قضية تسريب المعلومات وكتابة تقارير سلبية عن الدولة ونقلها للخارج، والتي قام بها أحد أعضاء جمعية حقوق الإنسان، تحتاج منا إلى وقفة صريحة وواضحة وجادة، لأنها في تصوري، تكشف لنا خطورة أبعاد المؤامرة التي يمارسها البعض ضد أوطانهم، لاسيما في وقت تتعرض فيه المنطقة بأكملها لهجمة أجنبية وظروف أمنية خطيرة، وحيث تتعرض الدولة بصفة خاصة لحملة مشبوهة من بعض المنظمات الخارجية. وأنا هنا أدعو عقلاء الوطن الذين لا تحكمهم تعليمات خارجية، أن تكون لهم كلمة صريحة وموقف حازم من هذا الموضوع قبل أن يتمدد خطره ويزداد تهديده.رئيس جمعية حقوق الإنسان الذي يحاول الآن أن يبعد نفسه بكل الطرق عن القضية، بعد أن تسربت أخبار القضية، هو المسؤول الأول في الجمعية، وهذا التسريب لا يمكن أن يتم دون علمه، خاصة أن الأعضاء الأربعة الذين قدموا استقالاتهم من الجمعية احتجاجاً على التجاوزات المرتكبة، والذين لا يوجد شك في وطنيتهم، قالوا بصراحة ووضوح وشفافية في رسالة الاستقالة المنشورة في صحيفة "الاتحاد" يوم الاثنين 26/11/2007، إن هناك تجاوزات عديدة وخطيرة وإن رئيس الجمعية كان على علم بها، وأخطرها الاجتماع بمسؤولين رسميين وموظفي سفارات ومنظمات أجنبية دون علم بقية الأعضاء، وإن الجمعية استعانت بأعضاء ليسوا من مجلس الإدارة لتمثيل الجمعية في الداخل والخارج، وأعطت بعض الأعضاء صلاحيات أكبر من صلاحياتهم الحقيقية. وبدل أن نسمع رداً واضحاً ومقنعاً من رئيس الجمعية، سمعنا منه أوصافاً غريبة ضد المستقيلين: أنهم استقالوا لشعورهم بالإخفاق ولأنه لن يعاد انتخابهم وأيضاً لانعدام ومحدودية عطائهم. وأهم من ذلك ما قاله في مقاله المنشور في جريدة "الخليج" الأحد 2/12/2007 من أن "الإنسان إذا أراد أن يكون حقيقة مراعياً لحقوق الإنسان عليه أن يتجرد من النظرة الوطنية"، وهذا أمر يثير العجب والدهشة، ويثير ألف علامة استفهام، لأن الإنسان بدون وطنية وانتماء للوطن يكون أداة سهلة للاستغلال الخارجي. وإذا تبين بعد التحقيق الذي تجريه وزارة الشؤون الاجتماعية أن ما نسب لعضو الجمعية هو كذلك فعلاً، فإن ذلك يعتبر استهانة بالوطن ومصالحه. لذلك أتمنى من وزارة الشؤون الاجتماعية أن تتولى موضوع التحقيق في هذه القضية، وأن تبذل أقصى جهد للتأكد من صحة ما يذكر حالياً في هذا الصدد، فالقضية قد تلقي الضوء على أمور كثيرة؛ مثل المظاهرات التخريبية التي نفذها بعض العمال الوافدين مؤخراً، وكذلك محاولة بعض الجهات الأجنبية التدخل في الشؤون الداخلية للدولة والنيل من سمعتنا في وسائل الإعلام الخارجية.وإذا كان البعض يظن أن هذا هو الأسلوب الأمثل لمعالجة حقوق الإنسان، فإني أقول لهم إن هذا هو الكارثة بعينها، فهذا الأسلوب وغيره هو ما فتح الطريق واسعاً للتدخلات الأجنبية في بعض الدول. أما بالنسبة لنا فنحن مجتمع يعاني من خلل التركيبة السكانية، ويعيش في غابة من العمالة الوافدة التي تنال امتيازات لا تحصل عليها في بلدانها الأصلية أو حتى في الدول الغنية التي تدعي أنها تطبق الديمقراطية وترعى حقوق الإنسان!هنا يجب أن أحذر من خطورة بعض الشعارات البراقة التي تنطلق من أبواق بعض المنظمات والجمعيات المشبوهة وأهدافها السرية التي لا تعنيها حقوق الإنسان بقدر ما يعنيها التدخل في شؤون الدول لتحقيق أغراض سياسية، والتي قد تستغل من أجلها بعض المجموعات محولةً إياها إلى أدوات ضد مصالح الوطن تحت شعار الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، من خلال نشر أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية، بحثاً عن التكسب واستعانةً بالخارج... لاسيما أن بعض الدول والمنظمات والجمعيات المشبوهة، مُشْرعةٌ أبواب خزائنها المالية على الدوام لكل من يرفع شعارات كاذبة وخادعة.إن تعمد الاستهانة بالوطن وثوابته الأساسية، والضرب بكل القيم والنظم والقوانين عرض الحائط، وتقديم المعلومات والأسرار الداخلية للخارج بهذه السهولة... هو كارثة يجب أن نقف ضدها جميعاً.[c1]* كاتب إماراتي[/c]
|
فكر
حقوق الإنسان والاستهانة بالوطن!
أخبار متعلقة