إعداد / مروان الجنزير:بلدان الخليج العربي من الناحية الجغرافية هي تلك الدول الواقعة على الضفة الغربية من الخليج العربي من الكويت شمالاً إلى عُمان غرباً حيث تلتقي ببحر العرب والمحيط الهندي وهي منطقة على الرغم من أقسامها المتعددة تمثل امتداداً جغرافياً ودينياً وتاريخياً واحداً، كما أنه قد تعاقبت عليها تيارات ثقافية واجتماعية وحضارية متشابهة، برغم من انقسامها إلى دويلات مختلفة إلا أنها سميت "بالبحيرة الثقافية" بسبب توحيد معتقدات وثقافات سكانها.[c1]التاريخ السياسي للمنطقة[/c]إن تاريخ هذه المنطقة ينقسم إلى مرحلتين الأولى ماقبل ظهور الثروة النفطية والثانية ما بعد الثورة.فالأولى امتدت إلى أواخر الثلاثينات أي مع بداية الحرب العالمية الثانية في القرن العشرين الماضي، فقد مرت منطقة الخليج العربي بالعديد من المنعطفات شكلت نواتها الحقيقية أو ما نعرفه عنها اليوم، ففي عام 1870م تمكن العثمانيون "الأتراك" من بسط سيطرتهم على الخليج العربي لعقود من الزمن، ثم جاء بعدها الانجليز حيث عملوا على تأمين وجود قواتهم من خلال إبرام المعاهدات السياسية المشروطة، ويظهر جلياً بمرحلة النضال التي مرت بها شعوب الخليج وتعتبر الحركة الوهابية التي قادها الإمام محمد بن عبد الوهاب " 1703-1798" بمؤازرة محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى التي وصل نفوذها إلى معظم شبه الجزيرة العربية بعدها ظهرت بعض الحركات الإصلاحية عام 1938م التي شملت الكويت والبحرين وإمارة دبي.أما مرحلة مابعد النفط تكمن في ظهور الثروة النفطية "الذهب الأسود" معلنة بذلك الدخول في المرحلة الجديدة من حياتها نتج عنها تطور سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي، ففي مضمار السياسة استطاعت كل من الكويت وعمان وقطر والبحرين من الاستقلال وتكوين كيانات توزعت بين نظام الإمارة والسلطنة والنظام الملكي.
[c1]أثر الشعر السياسي في ذلك[/c]إن دراسة الحركة الشعرية في هذه المنطقة استهدفت تحقيق شيئين الأول: موضوعي غايته تفسير الشعر بموضوعية للكشف عن القضايا السياسية والاجتماعية والوطنية الذاتية التي شغل شعراؤه بالتعبير عنها في المرحلتين السابقتين من تاريخ هذه المنطقة.ومما يظهر للعيان سنجد أن هذه الحركة الشعرية كانت معنية في الفترة الأولى من تاريخ الأمة الخليجية بالقضايا السياسية المتمثلة في حروب السعوديين بقلب الجزيرة العربية ومنطقة الإحساء وغيرها من المناطق، وهي حروب أهتم الشعراء بأن يضفوا على سطحها الطابع الديني لكي تدخل فهرس الحروب الدينية من أجل الإصلاح الديني كما جاء في النظرة الوهابية، كما أتسم الشعر الخليجي فيما بعد المرحلة الأولى بالإحساس بالغرابة والتمزق والظلم السياسي والاجتماعي وهي أحاسيس وجدانية ورومانسية فقد أخذت تغزو نفوس الشباب الخليجي عامةً وتحملهم على التبرم بماضيهم وواقعهم وتدفعهم نحو البحث عن عوالم مثالية حيناً والدعوة إلى التمرد على الواقع بغية تغيره حيناً أخر، مما جعل من هذا الشعر تعبيراً وجدانياً يضيف أحياناً ليصبح نغماً ذاتياً منغلقاً أو يتسع ليصير نغماً إنسانياً عميقاً كما أنه في بعض نماذجه وخاصة في المرحلة الأخيرة أصبح تعبيراً واقعياً غامضاً ومعقداً وكأنه يمثل بذلك ثورة على كل القيم والتقاليد الموروثة بما فيها القيم الفنية،فالحركة الشعرية في الخليج العربي انطلقت أواصرها لكسر القيود القديمة لتحقيق تطوراً في الصورة واللغة والأساليب والأوزان بما يواكب فنياً وموضوعياً حركة الشعر العربي في المناطق العربية المجاورة كاليمن ذلك لأن هذا الشعر لم يكد ينفصل عن تأثر وتأثير منطقة بالأخرى.
[c1]تيار الشعر التقليدي[/c]التزم أصحابه البنود التقليدية كما أن هناك تياراً شعرياً تقليدياً للقصيدة القديمة بأغراضها المختلفة وحرصوا من الناحية الفنية على محاكاة الشعر القديم، والاحتذاء بنماذجه وصوره في أكثر الأحيان، فمن أبرز رواد هذا التيار الشعري هو "أحمد بن مشرف" أو مايسمى بأمير الحروب في القصيدة الشعرية فهو أحمد بن علي بن حسين بن مشرف الوشيبي التميمي السلفي ولد في منطقة الإحساء بالمملكة العربية السعودية في أوائل القرن الثاني عشر الهجري وتوفي في عام 1868م... حيث عاش في أواخر عهد الإمام فيصل بن تركي وبداية عهد الإمام عبدالله وكانت الفترة التي عاشها الشاعر فترة علم وازدهار أشرقت فيها شمس التوحيد بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب حيث درس الأدب وتتلمذ على يد الشيخ ومؤرخ العصر الخليجي حسين بن عنام صاحب كتاب "عنوان المجد في تاريخ نجد" وعلى غيره من شيوخ العصر.... فمن هذه الناحية يعد هذا الرجل سجلاً لتلك الفترة الأولى من صراع بين السعوديين وغيرهم وقارئ شعر أحمد بن مشرف سيلاحظ في أبياته أنه يخلط المديح بوصف الحرب والتهنئة بالنصر حتى أن من قصائده الرثاء التي كان يقولها من حين إلى أخر.فمن أقواله وأشعاره الحربية الحماسية المصاحبة للسعوديين في معاركهم قوله:[c1]هل في الجزيرة غير شعب واحد قد مزقت بيد العدا وحداتهمن لي "ببسمرك" يضم صفوفهوعليه تجمع نفسه وأشتاته [/c]
