قضية للنقاش
د. جلال عبد العزيز القباطيفي إطار الدعوة إلى الهيكلة المالية العالمية الجديدة والتي تعني في رؤيتنا وتحليلنا الدعوة إلى بناء نظام مالي ونقدي عالمي جديد وهو الأمر الذي يعنينا في إطار هذا المفصل الذي ينطوي على أهمية كبيرة بالنسبة لنا هو ما يتصل بجانب المؤسسات المالية الدولية الصندوق والبنك _ بإعتبارهما يمثلا عمادة النظام المالي النقدي وسلطان القرار فيه اللذين متى ما تم اندماجهما مع منظمة التجارة العالمية أو تم ضم المنظمات الثلاث في إطار تنظيمي دولي جديد سوف يشكلون بذلك (مجلس إدارة العالم) .. الأمر الذي يجري العمل له حثيثاً داخل الأروقة وخلف الكواليس الدولية وفي إطار تناولنا لذلك سوف نعرج هنا بالتحليل إلى تناول وتمحيص ما يمثله هكذا أمر فإنه بالنسبة لو ضيعة المؤسسات المالية الدولية والنظام المالي والنقدي أولاً .. ومن ثم بعد أن نفرغ منهما سوف نعرج بالتحليل والتمحيص إلى وضع منظمة التجارة العالمية التي أصبح معها العالم حالياً بنسبة (80%) عبارة عن مناطق لمنظمة التجارة العالمية والتي هي بوضعها الحالي لا تتعدى أن تكون عبارة عن آلغارشية دولية للتجارة العالمية وهكذا دواليك هو الأمر كذلك بالنسبة لمؤسسات نظام بروتون وودز الصندوق والبنك اللذين سبق وأكدنا بأن الانتقادات التي أصبحت توجه لهما لها ما يبررها وأن الأمر وصل إلى أن توجد بعض الأصوات داخل هذه المؤسسات تطالب بتغيير ذلك النظام المرتبط بالقروض والمساعدات ومعاملة معظم دول العالم النامي بنفس النمط.[c1]الباب الأول[/c]الخلل البنيوي في تركيبة وأداء النظام المالي والنقدي العالمي -1 اختلالات نظام ومؤسسات بريتون وودز أ- صندوق النقد الدولي .. المساوئ ب- البنك الدولي .. وكر الفساد-2 أسس إقامة نظام مالي ونقدي عالمي جديد [c1]الباب الثاني[/c]أزمة المديونية العالمية -1 - أسبابها -2 مخاطرها -3 طرق حلها -4 التصدي للقروض ومواجهتها[c1]الباب الثالث[/c]-1 الأمن الاقتصادي العالمي كضرورة لك مضاعفات أزمة الديون الدولية [c1] رؤية بديلة للنظام المالي والنقدي العالمي[/c]نحن نعتقد بأنه لاشك يوجد هناك مجال واسع لتحسين ما وضع في الماضي وبخاصة في هذا الإطار منها ما ذكر عن الشفافية وتبادل المعلومات والمساعدات التي لا ترتبط بشروط معنية وجميعها أمور تتداول حالياً في إطارات المؤسسات المالية الدولية ويتم تداول الكثير منها في هذا الشأن ولكنها للأسف لا تخرج عن نطاق ترميم أو ترقيع ما هو قائم أي في إطار بقاء النظام القائم للمؤسسات ذاتها وليس تغييرها وهو الأمر الذي يجعلنا في إطار البحث فيها عن البدائل المختلفة بأن لا نعلق أمالا بأن يتم التطوير أو الإصلاح من داخل مؤسسات النظام القائم لمؤسسات بروتون وودز وهو الأمر عينه الذي يجعلنا نطرح رؤانا وبدائلنا يتبادر السؤال عن دور ومسؤوليات المؤسسات المالية الدولية إزاء هذا الوضع ممثلة في صندوق النقد الركيزة الأساسية التي تمثل قاعدة النظام النقدي الدولي والبنك الدولي ركيزة للنظام المالي .. وهل يمكنهما أن يقوما بدور المنقذ؟ ولماذا لم يقوما بذلك؟ باعتبارهما عمادة النظام المالي والنقدي وقاعدته وفقاً لقواعد بروتون وودز التيس تأسس بموجبها ذلك النظام الذي ثبت اخفاقه وفشله الأمر الذي يطرح على بساط البحث لغرض الخروج من أزمة هذا النظام القائم ودوامته ضرورة البحث في أساس جديدة لإقامة نظام مالي ونقدي عالمي جديد وفي هذا الإطار يتبادر إلى الذهن الحديث الذي يدور حول إمكانيات إصلاح وتطوير صندوق النقد والبنك الدوليين كبداية أو مدخل لإصلاح النظام المالي والنقدي والعالمي.ونحن كمختصين نشعر بأن الأزمة أكبر من مجرد إعادة تطوير وتأهيل أو إصلاح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مما يحملنا إلى التأكيد على ضرورة وجود بروتون وودز جديد لإعادة صياغة هذا النظام برؤية جديدة وتفكير جديد لإقامة النظام الجديد والذي سيحتاج فيه الأمر إلى دراسة عملة الاحتياط الدولي أولاً .. وثانياً .. قضية السيوله .. وثالثاً .. قضية إدارة النظام نفسه .. ورابعاً .. قضية ترحيل الفائض من بلاد الفائض إلى بلاد العجز وخامساً .. كيف تحكم ضوابط السيوله لأن العالم أضحى يعيش في حالة موجات عالية من السيولة التي أصبحت تتحكم فيها صناديق الاستثمار حيث يوجد منها في العالم حالياً حوالي (766) صندوقاً استثمارياً يملكون من الأموال ما يزيد عن نسبة الاحتياطات الدولية التي تملكها كافة البنوك المركزية في العالم.وتفاقماً لصورة الأزمة وآلياتها أمام الإصرار على نهج النظام المتبع حالياً ممثل بالمؤسسات المالية الدولية والذي سيؤدي إلى تفاقم الركود وزيادة البطالة، كما أن الإصرار عليه سيعمق أزمة الأسواق المالية وتفاقمها سواءً في شرق أسيا وروسيا أو أمريكا اللاتينية أو أي بقاع أخرى في العالم وسيقود إلى أزمات جديدة أخرى وما سيترتب على ذلك من تبعات جراء تأثير الأزمات المالية والاقتصادية وما يحدث في الأسواق العالمية على وضع البلدان النامية والأسواق الناشئة فيها حيث سيؤدي ذلك إلى أضرار وخيمة ستلحق بها ما يقود أي تراخي الطلب على منتجاتها من المواد الخام الأولية وبما يؤدي إلى تدني أسعارها وخفض قوتها الإنتاجية الذي سيقود بدوره إلى خفض الأيدي العاملة والذي يعني زيادة البطالة وانخفاض العائدات نتيجة انخفاض الإنتاج الذي سيقود إلى انخفاض التصدير يضاف إلى ذلك الخسارة التي ستلحق باستثمارات البلدان النامية الموظفة في تلك البلدان الصناعية حيث ستتأثر القيمة الحقيقة للأصول الاستثمارية للبلدان النامية في تلك البلدان التي تجتاحها الأزمة كالاستثمارات العربية - مثلاً - في جنوب شرق أسيا كما أن سيولة الاستثمارات الخارجية في البلدان النامية ستتقلص والموجودة منها سوف تحاول الهروب خوفاً من أن تطال الأزمة أسواق تلك البلدان وهو ما سيؤدي إلى تواجه صعوبات اقتصادية جمة.وفيما يتصل بالأثر الإيجابي الذي قدمته الأزمة الراهنة فن الأثر الإيجابي الذي يمكن استقائه يتمثل في الدروس المستفادة منها بأن التحرير السريع لحساب العمليات الرأسمالية في ميزان المدفوعات في إطار عمليات التحرير الاقتصادي مجاراة للعولمة ولضغوط صندوق النقد هما السبب الرئيسي الذي يمكنه أن يقود بنا إلى مثل هذه الأزمات أما الأثر الإيجابي الثاني فإنه يتمثل بأنه لابد من أن يكون للدول دور فاعل وقوي في موضوع السياسات الاقتصادية وبالأخص منها النقدية وهو الأمر الذي يطرح على بساط البحث ضرورة الدعوة إلى هيكلة مالية عالمية جديدة.[c1]بناء نظام مالي ونقدي جديد[/c]أن دعوتنا إلى الهيكلة المالية الجديدة تعني الدعوة إلى بناء نظام مالي ونقدي عالمي جديد وهو الأمر الذي ينطوي على أهمية كبيرة فيما يتصل بجانب المؤسسات المالية _ الصندوق أو البنك _ باعتبارهما يمثلان عمادة النظام المالي المختلفة التي لا تقوم على أساس من التحليل والتمحيص الدقيقين لكافة المراحل التي مرت بها مؤسسات بروتون روودز مبتدئيين بصندوق النقد الدولي وبعد ذلك سنتناول البنك الدولي .. وفيما يتصل بصندوق النقد يمكن تحديدها على نحو التالي:[c1]المرحلة الأولى[/c]وهي التي تبتدئ مع بداية عمل هذه المؤسسة حتى (15 أغسطس 1971م) حينما كان النظام قائم على أساس الدولار والذهب ومنذ العام 1971م بعد فك الإرتباط بين الدولار والذهب في (15 أغسطس من العام نفسه) وما ترتب على ذلك من تعويم أسعار الصرف حدثت تغييرات كثيرة في الاقتصاديات العالمية منها زيادة الأسعار.. كما حدث هناك نوع من الإشكالات التي أدت إلى تغير الصورة التي يتعامل بها صندوق النقد الدولي مع البلاد المختلفة ليس كمقرض قصير الأجل لسد العجز في ميزان المدفوعات بل تجاوز الدور أكثر بكثير من ذلك ووصل حد الروشن وهو ما يحملنا على الاعتقاد بأن “الروشتة” التي يتحدث عنها البعض والتي يقدمها عادة صندوق النقد الدولي في إطار واحد ومتماثل لجميع البلدان وأن وجدت فيها بعض التفاصيل أو الاختلافات بين بعضها والبعض الأخر فإن ذلك لايتجاوز مستوى التفاصيل أو الإغراق في الالتزامات العميقة والمجحفة لأن سلطة القرار في هذا القرض أو تلك المساعدات التي يمنحها الصندوق يقررها السادة الكبار المتحكمون في سلطة الصندوق كالولايات المتحدة الأمريكية التي تملك النصيب الأعظم من حصصه .. لذلك فإن رضائها من عدمه في منح ذلك القرض أو تلك المساعدة لأية دولة يرتبط في الحصول على رضائها المسبق وهو ما يستدعي بأن تكون تلك الدولة المطالبة للقرض أو الممنوحة لها المساعدة بأن تكون دولة موالية للولايات المتحدة أو من الدول التي تدور في فلكها مع الأخذ بعين الاعتبار أن سلطة القرار والقوة الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية تقع تحت سيطرة اللوبي الصهيوني اليهودي المسيطر على الكونجرس بمجلسيه النواب والشيوخ .. لذلك فإن الحديث عن طريقة وأسلوب وسلطة تقديم القروض ومنح المساعدات التي يقدمها الصندوق والشروط المجحفة لها تغدو مدعاة سخرية وعبث حينما نعرف بأن سلطة القرار داخل الصندوق تتقرر بيد مالكي الحصص الأكبر وتشترط رضاهم المسبق ويعدو ذلك الأمر جليا عندما نتسأل عن حصص دول مثل كوبا وإيران وليبيا والسودان والعراق والبلدان الأخرى التي تتميز بإنتهاج السياسات الوطنية المستقلة فإنها مسألة لا يقبل فيها النقاش نتيجة لهيمنة السادة الكبار..وبذلك تتأكد لنا حقيقة قضية الروشته التي يقدمها الصندوق بأنها لا تعدو أن تكون إلا عبارة عن ستار لذرائع المنح والحجب والإقصاء لتلك القروض أو المساعدات وهو الدور المشبوه الذي كان يقوم به ولايزال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كإحدى مؤسسات الاستعمار الجديد في سنوات الحرب الباردة!!.وما التغييرات في المقتضيات التي يقوم بها الصندوق بين دولة من الدول وأخرى إلا تحقيقاً لذلك الهدف الذي أسلفنا وهذه التغييرات في المقتضيات لا تتعلق إلا في التفاصيل المتصلة في ذرائع المنح والحجب حسب إتجاهات التطورات السياسية التي تحدث في ذلك البلد أو ذاك وليس في الإطارات التي تحكم سياسات ونطاق نظام عمل الصندوق.وبالرغم من أن الإطار النظري كما هو في عالم الاقتصاد حيث يعتبر إطار واحد معبر عن إرادة واحدة فإنه عند هذه النقطة تحديداً تتساور الشكوك لدى البعض وتتأكد مصداقيتها لدى البعض الأخر فيما يتصل بالإجابة على السؤال: هل استطاع صندوق النقد والبنك الدوليين أن يجتازا وبنجاح في أن يكونا وبخاصة الصندوق- تلك المؤسسة النقدية العالمية التي تستطيع وبنجاح ضبط أسعار العملات وتحويلها في التجارة العالمية - بقدر ما وبحيث لا يؤدي الكوارث التي نشهدها تعصف بالاقتصاد العالمي من أزمات وانهيارات في جنوب شرق أسيا وفي روسيا وفي أمريكا اللاتينية؟!!.ذلك هو الأمر الذي نقصد به عدم ملائمة هذه المؤسسات المالية الدولية للتغيرات التي حدثت وتعصف بالاقتصاد العالمي الأمر الذي يجعلنا نعتقد بأن نظام بروتون وودز هو إنعكاس لعالم فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية هكذا أستمر يعمل إلى عام 1971م عندما تخلت الولايات المتحدة عن قابلية تحويل الدولار إلى ذهب بسبب من امتلاك الإتحاد السوفيتي على أرضية لأكبر كميات من الذهب في العالم - بعد ذلك تغير في الواقع العالم تماماً فبدلا من ثبات مرحلة أسعار الصرف واستقرارها دخلنا مرحلة التعويم وهي مرحلة الثانية التي تنتهي عندها المرحلة الأولى.[c1]المرحلة الثانية[/c]وهي التي تبدأ مع لحظة فك الارتباط بين الدولار والذهب والتي دخل بها العالم مرحلة عدم استقرار أسعار الصرف وأسعار المواد الأولية وأزمات موازين المدفوعات ونشوء أزمة المديونية الضخمة الشديدة الوطئة على البلدان النامية ثم المشكلات التي واجهت المنظومة الشرقية وأدت إلى تفككها واختفاء الإتحاد السوفيتي ثم إنتهاء الحرب الباردة ثم الدخول في العولمة ثم الأزمة المالية - أزمة حركة رؤوس الأموال - العالمية الراهنة والأزمة التجارية العالمية القادمة كنتاج للصراع التنافسي بين الكتل الاقتصادي الدولية .. إلخ .. والمشكلات العديدة التي تستعر من حين بروتون وودز أصبح باليا لا يستطيع أن يواكب هذه المتغيرات الراهنة بل أن وجوده أصبح عامل إعاقة وكبح ويسهم في تأجيج الأزمات والمشكلات ولا يستطيع حلها وأصبحت معه مؤسساته الصندوق والبنك عبئاً ثقيلاً وفي أحياناً كثيرة مسبباً لأزمات ومشكلات الاقتصاد العالمي وفي الطليعة منها الأزمه المالية العالمية الراهنة وعجز تلك المؤسسات أي الصندوق والبنك عن التوقي والتنبؤ بها قبل حدوثها أو السيطرة عليها وإدارتها عند حدوثها أو تقديم المعالجات الصائبة والحلول الناجحة لها بعد حدوثها الأمر الذي يشكل دليلا قاطعا على سؤ أدائها الناجم عن سؤ إدارتها وهو ما يعني عقم سياساتها وإدارتها - وهو ما سنتناوله تفصيلا في مكان أخر من هذا البحث.ذلك هو الأمر الذي يعدو معه إزاء تلك المشكلات مجتمعه وبسببها البحث عن بدائل أخرى والتي يأتي في الطليعة منها البحث في إيجاد نظام مالي نقدي عالمي جديد يراعي هذه التغييرات وفي الإطار نفسه فإننا كإقتصاديون من العالم النامي وكأخصائيون في الاقتصاد الدولي نؤكد بأن النظام الجديد الذي ندعو إليه ونتبنيه هو ذلك النظام الذي ينبغي له أن يراعي في تكوينه ومداميك تأسيسه مصالح وحاجات البلدان النامية بما يلبي حاجاتها إلى توفير متطلبات التنمية وتحقيق النمو والتطور وأن لا يتكرر ما حدث معها من تجاهل وتغييب لدورها في إجتماعات بريتو وودز عام 1944م هذه من النقاط المعيبة المأخوذة على بريتون وودز بعدم مراعاة البلدان النامية بمصالحها وهو ما قاد بريتو وودز على الدوام إلى الإخفاق والفشل الذريعين بدليل الأزمات المالية العالمية التي تقود إلى تدهور العملات وفقدان الاستقرار لأسعار الصرف والأزمة للسيولة النقدية العالمية المتمثلة بوجود ما يزيد عن التريلون ونصف التريليون دولار تجوب وتتزاحم داخل أسواق المال والأسهم في العالم وهي تتجاوز في قيمتها أسعار السلع والخدمات في العالم أي خمسين صفعاً وتمثل حجم ومقدار فجوة التضخم التي يعيشها كوكبنا الأرضي والتي لايمكن حلها إلا بالركود والكساد العظيمين القادمين وفقا لآليات ونظام الاقتصاد الحر التي تعالج التضخم بالركود بالتضخم أي الدوران في حلقة مفرغة وهي دليل إخفاق وفشل مريع لمنهج وفكر نظام الاقتصاد الحر وعقم أدواته المتمثلة في اقتصاد السوق الذي يقود إلى الفوضى والملكية الخاصة الاستغلالية والقطاع الخاص الاحتكاري والجشع .. وذلك يعني أنه في ظل تكتيكات وميكانيزمات النظام الاقتصادي الحر فإن الأزمات ستظل باقية وهنا يثور السؤال في ظل عدم وجود بدائل أخرى لديه ... هل سيبقى وإلى متى سيبقى صندوق النقد يتعامل مع الأزمات التي تواجهها البلدان النامية بنظام “الروشته” النمطية الواحدة التي يتبعها والتي نجده حتى فترة قريبة مع دولة مثل كوريا الجنوبية في نفس السياسة التي تتبعها مع مصر ومع السودان ومع دول عديدة أخرى مثل المكسيك في أمريكا اللاتينية ... إلخ؟السبب في ذلك أن تشخيص الصندوق للأزمات يتركز على رؤية معينة في علم الاقتصاد هي الرؤية “النيوكلاسيكية” التي ترى بأن المشكلات تنشأ في ميزان المدفوعات تعين الإختلال الخارجي ومشكلات التوازن الداخلي وبالذات العجز في الموازنة العامة والتضخم .. إلخ ترجع اسبابها إلى أخطاء السياسات الاقتصادية وإلى وجود “أكسيست دي ماند” فائض لدى هذه الدول إن الدرس الذي يمكن إستخلاصه من الأزمة الأسيوية هو الفشل المريع لبرنامج صندوق النقد الدولي الذي كان يعتقده طموحاً غداة أزمة البيسو المكسيكي والذي كان يقوم على أساس “توفير المعلومات الكاملة حول التغييرات الإقتصادية الأساسية في الوقت المناسب “ وهو بذلك .. أي الصندوق .. مارس أشد أنواع البلاهة قبحاً .. فكيف له أن ينتظر الحصول على المعلومات الدقيقة والصحيحة من الأنظمة الفاسدة التي تحكم في مثل تلك البلدان .. سوهارتو مثلاُ..!!.إن فشل الصندوق المريع في هذا المضمار يجعلنا- بتواضع شديد- أن نقدم بدائلنا التي نعتبرها بأنها في مستوى أفضل وأقدر من مستوى موظفي ومسئولي الصندوق في إطار البحث عن وسائل لتحسين مراقبة الإقتصادات العضوة وتجنب حدوث أزمات أخرى بالتالي لديها.. حيث كان يفترض تحديد معيار خاص للإنزلاقات الإقتصادية الكبرى التي تأتي من بين مؤشراتها المهمة:أ- مستوى الإحتياطات الدولية.ب- حصيلة ميزان المدفوعات.ج- الموازنة .د- معدل التضخم.ه- معدل النمو.إن رأينا هذا- على بساطته- يمثل مستوى متقدم يتجاوز مستوى دهاقنه صندوق النقد الدولي في مجال البحث عن وسائل لتحسين مراقبة الإقتصادات العضوة وتجنب حدوث أزمات أخرى لأن البيانات الكاذبة التي قدمتها كوريا الجنوبية وإندونيسيا وتايلاند وماليزيا حول مستوى الإستدانة لكل منها وإحتياطاتها من العملات يعتبر مثالاً صارخاً لعدم سلامة ومصداقية وطريقة التفكير التي يتبعها صندوق النقد والتي يعتقد فيها بأن تحسين جمع المعلومات وتداولها يمكن أن يكون كافياً لتحاشي الأزمات.. إن ذلك ليس سوى وهم وخداع يمارسه موظفي الصندوق على أنفسهم وعلى الشعوب والبلدان الأخرى .. ليس لأن البيانات ستكون كاذبة كما أشرنا سلفاً إلى حالات بعض البلدان الأسيوية .. ليس ذلك وحسب .. بل ولأنه وفقاً لأبسط قواعد التحليل الإقتصادي فإن المؤشرات الإقتصادية الكلية والتقليدية لا تكفي إعطاء فكرة دقيقة عن الوضع في بلد ما وفي بعض الحالات عندما تكون المصارف مدينة للسلطات العامة فإن الأمر يصبح مختلفاً..تلك ما أخذنا على مستوى وطريقة التفكير القاصر لدى موظفي ومسئولي صندوق النقد الدولي وأيضاً على سياساتهم وبرامجهم في مجال التوخي ودرء الأزمات وهي دليل عجز فاضح في مستوى وطريقة تفكيرهم الناجم عن الضعف والقصور وعدم القدرة على الخلق والإبداع لديهم وهو ما يمكن أن تفسر به العجز الكلي الهيكلي لصندوق النقد كمقرض نهائي يتم اللجوء إليه في النهاية دون أن تكون لدية القدرة الكافية للقيام بهذا الدور من جهة ومن جهة أخرى أن القاعدة المالية الحالية لصندوق النقد الدولي التي تعتبر غير قادرة على مواجهة ضخامة التحديات التي تطرحها العولمة المالية يثير الشكوك في مصداقية تدخلاته في المستقبل في حالة وقوع المزيد من الأزمات وهذا يؤكد الشكوك بعدم سلامة نظامه وكذا طريقة وإٍسلوب أدائه لأنه في حالات التدخلات فإنه لا يتدخل لمعاقبة شطط الحكومات.. ولكن لتصحيح أوجه الخلل في نشاط القطاع الخاص وهو ما يشكل في حد ذاته إنحرافاً بالغاً عن مهمته الأصلية.. وفي هذا المجال بوسعنا التساؤل عما إذا كانت تدخلاته لصالح المقاولين من القطاع الخاص ليست بمثابة باب مفتوح لعمليات الإخلال المتكررة بنظامه ثم أن فاعلية التدخلات أبعد من أن تكون مؤكدة النتائج ففي أسياء مثلاً على عكس ما لوحظ في حالة المكسيك .. لم يحول تدخله دون وقف إنهيار العملات والبورصات رغم ضخامة ذلك التدخل والعلاجات التي تمت التوصية بها وبالأخص في حالات تايلاند وكوريا الجنوبية كانت هي نفسها التي إستخدمت في المكسيك من قبل دون مراعاة أن طبيعة المصاعب التي تواجهها بلدان أسياء ذات طبيعة مختلفة عنها في المكسيك لأن المصارف والمجموعات الصناعية الكبرى هي المدينة وليس السلطات العامة وهو ما يجعل المرء أن يتشكك في فاعلية تلك المعالجات ففي كوريا الجنوبية حدد معدل التضخم بنسبة (5%) فقط بينما العملة المحلية”الوزن” (60%) من قيمتها في العام 1997م وهو أمر يثير الريبة..!!.كما أنه يهمنا في هذا السياق الإشارة إلى الأثر الركودي الحاكم للسياسات التي يقترحها والمتمثل في إنكماش الطلب الداخلي والسياسة النقدية التقييدية وزيادة الضرائب والتوسع في الوعاء الضريبي .. إلخ .. والتي يبرز معها التساؤل حول مدى صلاحية مثل تلك السياسات إزاء بلد يواجه تفجراً داخلياً لنظامه المصرفي والي أدى مدى يجري فرض معدلات فائدة مرتفعة وبرنامج تقشف يؤدي إلى عرقلة التنمية ولا يسهم في تصحيح مسار القطاع المالي.. بل يؤدي إلى العكس من ذلك لأنه في حالات تشابك المشاكل الإقتصادية الكلية مع تلك الجزئية فإن حلها بشكل متناسق يكون صعباً دون أن تستمر حلقة التضخم المفرغة.يبين هذا الإطار التوصيات “ الأرتوذكسيه” للروشته التقليدية التي يقدمها صندوق النقد تبرز تساؤلات أخرى حول هذه النقطة أيضاً فقد جاء في تقرير سري للصندوق أن هذه المؤسسة- أي الصندوق- قد ساهمت في زعزعة الثقة وزادت من مخاطر الأزمة بأن أصرت مثلاً- على إغلاق (16) مصرفاً في إندونيسيا (راجع صحيفة نيويورك تيمز عدد 14 يناير 1998م) وهنا يبرز التساؤل عما إذا كان من إختصاص صندوق النقد أن يملي على الحكومة الإندونيسية سلوكه في كل المجالات خاصة وأن التكلفة الإجتماعية لمثل هكذا إجراء تكون باهظة!! ومما لا يزيد في مشروعية هذا التساؤل أن تنفيذ توصيات الصندوق في مجال التحرير المالي بلا ضوابط هو الذي يقود إلى الإنحرافات المالية التي تتسبب في الأزمات..إن من الإختلالات التي تعاني منها صندوق النقد الدولي في مواجهة الأزمات- وبخاصة الأسيوية- تعود إلى ما يلي :أولاً: التوسع المفرط في صلاحياته :فهذه المؤسسة أي الصندوق مكلف أصلاً في حل مشاكل موازين المدفوعات ولكنه درج على أن يتولى تدريجياً صلاحيات أوسع فأوسع دون أن يجري مع ذلك أي تعديل أو تطوير في آليات التحليل لديه أو أن يتم بالتفكير الجماعي البحث حول أفضل السبل لإعمال تلك الصلاحيات..ثانياً: بسبب من:-1 الفشل النسبي لتدخلاته.-2 عجزه عن توقع الأزمات.-3 سوء إدارة الأزمات.إن تلك المسائل التي تعود في جوهرها إلى أسباب عدم التوافق مع الإطار التأسيسي له الذي صمم خلال الأربعينات وفيما إذا كان يريد أن يكتفي في صلاحياته الأصلية المتمثلة في توفير الرخاء للدول الأعضاء بتأمين قدر من الإستقرار للنظام النقدي الدولي فإنه ينبغي أن يتزود الآن بأدوات جديدة.ثالثاً: فيما يتعلق بإدارة الأزمات:فإنه يبدو من الواضح والجلي عدم تلائم الآليات الحالية مع أنماط إعمالات الإقتصاد الدولي.[c1]رابعاً: المجالات الإقتصادية[/c]إن المعالجات الإقتصادية الكية المحددة من جانب الصندوق تعكس في الواقع التفاوت بين الأدوات المتوافرة لديه فهي كبيرة وعديدة وضخمة وبين ما يتعين عليه من مهام أن يضطلع بها وهي قليلة حيث لا تتجاوز مستوى وحجم الروشته المناطة فيه بها.. وليست فيها أية أعباء جديدة أو متزايدة..[c1]خامساً: الدقة وتحديد الصلاحيات[/c]إن عدم الدقة في تحديد صلاحيات الصندوق قادت إلى أنواع عديدة من الإنحرافات مثل :1- دعم المؤسسات القطاع الخاص الرأسمالي تحت نوع إنقاذ نشطاء من القطاع الخاص؟؟!!2- التدخل في تحديد أنماط تشغيل الإقتصادات .. إلخ...[c1]سادساً: سؤ التركيب والإدارة[/c]سؤ تركيبة وإدارة وأداء الصندوق بحيث أًصبح يشار في مختلف الأرجاء إليه في سبابة الإتهام كمؤسسة فاشلة وسيئة الصيت والسمعة .وعليه فقد آن الأوان لإعادة تحديد وتعريف دور ومهام وصلاحيات صندوق النقد الدولي وكذلك تحديد شروط تدخلاته وتم وفصلها مع شروط مؤسسات مالية دولية أخرى مثل بنك التسويات الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى كالبنك وبنك التمويل الدولي وبنك التنمية الدولي.. إلخ .. ولعل عقد مؤتمر دولي جديد على غرار مؤتمر بريتون وودز في عام 1944م سيغدو أكثر إلحاحاً ومطلب عاجل يشغل بال كافة الشعوب والدول حتى يتم تقديم صيغة جديدة لنظام مالي ونقدي دولي جديد.في إطار تلك المساؤى والسلبيات والأخطاء التي كانت قاتله بالنسبة لبعض الشعوب حداً يستدعي لإقامة “ نورمبرج” جديدة خاصة بصندوق النقد الدولي لإرتكابه جرائم بشعة بحق الإنسانية وبخاصة شعوب ودول العالم النامي التي أًصبح معها صندوق النقد في موقع إتهام من قبل جميع الأطراف وفي كل أرجاء العالم عدى سلطات الولايات المتحدة الأمريكية .. لأن حاميها حراميها! إلا أن ما نود التأكيد عليه أن تلك المساؤى والأخطاء والسلبيات يضاف إليها عمليات الفساد الداخلي والخارجي المستشري هي عوامل مشتركة بين جميع المؤسسات المالية الدولية لأنها تشترك فيها جميعاً وأن كانت بنسب متفاوته تتميز ببعض حدود التباين والإختلافات بين هذه أو تلك ولكنها إينما وجدت فهي لا تعدوا أن تكون عبارة عن إستثناءات تثبت القاعدة وتؤكدها ولا تغيرها مثال ذلك ما تشترك فيه هذه المؤسسات من عدم القيام بمسئولياتها في الحفاظ على عوامل إستقرار وسلامة النظام المالي والنقدي العالمي وهو ما يستدعي منها أن تكون دائماً محتاطة ويقظة تجاه الأزمات والتقلبات للتوخي منها والتنبيه إليها ووضع المعالجات لها ولكن يبدوا من تكرار الأزمات وإستمرارها أن مثل هكذا مؤسسات أضحت غير قادرة على القيام بمسئولياتها تلك فحسب.. بل بالإضافة إلى ذلك نمثل عنصر إعاقة وكبح لا ينبغي القبول به وهو ما يعني في الآن ذاته عدم القبول في بقائها .. إلخ.أما الحديث عن الجوانب المتصلة بقضايا الفساد الذي يدور داخلها فحدث ولا حرج.. ويكفي للتدليل على واقع الفساد الغارقة فيه أن نأخذ ما يعد النموذج الأفضل بينها جميعاً وهو البنك الدولي والذي سنعرج في عجالة سريعة إلى إستعراض البعض منها على سبيل المثال فقط وليس الحصر .. والتي يأتي في “البنك الدولي.. وكر للفساد”:الطليعة منها قضايا الفساد التي يمكن تسجيلها على نشاط وأعمال البنك الدولي في مجال الإقراض والتمويل ما يلي:[c1]أولاً : عدم الأمانة العلمية [/c]يتأكد ذلك من خلال النشرات التنبوية التي يصدرها البنك لأسعار مواد التصدير في العالم والتي لا تمت للأمانة العلمية بصلة وتتصف بعد المصداقية وقد كشفت عن ذلك مؤشرات الأسعار التي وضعها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية « أونكتاد» أن التنبؤات السعرية التي يصدرها البنك الدولي منذ العام 1980 هي أعلى بكثير من التحركات الفعلية لأسعار العالم النامي.كما أنتقد وزير الصناعة الماليزي الأسبق حينها «بول ليونغ» البنك الدولي الذي يتسبب من خلال تنبؤاته السعرية المبالغ فيها وفي كفاءتها في خلق فيض من عرض مادة المطاط الطبيعي في السوق الدولية ، وأوضح ليونغ أن البنك الدولي كان قد تنبأ في إبريل 1984م بأن سعر المطاط عام 1985م سيكون (191,80) سنتاً ماليزيا للكيلو غرام الواحد ويمكن أن يصل إلى (593,10) سنتاً عام 1990م في حين لم يتجاوز سعر هذه المادة عام 1985م مبلغ (187,5) سنتاً للكيلو غرام وما لبث هذا الرقم أن أنخفض في عامي 1987-86 ؟؟!!.إن هذه التنبؤات غير الواقعية ببلدان العالم النامي إلى زراعة المزيد من أشجار المطاط الأمر الذي أدى إلى خلق فيض كبير في العرض قاد إلى إنخفاض كبير في الأسعار وكان ذلك أشبه ما يكون بالإنتحار بالنسبة للعديد من الدول المصدرة للمطاط- وتلك جريمة نكراء كان المتسبب فيها ويتحمل مسئوليتها البنك الدولي.[c1]ثانياً: فضيحة أو جريمة «سد الفوكلاند» أو» نصب الفساد»[/c]كانت التقديرات الأولية تكلفة ذلك السد لا تزد على مليار ونصف المليار فقط والسد المقصود هو سد «باسريتا» على النهر الذي يفصل بين البارغواي والإرجنتين وهو السد الذي تناوبت عليه منذ أول إتفاق إنشائه عام 1973م عدة عهود كان الجميع يرضعون من حليب السد المالي الذي يوفره البنك الدولي وظل هذا المشروع الذي يموله ويشرف على تنفيذه البنك الدولي.. ظل يراوح في مكانه حتى العام 1990م عند وصول الرئيس «كارلوس منعم» إلى سدة الرئاسة ليفاجأ بان نفقات السد قد تجاوزت مبلغ ثلاثة مليار دولار أي ضعف التكلفة الكلية المقدرة بمليار ونصف فقط وبالرغم من تلك الثلاثة المليار التي تم صرفها فإن ما تم إنجازه من السد المزعوم لم يكن يزيد على (60%) ستون بالمئة من الإنشاءات! حينها أطلق الرئيس «منعم» على السد لقب» نصب الفساد»؟؟والذهول أن يستمر البنك الدولي في تمويل مشروع تجاوزت تكاليف النفقات عليه أضعاف مضاعفة عن تكلفته الأولية لقد كان ذلك من دواعي الحيرة والسخرية معاً والأدهى والأنكى أن البنك الدولي قدر مبلغ سته مليار لإنهاء السد! والأسوأ من ذلك أن بعثة من البنك الدولي نفسه قامت عام 1995م في زيارة للمشروع لتكتشف بأن ما يزيد عن (15) ألف من المزارعين الذين فقدوا أراضيهم ومنازلهم بسبب بناء السد لم يتم تعويضهم نهائياً في الوقت الذي كانت تقارير البنك الدولي تؤكد بأنه تم دفع التعويض لهم؟؟!!.كما إكتشفت البعثة عدداً من الفضائح من بينها أن» مصعد للأسماك» بلغت تكاليفه ما يزيد على خمسة وعشرين مليون دولار يصلح فقط لصعود الأسماك عكس التيار ولكنه لا يسمح بالعودة لها بعد وضع بيوضها مما يقود إلى موتها وبذلك يكون البنك الدولي قد ساهم في جريمة تدمير الثروة الوطنية من الأسماك لذلك البلد.. ما هو مخزي أكثر من نفقات السد تجاوزت (12) مليار دولار ولم يكتمل بنائه..[c1]ثالثاً: الخبراء الفاسدون والمستشارون الأميويون[/c]يشترط البنك الدولي عندما يقدم قرضاً لتمويل مشروع ما .. يشترط على المقترض الإستعانة بخبراء للإشراف على المشروع ومتابعة أعماله حتى النهاية وقد تبين أنهم مجموعة من الفاسدين والأميين حيث ورد في تقرير وضعه عضو في صندوق الدفاع عن البيئة «كورينا هورتا» لمشروع في غينياء وكان الملفت في هذا المشروع أن إدارة الغابات في المنطقة عاجزة عن توفير ستة حراس لحماية (260) ألف أكر من الغابات في الوقت الذي يقود أكثر من ذلك العدد بعمل الحراسات لفيلات المستشارين وخدمتهم بدلاً من أن يقوموا في حراسة الغابات فتم تحويلهم إلى حراسة فيلات المستشارين والخبراء وخدمتهم وقد بلغت قيمة فيلاتهم ورواتبهم خمسة أضعاف إجمالي تكلفة المشروع . وهنا قد يقول قائل أن هؤلاء الخبراء والمستشارين يمثلون «زبدة» المعرفة الغربية ولكن يكفي أن نعرف مثلاُ- في حالة بنجلادش أن(15%) من هؤلاء الخبراء يحملون فقط الثانوية العامة وأن (2%) من هؤلاء المستشارين والخبراء لا يحملون أي شهادة مدرسية أي أنهم أميون؟؟!! يمكن للقارئ اللبيب العودة إلى دراسة التقرير أعدته وزارة المالية في بنجلادش عام 1990م حول هذا الموضوع..إن مؤسسات مالية دولية فاسدة بهذا المستوى يتساءل المرء إلى أي حد يمكن لها أن تكون مقبولة .. وهنا تتقدم إلى الصدارة قضية أن مثل هكذا مؤسسات مالية دولية هي في حقيقتها وجوهرها عبارة عن أداة وجدت لخدمة قوى الهيمنة الدولية وتحقيق أهدافها في السيطرة على كل العالم بعد أن تقوم تلك المؤسسات المالية الدولية بتركيع كل العالم لها.. في إطار مثل هكذا واقع متردي وسيء تعيشه هذه المؤسسات المالية الدولية كيف يمكن لها أن تتعاطى مع قضايا العالم المعاصرة والتي يأتي في المقدمة منها قضايا الفقر والتنمية والمديونية مضافاً إليها قضايا الإختلالات التي يعاني منها النظام المصرفي العالمي وهي ضمن أمور أخرى تجعلنا نؤكد عليها كموضوعات تشكل محور ولب إهتماماتنا في إطار البحث عن مخارج للأزمات التي تعصف بالإقتصاد العالمي في شقيه المالي والنقدي والقضايا الأخرى المتعلقة بها بالرغم من أننا نقدم صياغة جديدة لنظام نقدي ومالي عالمي جديد في نهاية هذا المبحث إلا أننا سوف نعرج بإيجاز سريع في هذه التناولة الأولى إلى قضايا الفقر والتنمية والنظام المصرفي ومن ثم المديونية والنظام النقدي العالمي الجديد الذي ندعو إليه بالإشارة إليها كتحديدات مسجلة في قائمة الإخفاقات على المؤسسات المالية الدولية: