كل ما مر يوم علينا حاولنا بقدر الإمكان استيعاب بعض مجدياته وبالكاد نتذكر ما جرى خلال ساعاته الأولى، وفي قرارة نفسي أحرص بشكل دائم على خلق وتكوين علاقة ثنائية مع من أكتب عنهم ـ وإليهم، وليس لزاماً الكتابة وكذلك النشر، فوجدت ان الذين يسهرون الليالي ويشحذون أسنة أقلامهم من أجل الإفادة وتقديم ما هو أكثر ملامسة لواقعنا وواقع الحركة الفنية خاصة، يمر جهدهم (وكأن شيئاً لم يكن)، كذلك رجال الصحافة الذين هم اكثر هماً ومعاناة في عالم اليوم تجدهم في الباب نفسه، فلا يأبه لجهدهم هذا أحد، فقد أصبحت منتدياتنا الثقافية مثل كائن حي وكم تمنيت ان يكون هذا الكائن بعيد عن المناكفات بشتى أشكالها وأنواعها.وفي منتدى باهيصمي الثقافي الفني وفي فعالية تكريمية للفنان المخضرم سالم عبدالله المولد أحاول أن أتوغل في ذاكرة هذا المبدع، فمن خلال حديثه البسيط بدت لي عظمة هذا الفنان وأدركت كيف عبث الزمن بذاكرته الرقيقة التي اختزنت الكثير من الروائع الفنية والكلمات اللطيفة العذبة إلى ما قد يفوق الوصف، فهو أحد مؤسسي فرقة عمر اسكندر الموسيقية م/ أبين عام 1950م بعدها انتقل إلى م/ لحج ليلتقي بنخبة من الشعراء والملحنين أمثال فضل محمد اللحجي وقد لازمه حتى وفاته (أي الأخير) كذلك أراد الفنان سالم عبدالله ان ينمي قدراته فكان الأستاذ الفنان صلاح ناصر كرد موجهاً ومعلماً له على آلة العود وإذا كانت محطات سالم المولد الفنية كثيرة إلا أنها لم تخلو من النكبات التي تعرض لها في مشوار حياته الفني، ثم انه من خلال تنقلاته عمل مدرساً في م/ الضالع وكون فيها فرقة الأمل الموسيقية وبقي فيها سنوات حتى انتقل إلى فرقة (7) أكتوبر مع زملائه يحيى الصياد وعلي تيسير ثم كان احد أعضاء فرقة الشرق للموسيقى والفنون والتقى بالفنان احمد محمد ناجي والمبدع الفنان فرحان علي حسن وسجل مع هذه الفرقة العديد من الأعمال خاصة للإذاعة والتلفزيون من بينها أجمل أغنية سجلت ـ وهي بعنوان (دق العود) ـ (للإذاعة) وأغنيتان مع فرقة وزارة الداخلية لا يذكر إلا واحدة وهي (هجرني وراح).وقد لحن للكثير من الشعراء منهم فيصل أفندي/ حسين عبدالقوي/ عبدالله الشريف/ محمد علي ثابت، ولا يتذكر سوى (صدفة بلا ميعاد) "للأخير" وفضل حميد اللحجي/ عبدالحليم حسين عامر/ حسين صالح الشيخ/ محمد نعمان الشرجبي.كما لحن لمحمد محسن الأمير (يا وليد الحب) ومن أجمل وأروع الألحان التي قدمها بصوته والتي يعتز بها هي من كلمات ولحن محمد سعد الصنعاني بعنوان (هاتها بالله هات) ولو عدنا إلى العصر الذهبي للأغنية لعرفنا أن (58 لحناً) كانت حصيلة هذا الفنان الذي تناسته الجهات الرسمية ولقي ما لقي بعدها من الصد والبعد والهجر والشد والجر وأخيراً وليس بآخر: هل يدرج اسم سالم عبدالله المولد في قائمة من يتم تكريمهم من وزارة الثقافة.. قبل ان يترجل هذا المبدع عن صهوة جواده الفني الأصيل.احمد درعانمنتدى الباهيصمي