حدث وحديث
.. بقلوب عامرة بالإيمان بقدسية الرسالة السماوية الإسلامية السمحاء.. مفعمة بروحانية الهيبة والخشوع لله جل جلاله.. تقاطر جموع المصلين صوب مسجد الهتاري بمديرية التواهي لأداء شعائر صلاة الجمعة المباركة طمعاً بمزيد من التقرب إلى خالق السموات والأرض.. تقاطروا جميعاً إلى صحن المسجد تجمعهم وحدة المشاعر الربانية على هدى قيم التآزر والتراص والتراحم والاعتصام بحبل الله.. ولم يكن يدور بخلد أي منهم أن ينبري من بين ظهرانيهم واحد ممن جبلوا على تجيير منابر المساجد ـ بيوت الله ـ بما يتنافى مع جوهر قيم ومبادئ الرسالة الإسلامية ويتماشى مع النزعة التطرفية الشغوفة باستباحة دماء الناس وإزهاق أرواحهم البريئة.. إنه خطيب الجمعة الذي رفع من مكانة نفسه إلى حد القداسة وكأنه إله .. يكفر من يشاء ويمنح صك الإيمان ودخول الجنة لمن يشاء... هذا الذي ائتمنه مكتب أوقاف عدن ليلقن الناس قيم التسامح ويدعوهم لممارسة الفضيلة.. فوجئ به الجميع يشهر تكفير كل من درس في معهد “أمديست” وأن كل من درس في معهد “أمديست” (لا خير يرتجى منهم)..؟ مع وصفهم بالمتنصرين.. أي أن هذا الخطيب وعلى هواه جرد هؤلاء من معتقداتهم ومبادئهم الإسلامية واستبدلها على مزاجه بديانة أخرى لم يختاروها أو يعتقدوا بها، مع علمه اليقين بان المسجد كان يعج بمصلين تخرجوا من المعهد المذكور وآخرين على طريق التخرج ومازال الجميع متمسكاً بعقيدته الإسلامية “كالجمر”.. غير أن شهوة استباحة دماء الناس والدعوة لإزهاق أرواحهم البريئة وزرع بذور الفتنة والتنافر والضغائن والكراهية بين أوساط المؤمنين ممن لا يروقون لمثل هذا الخطيب كانت للأسف هي السائدة في خطبة الجمعة.. هذه الخطبة التي جرحت مشاعر جموع المصلين وأدمت قلوبهم دون أن ينبري عاقل من قيادة أوقاف عدن لينهاه عن غيه ويعيده إلى رشده ولو “بالتي هي أحسن”..فالناس يأتون إلى بيوت الله آمنين ويغادرونها عامرة قلوبهم بالإيمان والأمان، لا مرعوبين من فتاوى شيطانية تكفرهم وتستبيح دماءهم وأرواحهم وكأن مفاتيح الجنة والنار ملك لهذا الخطيب يوزعها لمن يشاء كما يروق له.. ولعل الأجدر بنا أن نتساءل: هناك دستور وأنظمة وقوانين ونواميس تنظم حياة الناس في هذا البلد. والدولة مسؤولة عن حماية الناس.. حماية أرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم .. فياترى إلى متى ستظل أرواح ودماء الناس مستباحة لمجرد خطبة أو فتوى شيطانية؟ وإلى متى سيظل هؤلاء يمارسون أبشع صنوف الإرهاب الفكري ضد الناس من دون أن يردعهم أحد؟!..