ولدت الروائية ماري شيلى عام 1797م وكان والدها السيد وليام جودوين كاتبا ومفكرا عظيماً في عصره وكان شديد الايمان بان الانسان خير بطبيعته الفطرية ولكن نتيجة لتأثير البيئة والمجتمع عليه من الممكن ان يتحول الى شرير وكان لهذا المبدأ تاثيره الكبير على ابنته ماري في كتاباتها خصوصاً في رائعتها فرتكنشتاين.توفيت والدة ماري اثناء ولادتها وكنت الام ايضاً كاتبة وكانت جميع كتاباتها تتمحور حول حقوق المرأة كما قاتلت بشجاعة لانتزاع حقوق المرأة من المجتمع الذكوري وكانت المرأة في تلك الفترة بامس الحاجة للتشجيع لانتزاع حقوقها من عالم الرجال.تزوجت ماري من الشاعر بيرسي بابيش شيلي بعد وفاة زوجته الاولى عام 1816م وفي نفس العام قضيا اجازتهما الصيفية في سويسرا .وكانت اوربا- وخصوصاً سويسرا -تكثر فها الامطار صيفاً وكان على شيلي وزوجته وكذا صديقهم الشاعر الكبير اللورد بايرن ان يبتكروا طريقة حتي يقتلوا وقت فراغهم في الاوقات الممطرة وكان من ضمن الوسائل المبتكرة تأليف روايات عن الاشباح حتى يخلقوا جوا من الاثارة والتشويق وكان من المسلم به بان الروايات والقصص التي كانت تدور رحاها حول الاشباح وكذا القصص التي تتميز بطابع الغموض والرهبة وكذا حول الارواح الشريرة لاشخاص ماتوا كل هذه القصص كانت ذائعة الصيت وتجد لها صداً قوياً من قبل القراء في تلك الفترة ولكن لم يكن القراء ولاحتى الكتاب جادون حول ذلك النوع من القصص فعلى سبيل المثال كتبت جين اوستين قصة دير نوثينجر (بالرغم من انها لم تنشر حتى 1818) وفيها سخرت من قصص الرعب التي تدور رحاها داخل القلاع العتيقة.لم تنشر قصص لشيلي (الزوج) اوبايرن،كما اننا لانعلم الكثير عنها ولكن كان لقصص ماري عن الاشباح في سويسرا صدى كبير من قبل جمهور القراء كما شجعها زوجها وصديقة اللورد بايرن على الاستمرار في الكتابة وطلبا منها ذات مرة بتفعيل قصة كانت قد كتبتها وتحويلها الى رواية للنشر ،وبدأت ماري بالانكباب على قصتها وتحويلها الى رواية وكان لذلك الوحش البشري في قصتها فرنكنشتاين صدى كبير كما لاقت نجاحاً منقطع النظير بمجرد نشرها.ينظر القراء لرواية "فرنكنشتاين" على انها قصة رعب مليئة بالرهبة ،لكن ماري عبرت عن مبادئها التي تؤمن بها من خلال هذه الرواية ،فهي - كوالدها -تؤمن بان الانسان خير بالفطرة ولكنه يتحول الى الشر بفعل تأثير المجتمع عليه لان المجتمع يكثر فيه النفاق والكذب والرياء وكذا الحقد والكراهية كل هذه العوامل - حسب وجهة نظر ماري شيلي - تؤثر على سجية الانسان وتدفعة للتحول من شخص خير الى شرير بل والى وحش كاسر كما في رواية فرنكنشتاين التي فيها يحاول العالم اوالطبيب فرنكنشتاين ان يصنع انسان كاملاً يمتاز بصفات القوة والذكاء والجمال وعندما نجح في تلك التجرية المثيرة وتمكن من جعل ذلك الانسان يتحرك ظهر له الانسان بل بالاحرى كان مسخا مشوها ونتيجة لذلك تخوف الناس منه كثيرا كما شعروا بالاشمئزاز لمجرد رؤيته بالرغم من انه كان طيبا ولم يؤذي احد وبدا الناس بمعاملته معاملة فظة قاسية وحتى الاطفال كانوا يرمونه بالحجارة لالشيء الا لانه قبيح ،وحتى العالم الطبيب فرنكنشتاين الذي صنعة بدأ هو الآخر الشعور بالاشمئزاز والنفور منه بل وكان قد تخلى عنه ولم يعترف به ونتيجة لكل ذلك تحول ذلك المسخ بالفعل الى شرير الى مخلوق يكره الجنس البشري الذي اضطهده وسعى الى الانتقام وبدأ بالعالم فرنكنشتاين الذي صنعه وتخلى عنه ،وحاول المسخ الانتقام ايضاً من عائلة فرنكنشتاين ومن كل اصدقائه وأحبائه.حاولت ماري شيلي ان تظهر في هذه الرواية المثيرة بأن نزعة الشر لم تكن في بادىء الامر موجودة في المسخ ولكنها نمت فيه الى ان تاصلت وتحولت الى رغبة عارمة في الانتقام كل ذلك بسبب غباء المجتمع الذي كان ظالما وقاسياً في حكمه على المسخ لقد نصبوا انفسهم القاضي والجلاد في ان واحد في قضية كان المتهم فيها مخلوق كل جريمته انه بشع ارادت شيلي من خلال روايتها ان تقول بان المجتمع هو المسؤول عن خلق وحش شرير واول من بدأ بخلق المشكلة- من وجهة نظر المؤلفة - هو العالم والطبيب فرنكنشتاين نفسه وذلك بتخلية عن المخلوق الذي صنعه ،لقد هرب من مسئوليته كعالم كان يفترض ان يتحمل نتيجة اخطاءه العلمية.بقي ان ننوه الى شيء آخر في هذه الرواية وهي ان تجارب العالم والطبيب فرنكنشتاين المرتبطة بقوة الطاقة المولدة للحياة كانت ماري شيلي قد استوحتها من تجارب العالم الفيزيائي الامريكي بن يامين فرانكلين عام 1752م اثناء حلول عاصفة رعدية حيث قام العالم فرانكلين بدفع طائرة ورقية الى السماء وكانت مربوطة بسلك حوله مفتاح بالقرب من الارض وبمجرد ان لمس المفتاح ونتيجة للعاصفة الرعدية اطلق المفتاح - وهو موصل جيد للتيار والحرارة شرارة ضوئية قوية وشعر بصدمة كهربائية قوية كادت ان تؤدي بحياته بفعل الايونات المتولدة حول المفتاح نتيجة العاصفة الرعدية وقد حاول عالمان القيام بنفس التجربة ولكنهما صعقا بالتيار الكهربائي ولقيا حتفهما.وختاماً نقول بأن رواية فرنكنشتاين لماري شيلي نشرت عام 1818م واليوم يقوم العديد من المخرجين السينمائيين العالميين بعمل العديد من الافلام المستوحاة من رواية فرنكنشتاين وكانت عناوين هذه الافلام تحمل نفس عنوان الرواية وقد لاقت هي الاخرى نجاحاً منقطع النظير..
|
ثقافة
ماري شيلي ورواية فرنكنشتاين
أخبار متعلقة