عرفت الاستاذ شكيب عوض- رحمة الله - عليه منذ وقت مبكر من عمري أي منذ سبعينات القرن الماضي عرفته كشخصية اعلامية شاملة وذلك من خلال متابعاتي لوسائل الاعلام المختلفة التي كنت أتابعها بشغف كبير كالتلفاز والصحافة والاذاعة فلقد ارتبط رحمه الله منذ وقت مبكر من حياته بهذه الاجهزة وذلك لما يمتلكه من امكانيات وقدرات ومخزون ثقافي وفني كبيرين فلقد كان بداخله فنان شامل ففي بداية حياته اشتغل بالتمثيل على خشبة المسرح وعبر المسلسلات الاذاعية كما عمل على ترديد كثير من الاغاني مع عدد من كبار الفنانين " كورس" الى أن استقر به المطاف كناقد وكاتب صحفي وفني في صحفنا المحلية ومقدم للعديد من البرامج المهمة في الاذاعة والتلفزيون .[c1]* كيف تعرفت عليه عن قرب ؟[/c]عندما بدأت علاقتي بصحيفة (14 كتوبر) الغراء ككاتب في صفحتها الثقافية في سبتمبر 1994م عندما كان الاستاذ نجيب مقبل يشرف على الصفحة الثقافية من هنا بدأت العلاقة والمعرفة ولو أنه في تلك الفترة بالذات كان بعيداً عن الصحيفة إلاّ أنه كان متابعاً لكل ما يكتب فيها بل لكل مايعتمل على مستوى المشهد الثقافي والفني والاعلامي واستمرت علاقتي بالصحيفة من خلال الكتابة المستمرة في الشأن الثقافي والفني وفي صفحتها الثقافية في ظل عدم وجود شكيب فيها .لكن العلاقة والمعرفة المباشرة بدأت في تلفزيون عدن القناة الثانية عندما كنت حاضراً في برنامج فني سجله الاستاذ شكيب رحمه الله مع الفنان الكبير محمد سالم بن شامخ رحمة الله عليه ، هناك بدأ الحديث والتعاون عن قرب وكنت فرحاً بل وسعيداً جداً كوني التقي بهذه الشخصية الاعلامية الكبيرة التي أعرفها منذ زمن طويل ولكن دون لقاء سابق وكانت المفاجأة والدهشة الكبيرة التي أنتابتني عندما عرفت منه أنه قد تعرف عليّ من خلال ما أكتبه وأنشره من مقالات ونصوص غنائية في صحيفة (14 أكتوبر) وصحيفة (الايام) وبعض الصحف والمجلات اليمنية الاخرى ، من يومها اكتشفت تواضع الرجل ودماثة خلقه وحبه الجم للابداع والمبدعين وحرصه على تشجيع المبدعين الشباب والمبتدئين في مجال الابداع الفني ، ثم بدأت علاقتي بالاستاذ شكيب تنمو وتتطور يوماً عن يوم وبدأ رحمه الله اهتمامه بي وحرصه على استضافتي في برامجه الاذاعية والتلفزيونية .وأبرز ما أتذكره ولايمكن أنساه ذلك الموقف الايجابي التشجيعي الذي غمرني به عندما استضافني في برنامجه التلفزيوني ( مشوار) مع علمي أن هذا البرنامج مخصص للقاء بالقامات الفنية والادبية والابداعية الكبيرة التي قطعت مشواراً طويلاً في حياتها الابداعية إلاّ أن الاستاذ شكيب رحمه الله حرص على استضافتي في هذا البرنامج الامر الذي اعطاني دافعاً قوياً لمواصلة مشواري ومسيرتي في مجال كتابة النص الغنائي وكذلك الكتابة الصحفية للصحافة الفنية .وحقيقة أقولها وليعرفها الجميع أنني كنت أشعر بمتعة كبيرة وجرأة عندما يلتقي بي الاستاذ شكيب في برامجه واشعر بزوال الرهبة والقلق والتوتر الذي ينتاب أي شخص يواجه الكاميرا او الميكرفون ولكن مع شكيب وبمجرد بدء التسجيل او البث المباشر وبدون سابق ترتيب فإن الامور تسير سيراً طبيعياً وتلقائياً من بداية البرنامج حتى نهايته .ثم توالت اللقاءات والاستضافات في الكثير من البرامج التلفزيونية التي كان يقدمها وكذلك السهرات الاذاعية الرمضانية التي تصل مدتها لأكثر من ساعة ونصف الساعة من الزمن أو من خلال برنامجه الاذاعي الاسبوعي ( مجلة الفنون) حيث كان رحمه الله يستضيفني في هذا البرنامج الفني بين الحين والآخر أما بالحضور إلى الاستيديو أو بالاتصال الهاتفي .[c1]عودته إلى صحيفة (14 أكتوبر)[/c]وبعد عودته الى صحيفة (14 أكتوبر) الغراء واشرافه على صفحة ( فنون) الاسبوعية التي كانت تصدر كل يوم خميس من كل اسبوع تواصل تعاملي معه وكان يطلب مني دائماً الكتابة الى الصفحة وفعلاً تواصلت مع هذه الصفحة وكنت اكتب فيها بتشجيع ودعم معنوي من الاستاذ شكيب وكان رحمه الله يعطي اهتماماً كبيراً للمواضيع والمقالات الفنية التي اكتبها وغالباً ما كان يضع ما أكتبه كمادة رئيسية في صفحة فنون ولا زلت احتفظ بهذه المقالات وأفخر بها كثيراً .وكذلك عندما تولى الاشراف على صفحة( فنون ) في صحيفة (22 مايو) الاسبوعية استمررت في المساهمة معه وكتبت عدد من المقالات وكان يشجعني كثيراً ويحرص على تواصلي في الكتابة كما كان يشجع كل الاقلام التي كانت تساهم معه في تلك الصحف وكان يتابع شخصياً لكل من يكتبون معه مساهماتهم المادية لمنحهم حق الانتاج الفكري بل إنه كان يتصل بنا للحضور لاستلام مستحقاتنا من الانتاج الفكري وكذا الحال عندما كان في الاذاعة والتلفزيون فإنه يهتم بالاستحقاقات المالية لمن يستضيفهم في برامجه .[c1]حضوره الفعال في نشاطات المنتديات الثقافية والفنية [/c]كما كان للفقيد شكيب عوض دور فعال واسهام بارز في النشاطات الثقافية والفنية للجمعيات والمنتديات الاهلية فلقد كان له حضور فعال كونه الذاكرة الفنية التي تختزن الكثير من المعلومات الذي لا يبخل في تسخير كل ما لديه من معلومات فنية واتذكر آخر مشاركة له قبل مرضه بشهرين تقريباً عندما وجهت له دعوة جمعية تنمية الموروث الشعبي ومنتدى الفنان محمد سالم بن شامخ لحضور فعالية الذكرى (77) لميلاد الشاعر الكبير لطفي أمان في 12/مايو/2005م وقد حضر هذه الفعالية ولكن لسوء حظنا فإننا لم نستمع الى ما كان ينوي تقديمه لضيق الوقت ولاستحواذ الاستاذ عبدالحميد سلام على غالبية الوقت ولكننا اتفقنا معه أنه في مايو 2006م سيستضاف بمفرده للحديث عن رائد الرومانسية في الشعر اليمني لطفي أمان ولكن القدر كان سباقاً ومن المهم في هذه المقالة الاشادة بفرع إتحاد الادباء والكتاب اليمنيين م / لحج الذي بادر بالانفراد بتكريم الاستاذ شكيب عوض في حياته وهذه الخطوة يشكر عليها فرع الاتحاد بلحج كونه سباقاً في تكريم المبدعين وكم وكنت أتمنى أن يفي مكتب الثقافة في م/ ابين بتكريمه خصوصاً وأن النية كانت موجودة لدى المكتب والفعاليات الثقافية في م/ أبين لتكريم الاستاذ شكيب بعد أن كرم في م/ لحج ولازالت الفرصة مواتية أمام مكتب الثقافة م/ أبين وأمام كل الجهات الرسمية وغير الرسمية لتكريم هذا المبدع الفذ ليس في أبين فحسب وإنما في عموم محافظات اليمن .[c1]المحطة الاخيرة في حياته [/c]عندما ابتلاه الله سبحانه وتعالى بالمرض واثناء زيارتي له في المستشفى برفقة صديقي العزيز الفنان المبدع عصام خليدي وكان رحمه الله في وضع صحي حرج للغاية إلاّ أنه عندما فتح عينيه ورآنا واقفين أمامه همس لي بصوته المتعب قائلاً : ( يا علي اذا معك مقالات سلمها لمشرف الصفحة الثقافية في الصحيفة ) قال ذلك لإدراكه أنه بعد أن قدر الله عليه بالمرض توقف إصدار صفحة فنون الذي كان يشرف على إصدارها وحينها أحسست في همساته تلك حرصه ووصيته لي بأن استمر في الكتابة وكان ردي له : لايهم هذا الامر الآن يا أستاذ شكيب وكل ما يهمنا صحتك وعافيتك وشفاؤك وأن تعود إلينا سليماً معافىًً إن شاء الله ، إلاّ أن إرادة الله شاءت أن أزوره وأشاهده والقي عليه النظرة الاخيرة ليلة وفاته وهو مسجى على فراش الموت في غرفة العناية المركزة في مستشفى الجمهورية في الساعة الثانية عشرة منتصف ليلة الاثنين 27/مارس/2006م حيث كان قد فارق الحياة بعد رحيله عن دنيانا الفانية وبعد رحلة حياة حافلة بالعطاء والابداع والاشعاع الفني اعطى فيها كل ما لديه دون أن يأخذ شيئاً غير محبتنا له التي ستبقى خالدة في قلوبنا وقلوب كل محبيه وزملائه وتلامذته.رحل رحمه الله بعد صراع مرير مع المرض استمر ما يقارب عشرة أشهر لم يحظ خلالها بالاهتمام اللائق لعلاجه ومحاولة انقاذ حياته ولكنها مشيئة الله واللهم لا إعتراض على مشيئتك .رحم الله الاستاذ شكيب عوض واسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان. "إنا لله وإنا إليه راجعون" .
|
رياضة
شكيب عوض .. رحلة حياة حافلة بالعطاء والإبداع الفني
أخبار متعلقة