات والتصفيات .. تقريبا .. ولا أحد يفرض على كل هذا ضابطا أو رابطا .. ونسمي كل ذلك حراكا وحرية ونتغنى بالشعارات .. في حين أننا أمام أكبر مؤسسة لخداع المجتمع .. إما بالتعمد المقصود .. أو التواطؤ الصامت .. فالشياطين في الساحة نوعان .. نوع متكلم ونوع أخرس .. هذا يزيف وذاك لايقول الحق ويكتمه.[c1] فساد ولا مهنية[/c] لقد كتبت هنا قبل ثلاثة أسابيع عن (مجلس تضليل الشعب) ، ولم يدهشني أن أغلب الأسماء التي ذكرتها لها علاقة بالإعلام أو تستخدمه .. بحيث أصبح تضليلها جماهيريا واسع النطاق .. وطالبني البعض بإضافة أسماء إلى قائمة أعضاء هذا المجلس الشرير . وحين ركزت في الأمر وجدت أن المشكلة ليست في تلك الأسماء أو غيرها وحدها .. وإنما في أن أدوات الإعلام تنقل بكل أريحية تضليل وضلال هؤلاء .. لا تحاسبهم ولا تراجعهم .. وتحول مقولاتهم إلى وباء أخطر من أنفلونزا الخنازير والطيور .. لا يكتشف أعراضها أي جهاز فحص حراري .. وبحيث ينبغي أن نعلن الحالة الوبائية السادسة بسبب (جوائح) الميديا التي تضرب عقول الناس والمسئولين معا.تحولت الصحف إلى جمهوريات داخل الجمهورية .. والتليفزيونات إلى ممالك داخل الدولة .. والإعلاميون إلى مماليك .. لكل منهم إقطاعية يسيطر عليها ويديرها .. لتحقيق أهداف بعينها .. سواء كانت له أو لغيره .. في تلك الساحة هناك مهمات بالوكالة .. وأدوار بالإنابة .. وأعمال بالارتزاق .. ولا يوجد أي رادع .. تقريبا. المجتمع مهدد .. والبلد قيد الخطر المتراكم بسبب تلك الحالة التي استشرت .. وفساد (الميديا)، ولامهنيتها، قد يؤدي إلى كارثة .. أكبر من كل تلك الكوارث التي تسببت فيها على مدى السنوات القليلة الماضية .. خاصة أنها تنتقل مرحلة وراء أخرى. لقد كانت وسائل الإعلام المختلفة تعيش مرحلة التسويق والبيع بالإثارة .. وعبرتها إلى مرحلة تسويق الإحباط والتشاؤم .. ثم التشويه في الناس والبلد ومؤسساته.. ثم التحريض على الفوضى .. وبعدها التثوير .. ونحن الآن نعيش مرحلة التبشير بما هو ضد الدستور ويناقض الديمقراطية عبر أهم أداة للديمقراطية وهي (الإعلام). وتلك المراحل لا تشمل متناثرات عديدة تم الوصول إليها .. ومنها: معارك الابتزاز .. وحروب هدم الشخصيات .. وميادين بث الفتنة الطائفية .. وعمليات الاستجلاب والتربح المالي من خلف المهنة المفترض أنها سامية.[c1]إعلام غير رشيد[/c] أي بلد يسعى إلى ما يعرف بأنه (الحكم الرشيد) لابد له أن يكون حرا إعلاميا .. تلك الحرية لا تطلق من أجل حرية من يمارس الإعلام وحده .. وإنما ليكون له دور في التطبيق العملي للمبادئ المعروفة في الحوكمة السياسية: الشفافية والمحاسبة والمصارحة .. أضف إلى ذلك مهمة التنوير التي يفترض في أي إعلام عصري أن يقوم بها .. تنوير على مستوى الإحاطة بما يجري .. وعلى مستوى محاربة الجهل .. وعلى مستوى المكاشفة.وفي سعيها إلى الإصلاح والتطوير فإن الدولة أتاحت للإعلام سقف حرية لم يعد له حدود من أي نوع .. بحيث يفزع مما يدور تحته الذين يأتون من أعتى الديمقراطيات الحرة ويرون مما نعاني .. وليس بماذا نستمتع .. ولكن تلك الحرية تحولت إلى انفلات ثم إلى فوضى ثم تجاوزنا الفوضى إلى العبثية المطلقة. تحول الإعلام إلى غول يمكن أن يلتهم المجتمع .. وليس أن يؤدي إلى تحقيق أي أهداف راقية من أجل تطوره .. وصار لدى الإعلاميين إحساس ببلوغ سلطة لا رقيب عليها وهم الذين يطالبون كل يوم بمزيد من الرقابة على أداء كل الآخرين.عضو البرلمان يراقبه الناخب وحزبه ومجلسه وجهات الرقابة المختلفة .. الوزير تراقبه حكومته وأجهزة المحاسبة وحزبه .. رجل الأعمال تراقبه جهات المحاسبة المالية والجمعيات العمومية ومساهمو البورصة وأجهزة مختلفة .. القضاة تراقبهم ضمائرهم و إدارات التفتيش ولجان الصلاحية .. ضباط الشرطة تراقبهم وزارتهم ومنظمات حقوق الإنسان وسلطات القانون .. والمهنيون جميعا يفترض أن نقاباتهم تراقبهم وجهات مختصة متنوعة تفعل ذلك تجاههم .. والإعلاميون والصحفيون يمارسون رقابة إضافية فوق كل ذلك .. في اتجاه كل هؤلاء .. وغيرهم .. ولكن من الذي يراقب الإعلام .. ومن يراقب الصحافة .. من يحكم على الأداء ومن يقيم الدور .. ومن يواجه الاستخدام الأهوج للسلطة التي معهم. إن من المثير أن تكون سلطة الإعلام معنوية، ولكنها جبت بعد الحالة التي وصلت إليها واستمرأتها أي سلطة مادية ملموسة أخرى .. وأصبح بعض الإعلاميين أقوى من مجموعة وزراء .. وبينما هناك أدوات قانونية للرقابة على كل خلق الله لم يعد هناك أي رقيب علي تلك السلطة المعنوية فأصبحت ديكتاتورية باطشة .. وصارت الساحة الإعلامية ملعبا لمجموعة من الطغاة الصغار.. وقل أيضا البلطجية .. وقل كذلك الفتوات .. وقل ثالثا القبضايات .. وقل رابعا المرتزقة. أقلام مقاصل تجاوز الإعلام في مصر (كحالة ومنظومة) نشر الشائعات .. وترويج التفاهة .. ولم تعد للمهنة قاعدة .. وللمهمة معايير .. وأصبحت الأقلام مقاصل .. والشاشات محارق .. والميكروفونات أدوات تدمير شامل .. والصفحات مسالخ .. لا ضمير ولا وعي .. وإنما شراهة وتطرف ووغى. سلطة رابعة يكفلها الدستور على أساس مبادئ حرية التعبير السامية .. ولكن من يمارسونها لايساءلون .. وبالتالي انهار توازن السلطات من خارج مثلثها المعروف .. التنفيذي والبرلماني والقضائي .. فقد أصبح الإعلام مرجحا ليس لطرف على حساب طرف وإنما لصالح نفسه .. وربما ليس لصالح المؤسسة الإعلامية التي تقوم بهذا الدور أو ذاك وإنما لصالح فرد فيها. نحن نسائل ولا نسأل .. نُحاسِب ولا نحاسَب .. نُراقِب ولا نُراقَب .. نتابع ولا يتتبع خطواتنا أحد .. نطلب الشفافية ولا نعلن الأسرار.. نكشف ولا نكاشف .. نراجع ولا يراجعنا أحد .. نسأل الجميع: من أين لك هذا .. ولا يمكن أن تجد إعلاميا أو صحفيا من أي نوع يمكن أن يقبل بسؤال مماثل .. وليس هذا بالتأكيد هو ما يعرف بأنه حرية الإعلام .. وليست تلك علي الإطلاق هي حرية التعبير. فسد الإعلام (كحالة وكمنظومة وكأشخاص) .. ليس فقط على المستوي المهني .. أو على المستوى الضميري فحسب .. بل على مستوي الذمة .. خاصة بعد أن اخترقت الساحة أموال أجنبية تتنافس مع الأموال الخاصة في استئجار أو شراء أو تكليف من يقوم بهدم هذا البلد على مدار الساعة عبر آليات كان يفترض فيها أن تساعده علي الانتقال إلي مرحلة أفضل لكنها تعود به سنين إلى الوراء. وهكذا أصبح النجوم .. تقريبا.. هم الكذابون .. والمشاهير.. تقريبا.. هم الملفقون .. وأصحاب الصيت هم.. تقريبا .. الأراجوزات .. وقادة الرأي .. تقريبا.. هم مخالب القطط التي يستخدمها الآخرون من خلف الأستار. وكنا فيما مضى ننصت لأصحاب المواقف وإن اختلفوا .. ونسمع أصحاب الرؤى وإن تناقضوا .. ونتبع أصحاب المعلومة حين يوثقونها .. وننجرف وراء المهنيين العظام وإن تباينوا.. مضى زمن كل هؤلاء وصرنا في زمن حواة الليل وشياطين النهار.[c1] تهديد للأمن القومي[/c] هذه هي مصيبة المجتمع الآن .. والخطر الحقيقي على البلد .. والتهديد الأكثر ترويعا للأمن القومي .. تهديد من داخلنا .. وبمقتضى قانون .. وتحت غطاء دستورنا .. لأنهم يسببون للناس تخبطا .. ويرسخون الطائفية والتقسيم .. ويشغلون الناس بالتافه .. ويقودون الرأي العام إلى ما لا قيمة له .. يحدثون البلبلة .. والزغللة .. ويفرقعون المعدوم .. ويروجون الضعيف .. ولم تعد هناك قدوة .. ولا قيمة .. الناس حيارى .. تائهون .. يتم تأليبهم .. وإحباطهم .. وتسويق مجتمع آخر بينهم .. وتبشيرهم بأيام سوداء .. بحيث زادت تلك التوجهات إلي درجة أن قطاعات من الرأي العام تتعامل مع ذلك الاحتمال على أنه آتٍ لا ريب .. ليس عليهم أن يقاوموه. فقد الكثير من الناس الإيمان بالدولة .. وصارت السلطة قيد الاجتراء .. والقانون تحت الطعن المستمر .. الأحكام تنقد ويشوه من أصدرها .. والقرارات تفسر على أنها نتاج تقسيمات المافيات وليس من أجل المصالح .. والفوائد تبرر على أنها رشاوى اجتماعية من أجل سيناريوهات مقبلة .. فزاغت النفوس وأحبطت الأفئدة وتاهت العقول وارتبكت البوصلات .. وكل هذا يحدث بسبب حالة الإعلام ومنظومته التي صارت فسادا ومفسدة. لقد أدى هذا إلى إفساد السياسة .. التي لا يعني قولي هذا أنها كانت خالصة طاهرة منزهة .. ولكن فساد الإعلام والصحافة أدى إلى مزيد من الإفساد .. ومن المزعج أن الذين استخدموا غيلان الإعلام - ومازالوا - لم يدركوا أنه بمضي الوقت سوف يؤدي هذا إلى تحول الغيلان التي يربونها إلى حيتان تلتهمهم هم .. لاسيما أولئك الذين يطعمون صحف السبت ويروجون من خلالها لكل سيناريوهات الأيام التالية التي ما أنزل الله بها من سلطان .. الكل يخسر .. والكل سوف يعاني أكثر .. ومن يعتقد أنه يستطيع أن يسيطر علي هذا العبث المتراكم والمتضخم يوما تلو آخر يكون واهما .. ففي لحظة سوف ينقلب هذا عليه هو نفسه .. إن كان فردا أو جماعة.وكنت أقول إن الصحف تحولت إلى أحزاب .. لكنها صارت أقوى من ذلك .. وكنت أحلل الأمر على أساس أن الشاشات تملأ الفراغ السياسي ولكنها صارت هي السياسة .. والظاهرة الخطيرة لم تعد مقصورة على السياسة، بل ضربت كل مجالات المجتمع .. فناً ورياضة ومالاً وأعمالاً وثقافة وديناً .. لا يوجد قوام .. ولم يعد هناك سياق .. كل يفعل ما يشاء .. وكل يغني على شيطانه فقد انتهى زمن ليلى والليالي.[c1]أسباب المشكلة[/c] إن المشكلة تكمن في عدة أمور: -1 إن القانون لا يطبق .. فكما أن لكل حرية حقا فإن عليها واجبات .. وحين يكون الحق بلا واجب يختل التوازن .. وتحدث الكارثة التي نعيشها ولا نبشر بها. ؟ إنه لا توجد جهات مهنية يمكن أن تقوم بالمراجعات .. أو تقيم الأداء .. لا النقابات تعمل .. ولا المجتمع المدني يفرض سطوته .. ولا أقصد بالسطوة هنا تقويض الحرية وإنما تنظيمها. -2 إن المؤسسات الإعلامية والصحفية بمختلف أنواعها تقريبا .. صارت مرتعا لمن يعملون فيها .. أكثر من كونها أدوات في يد من يملكونها ويسيطرون عليها .. وحتى في الإعلام الخاص فإن الإعلاميين صاروا أقوى منها .. باستثناء ضرائب بسيطة يدفعها الإعلامي لمن يوظفه .. أو التزامات محددة يستجيب لها .. بخلاف ذلك فإنه يتحول - بقليل من الجماهيرية - إلى أداة ضغط على من يدفع له أجره .. فيصبح أسيرا له.-3 إنه لا توجد أجهزة تنظم حرية الإعلام وتنافسه .. وهي إن كانت موجودة لا تعمل .. وإن عملت أصبحت طرفا في الفوضى .. تنازل العشوائية وتصبح جزءا منها بسبب عيوب قانونية معروفة واختلالات أداء مكشوفة ولا داعي لتكرارها.-4 إن الرأي العام ، الذي يشاهد أو يقرأ أو يسمع أو يتصفح، أصبح يقبل كل شيء وأي شيء .. يترك نفسه للأمواج .. لا يحكم عقلا .. ولا يخضع أي أمر لمنطق .. والأخطر أنه ينسى .. لم تعد المصداقية تعنيه .. والمهنية تشغله .. يتعامل مع الإعلام بمنطق التسلية .. ثم يختطف عقله فيصبح رهينة .. ترتفع به محطة لأعلى وتلطمه صحيفة وتتخبطه المواقع .. ولا شيء يقوده .. لأن الإعلام الذي عليه أن يقود لا يقوم بدوره .. بل إنه واقع في قلب المستنقع. -5 إن صناعة الإعلام صارت منبعا لثروات طائلة لاحد لها .. وفضلا عن كونها كذلك ولأنها هكذا فقد أصبحت مكاسبها ميادين صراعات طاحنة لا شرف فيها ولا عفة ولا قانون .. أياً ما كان مصدر هذا المال .. سواء كان تمويلا من مصادر أجنبية أو نهباً من كعكة إعلانات تلتف حولها الضباع الجائعة. -6 إن الفساد ضرب كثيرا من الكيانات في بنيتها .. لا رقيب من داخلها أو خارجها .. في هذه تجد عملاء لتلك .. والعكس بالعكس .. والدكاكين تحولت إلى هيمنات .. والصحف التي بلا قيمة أصبحت منابر تعتبر من هذا أو ذاك لأنها تستخدم وتخدم .. والفاسدون أصبحوا أبطالا .. يروجون لبعضهم البعض .. وأيضا ينقلبون على بعضهم البعض.-7 إن النخبة تمارس نوعا من التواطؤ المريب .. وتساند كل ذلك .. من أجل مصالح قصيرة المدى .. وتمتدح هذا .. وتثني على ذاك .. رغم أنها تعرف أن هذا مطعون .. وذاك مأفون .. ومن ثم كانت هي بدورها قائدة للرأي العام إلى بحار الظلمات متلاطمة الأمواج.[c1]وقفة ضرورية[/c]لابد من وقفة شاملة، على مستوى القانون قبل أي شيء، والدولة التي أطلقت هذا العفريت هي التي عليها أن تصرفه قبل أن يواصل التهام مقوماتها كما يفعل كل يوم .. ليست تلك هي الحرية التي أرادتها وأردناها .. وليس هذا هو ما ينص عليه الدستور في أي فصل من فصوله أو نص من قواعده. لا نريد عفريتا .. نريد إعلاما يقظا محاسبا حسيبا .. خاضعاً للمساءلة وهو يخضع الآخرين للمساءلة .. يقبل القواعد ويرضخ للأصول المهنية .. حر إلى أقصى مدى .. ولكن يؤدي الواجبات التي عليه .. يدفع الضرائب مالا .. ويقبل كشف مصادر أمواله .. ويرضى بأن يكون خاضعا لاختبار كشف الكذب وامتحان فضح التضليل في أي لحظة .. يرتضي المنافسة الحرة لا الغاشمة .. وليس عليه أن يتجاوز دوره .. فيظن أنه صاحب القرار .. وليس معلقا عليه .. إذ من الذي قال إننا يمكن أن نعيش حياة ديمقراطية سليمة حين يكون المذيع.. أي مذيع.. معتقدا أنه أقوى من أي قرار وأنه أكبر من أي سلطة.الوقفة الشاملة لا ينبغي لها أن تغلق بابا انفتح للنقد .. أو نافذة مشرعة أمام الكشف والمصارحة .. ولكن عليها أن تضع قيما وترسي أخلاقا .. تسد أبواب الفوضى وتحاسب من يدعو إلى الثورة .. وتحذر من يحرض ضد الدستور ويرحب بالسيناريوهات ضد المدنية .. ويقنع الناس بما هو ضد الديمقراطية. وقفة تعيد التوازن .. وتنهي الاختلال .. وتجعل معادلة السلطات عادلة .. السلطة الرابعة ليس عليها أن تجب أي سلطة أخرى .. والدستور لا يجب أن يتعرض لانتهاك يومي من وسائل الإعلام .. وقفة تجعل هناك حدودا واضحة لسلطة الإعلام بحيث حين ينتهي دوره تبدأ أدوار غيره .. فلا يعتقد أنه الكل في الكل .. وأنه كل شيء .. وأنه الخصم والحكم وصاحب سيف العقاب .. بينما هو فوق أي عقاب أو حتى محاسبة معنوية. وقفة شاملة يجب أن تشارك فيها النخبة .. بأن تضع مواثيق وأن تمارس قدوتها المعنوية التي أهدرتها على وسائل الإعلام .. فلا تواطؤ ولا تحبيذ للتافه والعشوائي .. وإنما محاسبة معنوية وضغوط قيمية .. وإلا فإنه لن يعود في هذا البلد أي نخبة .. إلا نخبة طغاة الإعلام ومرتزقته.[c1]* كاتب وصحفي مصري[/c]