الواقع في غزة وإعلان حقوق الإنسان
نيويورك/كارين أبو زيد: كتبت كارين أبو زيد -المفوضة العامة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين بالأمم المتحدة- في صحيفة غارديان أنه مع اقتراب الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان يسلط ارتفاع القتلى المتزايد في غزة الضوء على الهوة المؤلمة بين الخطاب السلمي والواقع المرير للشعب الفلسطيني. فقد كان الإعلان إقرارا بالغ الأهمية اعترف فيه المجتمع الدولي “بالكرامة الفطرية والحقوق المتساوية غير القابلة للتحويل لكل أفراد الأسرة الإنسانية أساسا للحرية والعدل والسلام في العالم”. وبعد ستين عاما أصبحت الحاجة لإعطاء معنى حقيقي لحماية الفلسطينيين أمرا في غاية الأهمية. وكما قالت المفوضة السابقة لحقوق الإنسان، ماري روبنسون، إن الوضع في غزة أشبه بحضارة مدمرة. كذلك قال منسق العمل الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ماكسويل غيلارد، إن الوضع في غزة فيه “اعتداء خطير” على حقوق الإنسان. ومؤخرا وصف المفوض الأوروبي، لويس ميشيل، حصار غزة بأنه “نوع من العقاب الجماعي ضد المدنيين الفلسطينيين، ما يعتبر انتهاكا للقانون الإنساني الدولي”. هذا الوضع في غزة كارثة إنسانية، لكنها كارثة مفروضة عمدا من قبل مسؤولين سياسيين وهي نتيجة سياسات فرضت على الشعب الفلسطيني وقالت الكاتبة إن أعداد الوفيات في الأرض الفلسطينية المحتلة يجب أن تجعلنا نستجوب التزامنا بتأييد حق الحياة، الحق الأول قبل كل الحقوق، المصون بموجب مجموعة كبيرة من الآليات القانونية الدولية. إذ إن أكثر من خمسمائة فلسطيني، منهم 73 طفلا، قتلوا هذا العام فقط نتيجة الصراع، أكثر من ضعف العدد للعام 2005. وقتل 11 إسرائيليا هذا العام. وقد رحب الإسرائيليون والفلسطينيون بوقف إطلاق النار غير الرسمي في غزة. لذا فمن أجل حرمة حياة الإنسان، نأمل أن تظل التهدئة سارية رغم الانتهاكات الأخيرة. وأضافت أن حق حرية الحركة المكفول بموجب المادة 13 من الإعلان العالمي ما زال أملا بعيد المنال لكثير من الفلسطينيين. والحصار غير الإنساني لغزة -الذي وصفه كثير من كبار مسؤولي الأمم المتحدة بأنه عقاب جماعي لـ1.5 مليون فلسطيني- والحواجز المانعة للتحرك التي تربوا على ستمائة في الضفة الغربية، كلها تشكل شاهدا محزنا لفشل المجتمع الدولي في الالتزام بتلك المادة. ومع ما يقدر بنحو عشرة آلاف فلسطيني في السجون الإسرائيلية، بما في ذلك 325 طفلا، صار للإعلان -الذي ينص على أن “كل امرئ له الحق في الحرية الشخصية والأمنية” وأنه لن يتعرض أحد لمعاملة قاسية وغير إنسانية ومهينة- صدى حزين هذه الأيام. وبتجميع هذه الإساءات تتكون إحصاءات تقف شاهدة على الافتقار لحماية الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. فهناك عدد كبير غير مسبوق من سكان غزة -أكثر من النصف- يعيشون الآن تحت خط الفقر. وأكدت الكاتبة أن هذا الوضع في غزة كارثة إنسانية، لكنها كارثة مفروضة عمدا من قبل مسؤولين سياسيين. وهي نتيجة سياسات فرضت على الشعب الفلسطيني. وتساءلت ألم يحن الوقت لإعادة النظر في تلك السياسات والبحث عن نهج جديد؟ ألم يحن الوقت لكي نستجوب من جديد التزامنا بالمبادئ النبيلة للإعلان العالمي؟ وفوق كل هذه الحقوق حق تقرير المصير، الحق في الدولة التي حرم منها الفلسطينيون طوال ستين عاما من النفي. إن أفضل حماية للحقوق تكون من داخل إطار الدولة ونحن في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بالأمم المتحدة، بمسؤوليتنا عن تقديم المساعدة إلى أن تحل قضية اللاجئين، ندرك هذا كأي مفوض إنساني يعمل في الشرق الأوسط. وختمت كارين أبو زيد مقالها بأن الهوة بين الأقوال والأفعال مسألة محيرة لكثير من الفلسطينيين. وكانت النتيجة عزلة قاسية عن المجتمع الدولي يغذيها تراخ من النظام الدولي. وفي مثل هذه الظروف ينشأ التطرف، والتطرف ويتجذر بسهولة. لكن بالإمكان عكس هذا الأمر والحماية هي الباب الذي ندخل منه لهذا الأمر. لنجعل حماية حقوق الفلسطينيين نموذجا لكل تدخلاتنا. ولنجعل رؤية الموقعين على الإعلان العالمي واقعا ملموسا لأن الفشل المستمر في فعل ذلك عار علينا جميعا.