قبل ثلاثة أسابيع تقريباً، وفي دورة تدريبية تخص الصحفيين، تعرفت إلى بعض الزملاء القادمين من خارج مدينة عدن للمرة الأولى.. وأثناء جلسة التعارف تلك، شنت زميلة لنا هجوماً مفاجئاً ولاذعاً على صحيفة "الأيام" وأصحابها الكرام بعبارات وجمل بدت للجميع بأنها قاسية جداً وخارجة عن نطاق النقد أو الحوار المنطقي.. ولأنني كنت المعني الأول بالرد عليها من بين الحاضرين جميعاً بصفتي الشخصية القريبة جداً من مؤسسة "الأيام" وأهلها الكرام الذين فتحوا لي هذا المنبر الحر الذي أطل من خلاله بكتاباتي الأسبوعية على قراء هذه الصحيفة المتميزة، فقد سألتها عن سبب هذا الهجوم غير المبرر.. فنطقت في التو واللحظة بما لا يمكن أن يصدقه إنسان عاقل قائلة:"إن الأستاذ هشام باشراحيل يسجن حالياً في (سجنه الخاص) أنزه وأنظف صحفي يمني على الإطلاق!!".قلت لها: "إن مسألة وفكرة السجون الخاصة هذه يا سيدتي، لا يوجد لها أي مكان أو تعريف في عقليات جميع أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية، لا في مرحلة ما قبل الوحدة اليمنية ولا فيما تلاها ولا حتى في زمن السلطنات والمشيخات والدويلات التي قامت على أرض الجنوب في عقود ما قبل الاستقلال.. وحتى في زمن وعهد الأعراف القبلية البحتة التي أعلم جيداً تقاليدها وطقوسها لم يحصل على الإطلاق أن فتح أحد ما سجناً خاصاً، وألقى في ظلماته بجثة (بني آدم) يتنفس الهواء عقاباً أو ردعاً له إزاء أي سلوك أو تصرف أو حتى جريمة مكتملة العناصر قام بارتكابها.. فكيف والحال هكذا ونحن نعيش الآن في مطلع الألفية الثالثة برئيس تحرير (مدني - متحضر) لجريدة وطنية محترمة في حجم "الأيام" أن يوجد لديه سجن خاص ويعاقب بين جدرانه صحفياً تصفينه بأنه من أنزه الصحفيين في اليمن!!".بدا واضحاً للجميع.. أن الحبة التي تشكل لب القضية قد جعلت منها زميلتنا العزيزة قبة كبيرة، وحينما أدرك الجميع حجم هذه القبة وهشاشة بنائها تغيرت دفة الحوار إلى مناح أخرى.. غير أن أيام الله التالية، كشفت لي حقيقة ما كانت تعنيه الزميلة العزيزة، حينما طالعت تفاصيل (القضية المالية) التي حدثت ما بين الأخ عبدالهادي ناجي، الذي كان موظفاً ومراسلاً لصحيفة "الأيام" في مدينة تعز الحالمة وبين الصحيفة نفسها، فأدركت أنها قضية لا تختلف على الإطلاق عن أي قضية أخرى مالية أو جنائية يمكن أن تحدث في أي مكان وفي أي عمل كان، وهي قضية كان للقضاء وللأجهزة المختصة دورها الطبيعي فيما يخصها ويعنيها، ولا يجب بأي حال من الأحوال أن تأخذ مساراً آخر خلاف مسارها الطبيعي الذي لا يخرجها عن بقية القضايا المشابهة لها.شخصياً لم أستحسن أن تنشر جريدة "الأيام" صورة المتهم وتفاصيل القضية على الرأي العام، وكنت على يقين تام بأن ما دفع أهل "الأيام" لنشر تلك التفاصيل لابد وأن يكون سبباً قوياً ومقنعاً، وربما أن ما سمعته من زميلتنا العزيزة كان من ضمن الأسباب الكثيرة التي دفعت في هذا الاتجاه وذلك لغرض كشف الحقيقة كما هي لا كما يريدها البعض أن تظهر، خاصة وقد تفاجأت شخصياً بوجود حملة كبيرة ذات طابع مناطقي صرف تشن على مختلف الأصعدة وخاصة الإعلامية منها كالمواقع الإلكترونية ضد "الأيام" وهي حملة تشتم منها رائحة نتنه (للمنطق المناطقي) الأعمى الذي يصطف ويحدد الموقف تبعاً لمكونات (الجغرافيا) وليس تبعاً لعناصر الحقيقة ومقتضيات العدل والإنصاف.موقع إلكتروني ذهب بعيداً إلى حد تحريف القضية، وإخراجها من مسارها الجنائي إلى مسار الحريات الصحفية وحقوق الإنسان!! وذهب يبث إشاعات ومعلومات مغلوطة تجعل كل من يقرؤها يظن للوهلة الأولى بأن مؤسسة "الأيام" قد باتت (قلعة أمنية) أو هي جهاز أمني قمعي ليس له من عمل سوى ملاحقة الصحفيين والتنكيل بهم!! إنها حالة من حالات التزوير للحقائق، وحالة مشينة يتم فيها (لي ذراع الحقيقة) وتحميل الأمور بخلاف ما تحتمل، وكأنما يراد من أصحاب الحق أن يتنازلوا عن حقهم المثبت، وأن يتعاملوا مع القضية الجنائية البحتة بمفردات حقوق الإنسان والحريات الصحفية.. ليجعلوا من الصحفي إنساناً مسموحاً له بالسرقة و الاختلاس والتزوير، حتى إذا ما قبض عليه وأحيل للقضاء للمحاكمة العادلة، جاء من يقول لنا أطلقوا سراحه إنه صحفي!! أو لأنه كذلك فلا يجوز أن يخضع للمساءلة القانونية أو الحبس!!الموقع الالكتروني ذاته ذهب إلى حد تخوين القضاء والنيابة معاً في مدينة عدن وقال بالحرف الواحد: "المحكمة بإصدارها هذا الحكم جعلت من القضاء مؤسسة رخوة، ونحن نشك في حصول المتهم على محاكمة عادلة، وأنا متأكد - والكلام لدماج رئيس لجنة الحقوق والحريات بنقابة الصحفيين اليمنيين - !! من أن القاضي ومعه النيابة أيضاً كانا تحت تأثير سطوة صحيفة "الأيام".. انتهى كلام دماج!ولدماج شخصياً أذكر.. بأن هذه السطوة (المهولة - الهائلة - الخارقة للعادة) التي يتحدث عنها والتي هي ذات تأثير مزدوج تجاه القضاء والنيابة معاً والتي تملكها صحيفة "الأيام" دون أن نعلم، لم تشفع لرئيس التحرير الأستاذ هشام باشراحيل وأستاذي العزيز علي هيثم الغريب، من الوقوف في قفص الاتهام في قضية حريات صحفية حقيقية قبل سنوات قليلة مضت!! وهي حادثة لم تكن وحيدة أو يتيمة إذ تكررت عدة مرات ولمدة طويلة جداً.. ويومها لم أسمع من دماج أو من غيره استنكاراً أو تضامناً مع الحق الصحفي الذي انتهك في رابعة نهار عدن.. وتحت سطوة "الأيام"!![c1]نقلا عن الزميلة صحيفة (الأيام) [/c]
|
فكر
وفقاً لأي منطق (مناطقي) يتحدثون؟
أخبار متعلقة