كتب / شوقي العباسي :تتصف القضية السكانية بأنها من القضايا المركبة ذات الابعاد في اسبابها واثارها , وبحكم ذلك فان السياسة الوطنية للسكان تطرح معالجة هذه القضية في اطار شمولي , مؤكدة مبدأ الشراكة كالية اساسية في تحقيق اهدافها وقد نصت الوثيقة الثانية للسياسة الوطنية للسكان (2000 - 2025م) على اقامة شراكة فاعلة بين مؤسسات الدولة المختلفة بما فيها وحدات القطاع الخاص والمنظمة التطوعية والخيرية والأهلية وباقي عناصر المجتمع المجني في مناقشة وترجمة اهداف السياسة الوطنية للسكان الى برامج تنفيذية ومتابعتها ورصد نتائجها وتقويمها وعلى نفس المنوال يؤكد برنامج العمل السكاني على هذا التوجه في كل المحاور والتداخلات , وبشكل اكثر تفصيلا ويخصص عنصرا رئيسيا للشراكة يؤكد فيه على تعزيز علاقة الشراكة بين المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والعمل على تعميق هذا المفهوم وتعزيزه بالوسائل المختلفة , التنظيمية والتشريعية والمادية والاعلامية على المستوى المركزي والمحافظات للوصول الى المناطق المختلفة والى الفئات السكانية الاكثر احتياجا , وبرغم تعدد الجهات التي تنفذ البرامج والمشاريع السكانية واهمية ما قامت به حتى الان , الا انه لا تزال هناك تحديات كبيرة لتحقيق اهداف السياسة الوطنية للسكان , وهناك فئة واسعة من السكان خاصة في الريف لم تغطيها خدمات وانشطة المشاريع التي تم ويتم تنفيذها , وهنا تكمن اهمية العمل مع السلطة المحلية في هذا المجال كونها تغطي كافة الوحدات الادارية في البلاد , وصلاحياتها الواسعة حيث يتيح لها القانون العمل في مجال التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم للبرامج و المشاريع التنموية ومنها ذات العلاقة بمعالجة القضايا السكانية , وبذلك فان السلطة المحلية يمكن لها القيام بدور هام وحيوي في مجال العمل السكاني وتوسعته وتطويره ليصل الى المناطق والفئات المحرومة ويعالج القضايا السكانية ذات الخصوصية المحلية وبالمداخل المناسبة لظروف المنطقة وخاصة في الريف الذي يشكل حوالي ثلاثة ارباع سكان البلاد ويمثل مصدر العديد من القضايا السكانية القائمة مثل ارتفاع مستوى الخصوبة البشرية , انتشار الامية خاصة بين النساء , تدني مستوى الوعي والخدمات الصحية والتعليمية , وغيرها كما يمثل الريف المصدر الرئيسي للهجرة الداخلية الى المدن الرئيسية , وبالتالي فان العمل في هذا الاتجاه سيمثل نقلة نوعية للعمل السكاني بتوجيهه الخدمة غالبية سكان البلاد ويسهم في معالجة منابع العديد من القضايا السكانية , وقد اكدت على هذا التوجيه نتائج وتوصيات المؤتمر الوطني الثالث للسكان علىمتسوى التخطيط والتنفيذ من خلال مراعاة اهداف السياسة الوطنية للسكان عند عملية التخطيط لان السلطة المحلية تعد خططها وبرامجها التنموية وتقوم المجالس المحلية بالاشراف والرقابة على عمليات اعدد الخطط وتنفيذها , ومتقضى ذلك ان تراعي السلطة المحلية ما تستهدفه السياسة الوطنية للسكان سواء الاجهزة التنفيذية المعنية عند اقتراح الخطط او المجالس المحلية عند عمليتي الاقرار والاشراف على التنفيذ باعتبار ان السياسة الوطنية للسكان هي المعبرة عن الموقف الرسمي للدولة تجاه الاوضاع السكانية السائدة , واقرار الحكومة لها يمثل التزاما تجاه معالجة هذه القضية من خلال مجموعة من التدابير التي تتخذها للتاثير على الاوضاع نحو الافضل , بالاضافة الى ادماج برامج الصحة والتعليم وغيرها من الخدمات وخصوصا برامج تنمية المراة ضمن خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية , كما ان هناك دور للسلطة المحلية اكثر تحديدا في مجال تنمية المراة ورعاية الامومة والطفولة من اللائحة التنفيذية لقانون السلطة المحلية ويتحقق هذا الدور من خلال ادماج برامج السياسة الوطنية للسكان ذات الصلة ــ ضمن خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسلطة المحلية ــ كل في نطاق وحدته الادارية ــ وتقع على المجلس المحلي للوحدة الادارية مراقبة تنفيذ تلك البرامج ضمن الخطة المحلية , وفي هذا السياق لا بد من وضع توقعات لمخرجات حقيقية ذات صلة ببرامج السياسة الوطنية للسكان والقيام بادماج المشروعات ذات البعد السكاني في الخطط القطاعية وادماج الانشطة والمشاريع المحققة لاهداف السياسة الوطنية للسكان في الخطط القطاعية على مستوى الوحدات الادارية (المحافظات / المديريات ) جزء من عملية التنمية , ومتقضى ذلك حصر المشروعات ذات البعد السكاني ايا كان مصدر تنفيذها ليتسنى استيعاب كافة الانشطة السكانية ضمن مدخلات التنمية للحصول على مخرجات تتناسق مع اهداف السياسة الوطنية للسكان وفي مجال التنفيذ فان السلطة المحلية قد حلت محل السلطة المركزية في القيام بالدور التنفيذي في المجال التنموي ومن الانشطة التنموية هناك انشطة ذات صلة مباشرة بالسياسة الوطنية للسكان سيما في مجال التعليم والصحة العامة والصحة الانجابية وتوزيع الخدمات ..الخ , وهي تقوم بهذا الدور نيابة عن السلطة المركزية بحكم انتقال هذه الوظائف اليها بموجب القانون ومن ثم فان السلطة المحلية باعتبارها جزء كبير من سلطة الدولة هي الطرف الاساسي في عملية الشراكة لتحقيق اهداف السياسة الوطنية للسكان ولا بد ان تلعب هذا الدور بحكم وظيفتها وقربها من المجتمع المحلي ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص على مستوى الوحدة الادارية .كما ان السلطة المحلية يمكن ان تضطلع بدور هام في تنفيذ انشطة تخدم تحقيق اهداف السياسة الوطنية للسكان وخاصة في مجال التوعية السكانية فقيادات واعضاء المجالس المحلية هي شخصيات اجتماعية فاعلة ومؤثرة ولها ثقلها في المجتمع , وبامكانها ان تسهم في جانب التوعية والتثقيف السكاني بشكل مباشر وقوي , وفي حشد الموارد من خلال قيام السلطة المحلية بكافة تكويناتها بتوسيع الشراكة الشعبية للمساهمة في البرامج والانشطة السكانية ورفع الوعي تجاه القضايا السكانية والمشاكل الناجمة عنها و التي تمثل عائقا اما تحقيق التنمية .
دور السلطة المحلية في العمل السكاني
أخبار متعلقة