تمثل التنمية الصحية جزءاً مهماً من التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وتهدف أساساً إلى تحسين الأوضاع الصحية للمجتمع وذلك بالتخلص التدريجي من أسباب الوفاة والمرض.وإذا كانت الصحة تعني الحالة السليمة المتكاملة للإنسان في النواحي الجسدية والعقلية والاجتماعية التي تعينه على العمل والإبداع والاستمرارية له ولأجياله القادمة، فإن تحسينها يتوقف على مدى التقدم المحرز على ثلاث جبهات رئيسية وهي: التغذية والرعاية الصحية والظروف المعيشية والسكنية بما فيها امدادات مياه الشرب النقية والتصريف الصحي للمياه والمخلفات والقمامات.إن التغذية السليمة هي بمثابة الأساس لشيوع الصحة، حيث تجعل الأفراد أكثر قوة ومناعة ومقاومة الأمراض، أما الرعاية الصحية فهي معنية بتوفير الخدمات العلاجية والوقائية والتحصين واستئصال الأوبئة، ويؤدي توفير إمدادات المياه النقية وتحسين وسائل الصرف إلى التقليل من حالات الأمراض وعدواها والطفيليات.إن تضافر جهود التنمية على هذه الجبهات الثلاث كان ومايزال من أسباب التقدم الصحي وما أدى إليه من انخفاض للوفيات وتحسين نوعية الغذاء الذي أدى من ناحيته إلى زيادة الخصوبة البشرية.ومن الملاحظ أن الأوضاع الصحية في اليمن قد تحسنت خلال العقود القليلة الماضية ومن أبرز دلالات ذلك التحسن ارتفاع العمر المتوقع عند الميلاد من (47) سنة في نهاية السبعينيات إلى (58.3) سنة في نهاية التسعينيات 1997م، انخفاض معدل وفيات الأطفال تحت سن الخامسة من العمر لتصل إلى حوالي (95) حالة وفاة لكل ألف مولود ومعدل وفيات الرضع إلى (75,3) وفاة لكل ألف مولود حالياً، واستئصال العديد من الأمراض الفتاكة وتحسن خدمات الرعاية ووسائل الوقاية والعلاج، وتعود أسباب ذلك التحسن بالدرجة الأولى إلى ثلات عوامل: تحسين الأوضاع العلاجية والصحية، واستئصال الأوبئة والأمراض الفتاكة وتخصيص موارد مالية متنامية للتنمية في قطاع الصحة العامة.وعلى الرغم من هذه التطورات المرموقة فمازالت هناك مشكلات صحية هائلة، حيث ماتزال المستويات المطلقة للوفاة مرتفعة بصورة غير مقبولة مقارنة مع البلدان المتطورة والنامية، وتبلغ معدلات وفيات الأطفال في اليمن عدة أمثال تلك السائدة في البلدان المتطورة. ويحدث نصف هذه الوفيات تقريباً من الحالات التي يمكن منعها بتكاليف غير باهضة نتيجة لأمراض الإسهال والجهاز التنفسي التي تتفاقم جراء سوء التغذية.
السكان والتنمية الصحية
أخبار متعلقة