زواج الصغيرات جدل يتسع
كتب / صقر ابوحسن فيما هدأت وتيرة جدل مجلس النواب اليمني حول قانون يحدد سن الزواج ، بدأ جدل أخر يشتد خارج أسوار المجلس وان كان قريبا بما يكفي ليبعث رسائل إلى صناع القرار إما للتأييد أو للمعارضة. فمع قرب حسم قانون يجرم تزويج الفتيات دون سن 17عاما ، يتمسك الطرفان بالتعبير عن رفض وجهة نظر الآخر، بوسائل باتت عرفاً مدنياً جديداً. الأسبوع الماضي كان اشد تلك المراحل ، فقد حشد الطرفان أنصارهما لمحاولة كسب المعركة التي بدأ دخانها يتصاعد بكثافة ، فقد حشد “معارضو القانون” ، مئات النساء للمطالبة بعدم تحديد سن للزواج ، معتبرات زواج القاصرات “ستراً لهن” ، وكان أعضاء بارزون في حزب الإصلاح الإسلامي المعارض بدؤوا منذ وقت قصير بتدشين جمع مليون توقيع لتعزيز موقف “المعارضين “ ، مستندين إلى حصيلة علمية وشرعية ، في المقابل لم تكتف المنظمات الأهلية في اليمن بتنظيم برامج توعية، بل زادت بأن أشركت قطاعات كثيرة ، منظمة سياج والمدرسة الديمقراطية واللجنة الوطنية للمرأة ، وكلها تنفذ مشاريعها بدعم من شركاء في منظمات دولية تعمل في مجال المرأة والطفل وبرعاية رسمية ، وكان عقد الورش وتنظيم الدورات والمؤتمرات واللقاءات الجماهيرية وجمع التوقيعات، أهم تلك الأدوات لتعزيز موقفها “المؤيد” ، فقد احتشدت المئات من النساء للمطالبة بتحديد سن الزواج وذلك في ساحة الحرية أمام مجلس النواب اليمني .وتشكل وفيات الأمهات التي تحدث بسبب “الحمل والولادة” في اليمن ، نسبة كبيرة من الوفيات بين النساء في سن الإنجاب (15 - 45 سنة) ، وبمقارنتها مع الدول العربية لإقليم شرق المتوسط وكذلك العالم ، يتضح أنها واحدة من أعلى المعدلات” ، إذ يصل معدل وفيات الأمهات اليمنيات إلى (365) وفاة لكل(مئة ألف) ولادة حية، إي بمعدل (2000) وفاة للأمهات في العام ، و(7) حالات وفاة في اليوم الواحد. تلك الأرقام هي من جعلت (عبدو كريمو ادباجي- ممثل منظمة اليونسف في اليمن) يقول “ بالإمكان إنقاذ ما يقارب ربع المواليد الجدد إذا بدأت الأمهات بإرضاعهم رضاعة طبيعية خالصة منذ النصف الساعة الأولى للولادة وحتى نهاية الشهر السادس ، وهذا يعني انه بالإمكان إنقاذ 15,000 مولود جديد سنويا في اليمن” ، مضيفا أن موت نساء كل يوم في جميع أنحاء العالم بسبب مضاعفات تتعلق بالحمل و الولادة ، بأن ينطبق على اليمن أيضا “ حيث تتم ولادة واحدة من بين ثلاث ولادات بواسطة أيد مدربة”. معترفاً إن : تلك الحقائق والأرقام والمؤشرات “صادمة” ، ولكن ذكرتها كي اظهر لكم كيف إن المعلومات أداة مهمة للتغلب على المشاكل مثل مشكلة وفيات الأمهات” .وباتت الطفلة اليمنية”نجود”محط أنظار الكثيرين على اعتبارها اصغر مطلقة في اليمن ، لذلك غالبا ما يتم الاستعانة بتفاصيل قصة زواجها من رجل يكبرها بثلاثة أضعاف عمرها. فقد تم تزويجها وهي في سن التاسعة من رجل يبلغ عمره 33عاما، حتى قضت إحدى المحاكم اليمنية بتطليقها ، لتفتح الباب للكثيرات ممن تم تزويجهن في سن مبكرة للذهاب نحو القضاء. فقد أشارت دراسة يمنية حديثة إلى إن : خمسة عوامل رئيسة مسؤولة عن 80 % من وفيات الأمهات في اليمن ، يأتي”النزيف الحاد” في المقدمة22 % ، وحمى النفاس 8 % ، والإجهاض ومضاعفاته 14 % ، وتشنجات ارتفاع ضغط الدم11 % ، وتعسر الولادة 8 %. ويلعب سن النساء عند “الحمل والولادة” دورا مهما في هذا الجانب. وفي بلد بطبيعته القبلية المحافظة مثل اليمن يضطر الكثير من أولياء الأمور في الكثير من مناطق الأرياف إلى تزويج بناتهم في سن مبكرة قد لا تتجاوز (10)أعوام لاعتبارات متعددة يقف الفقر على رأسها ،وارتفاع ملحوظ في أعداد الفتيات ممن تجاوزن سن 30عاما ، في الكثير من مدن البلد، لتكون “العنوسة” و”الزواج المبكر” ظاهرتين اعتاد المجتمع على التعايش معهما بهدوء. وحتى الأسبوع الفائت بدأت تتصاعد المطالبة بشكل أكثر حدة بعد وفاة فتاة تبلغ من العمر 13عاما اثر نزيف “مميت” من أعضائها التناسلية بعد ثلاثة أيام من زواجها ، كحادثة أعادت إلى الأذهان موت الطفلة “فوزية عبد الله يوسف12عاما” والتي لاقت حتفها وهي تلد مولودها البكر .