إسلام أباد/14 أكتوبر/ سايمون كاميرون مور: في مواجهة مساءلة مذلة استقال الرئيس الباكستاني وقائد الجيش السابق برويز مشرف أمس الإثنين بعد خسارته الدعم السياسي والشعبي وافتقاره بشكل كبير أيضا للدعم الأمريكي. ولد مشرف في نيودلهي بالهند في 11 أغسطس عام 1943 ووصل مع والديه إلى كراتشي العاصمة الأولى لباكستان بعد يوم من تقسيم الهند عام 1947 . ووصل مشرف إلى السلطة في انقلاب عام 1999 وأصبح حليفا وثيقا للولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب ونجا من محاولات اغتيال قام بها متشددون يسيرون على نهج تنظيم القاعدة. وذكر خصومه أنه أضر الإسلام بالاستسلام للضغط الأمريكي للتخلي عن مساندته لحكومة حركة طالبان الأفغانية التي كانت تؤوي تنظيم القاعدة في أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر عام 2001 ، ويعتقد مشرف أنه أنقذ باكستان. وزودت الحكومة الأمريكية باكستان بأكثر من 11 مليار دولار خاصة للجيش الباكستاني وتوقعت أن يحقق مشرف نتائج.وألقت باكستان القبض على مئات من أعضاء القاعدة وفقدت أكثر من ألف جندي في معاركها في المناطق القبلية الواقعة على الحدود مع أفغانستان. إلا أن الشكوك حامت حول قيام وكالات الاستخبارات الباكستانية بدور مزدوج بالسماح لمتشددي طالبان بالحصول على ملاذ آمن. ولم تقبل باكستان تحالف مشرف مع الولايات المتحدة وهو ما ساهم في تراجع شعبيته. وبعد أن اعتبر دكتاتورا عسكريا كان مشرف يعامل من الغرب في بادئ الأمر كشخصية منبوذة ولكن في الداخل كان ينظر إليه على أنه نوع آخر من الجنرالات عندما تولى السلطة لأول مرة في البلاد. كان يتمتع بطريقة حميمة وحديثا ساحرا بعد عشرة أعوام من الحكم المدني غير الكفوء والفاسد ورحب كثير من الباكستانيين بإطاحته برئيس الوزراء آنذاك نواز شريف. وأفضل أفلام مشرف هو فيلم (المصارع) بطولة راسل كرو الذي يدور حول جنرال محترم ينقذ روما من إمبراطور شرير. ويقول منتقدون إن مشرف يعاني من «عقدة المنقذ» إذ يعتقد أن لا غنى عنه في باكستان ولكن بنهاية عام 2007 رحب الباكستانيون بعودة شريف ورئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو من المنفى. وكان مشرف تعهد بإعادة باكستان إلى مسار الديمقراطية ولكن منتقدين يقولون إنه قيد الحريات السياسية. واعتبر كثيرون أن الانتخابات العامة التي جرت عام 2002 تم التلاعب بها. انتخب البرلمان مشرف رئيسا. ولجأ مشرف للبرلمان ثانية لإعادة انتخابه بنهاية عام 2007 قبل انتهاء فترة رئاسته. ومع تزايد التحديات لجأ مشرف لطرق استبدادية. وسيعزى سقوطه إلى التاسع من مارس عام 2007 عندما حاول إجبار كبير قضاة المحكمة العليا افتخار تشودري على الاستقالة. ونتيجة لتحدي تشودري تحرك المحامون للدفاع عن الهيئة القضائية كما اشتدت المعارضة. ونتيجة لليأس فرض مشرف في نوفمبر حالة الطوارئ لستة أسابيع لتطهير الهيئة القضائية قبل أن تصدر المحكمة العليا حكما بشأن مدى شرعية إعادة انتخابه. وكان مشرف فاز بفترة رئاسة ثانية ثم استقال من منصب قائد الجيش للوفاء بمطلب دستوري كما حدد موعدا للانتخابات. واغتيلت بوتو في 27 ديسمبر أثناء حملتها الانتخابية مما أثار نظرية المؤامرة التي أضرت بصورة مشرف. وبقيادة آصف علي زرداري زوج بوتو فاز حزب الشعب الباكستاني بالانتخابات التي جرت في فبراير وشكل ائتلافا حاكما مع شريف لتزيد عزلة مشرف.
فرحه المواطنين بتخلي مشرف عن مهامه
وكان مشرف يشير دائما إلى الاقتصاد على أنه أحد نجاحاته. بعد أن كانت باكستان على شفا الإفلاس أصبحت أكثر انفتاحا وتشجع المستثمرين كما أصبحت واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، ولكن مع اتساع الفجوة بين الأثرياء والفقراء وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة العالمية إضافة إلى سوء الإدارة خلال العام الماضي اختفت الكثير من النقاط الطيبة. وقد يكون إرث مشرف عملية السلام التي أطلقها مع الهند عام 2004 بعد أن كان البلدان قبل ذلك بعامين على شفا حرب رابعة. وأصاب مشرف كثيرين بخيبة أمل بعد أن كانوا يشعرون بأمل في أن يقود باكستان بعيدا عن المستنقع السياسي والتشدد الديني المتزايد. وبدا مشرف عاقد العزم على صد سياسات الأسلمة التي وضعت من قبل رغم أن منتقدين يقولون إن تهميش الأحزاب الرئيسية مكن الأحزاب الإسلامية من كسب نفوذ. وجرى تعديل قوانين الاغتصاب لمنح النساء المزيد من الحماية إلا أن نزعات مشرف الليبرالية قيدها المحافظون الذين كان يحتاج لدعمهم. وكان افتقاره للعزيمة اللازمة واضحا في محاولة تفتقر للحماس لإصلاح المدارس الدينية التي كان ينظر إليها على أنها تشجع على التشدد. ودفع الثمن.. شجع ذلك رجال دين متشددين مسئولين عن المسجد الأحمر في إسلام أباد. وبعد تبادل لإطلاق النيران في يوليو من العام الماضي أمر مشرف القوات الخاصة بمهاجمة المجمع وسقط أكثر من مئة قتيل. وتسببت موجة من الهجمات الانتحارية الثأرية في مقتل المئات وأصبحت باكستان غير مستقرة بشكل متزايد وتساءل مزيد من الناس ما إذا كان مشرف جزءا من المشكلة. ورقص الباكستانيون في الشوارع أمس الإثنين بعد أن أعلن الرئيس برويز مشرف استقالته ويأمل العديد من المواطنين العاديين أن يدخل رحيله تحسنا على حياتهم. وبعد أن حكم باكستان بمفرده لمدة نحو تسع سنوات أعلن قائد الجيش السابق والحليف القوي للولايات المتحدة استقالته في خطاب أذاعه التلفزيون في مواجهة إجراء وشيك لعزله من جانب الحكومة الائتلافية. وخرج المحامون الذين قادوا حملة ضد مشرف منذ أن سعى لعزل كبير القضاة العام الماضي من قاعات المحاكم في مدينة ملتان في جنوب شرق البلاد لدى سماعهم نبأ استقالته مرددين هتافات تقول «يسقط عميل الولايات المتحدة.» إلى ذلك قال البيت الأبيض أمس الاثنين بعد أن أعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرف استقالته أن الرئيس جورج بوش يقدر لمشرف جهوده في مكافحة القاعدة والتطرف وانه ملتزم بأن تكون باكستان قوية تعزز الديمقراطية وتحارب الإرهاب. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوردون جوندرو «الرئيس بوش ملتزم بأن تكون باكستان قوية وتواصل جهودها للنهوض بالديمقراطية ومحاربة الإرهاب.» وأضاف «الرئيس بوش يقدر للرئيس مشرف جهوده في التحول الديمقراطي لباكستان وكذلك التزامه بمحاربة القاعدة والجماعات المتطرفة.» وتابع جوندرو متحدثا في تكساس حيث يقضي بوش بعض الوقت في مزرعته «الرئيس بوش يتطلع للعمل مع حكومة باكستان في مجابهة التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تعترض سبيلها.»