المعاناة جمعت اللبنانيين في خندق واحد
بيروت/وكالات:أصدرت قيادة الجيش اللبناني قرارا دعت بموجبه الضباط والعسكريين المتقاعدين الاحتياطيين إلى المشاركة في أعمال الإغاثة إثر الدمار الكبير الذي يحدثه القصف الإسرائيلي على لبنان منذ الثاني عشر من الشهر الجاري.وتعاني فرق الإسعاف والإغاثة من صعوبات كبيرة في عملها بسبب اتساع القصف الإسرائيلي الذي شمل مئات الجسور والبنى التحتية ما عرقل التحرك وإغاثة السكان المنكوبين خصوصا في جنوب لبنان.يأتي ذلك في وقت طالب فيه مفوض شؤون اللاجئين التابع للأمم المتحدة إنتونيو غوتيريس بضمانات لفتح ممر آمن لنقل المساعدات المتوقفة عند الحدود السورية اللبنانية المخصصة للنازحين داخل لبنان.وكانت أطنان من معدات الإغاثة التي تشمل الخيم والفرش والأغطية وصلت إلى دمشق من الأردن وهي جاهزة لنقلها إلى عشرات آلاف اللبنانيين الذين هجروا منازلهم بسبب القصف الإسرائيلي.من جانبه وجه مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يان إيغلاند نداء عاجلا لجمع 150 مليون دولار لمساعدة نحو 800 ألف نازح، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة ستبدأ تسيير أول قافلة إغاثة غدا الأربعاء والثانية ستغادر يوم الجمعة.وقد وصل إيغلاند إلى إسرائيل لمحاولة تأمين طرق لإيصال الإغاثة إلى منكوبي الحرب في لبنان وكذلك للطلب من الإسرائيليين تجنب استهداف المدنيين.وقد استبقت إسرائيل وصوله بالإعلان عن السماح بنقل المعونات الإنسانية إلى لبنان عبر مطار بيروت.وقال أشخاص جرى إجلاؤهم من جراء العدوان الإسرائيلي إنهم يخشون من أن ينفد الغذاء عند أقاربهم وأصدقائهم الموجودين في لبنان.ومن المتوقع وصول عدد أقل من السفن التي تقل نازحين في موانئ قبرص وتركيا، فيما تتجه الأنظار إلى الناس الذين لا يملكون وسائل تقلهم إلى خارج لبنان.وتقول السلطات القبرصية إن 35 ألف نازح وصلوا إليها ومن بين هؤلاء توجه 23 ألف شخص إلى بلدانهم، ويقول مسؤولون غربيون إن أعداد المواطنين الذين يحاولون مغادرة لبنان تناقص الآن.وفتحت تركيا ميناء مرسين على البحر المتوسط لاستقبال النازحين مما قلل بعض الضغط عن قبرص التي وقع على منشآتها ومرافقها ضغط كبير جراء الأزمة.وقال مسؤولون أميركيون إن أكثر من 12 ألف أميركي غادروا لبنان، وقالت فرنسا إنها أجلت 4450 مواطنا فرنسيا و1150 أجنبيا حتى ظهر أمس. ووجهت منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف) نداء عاجلا لتخصيص نحو 25 مليون دولار لدعم الأطفال المتأثرين بالعدوان الإسرائيلي على لبنان. وأوضحت المنظمة في بيان لها أن هذا المبلغ يعتبر جزءا من النداء الشامل لمنظمات الأمم المتحدة لإغاثة لبنان بمبلغ 150 مليون دولار. وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة آن إم فينامين "إن العديد ممن نزحوا في هذه الأحداث العنيفة هم من الأطفال, وقد يكونون قد شاهدوا موت أو إصابة أحبائهم ويعانون اكتئابا خطيرا". ويقدر عدد الذين يعيشون في المدارس والمباني والمتنزهات العامية الآن بحوالي 110 آلاف شخص, كما أن أكثر من 150 ألف شخص عبروا الحدود إلى سوريا".ومع اشتداد المعارك والعدوان الإسرائيلي على لبنان, برزت صور عديدة من صور المعاناة في صفوف اللبنانيين. ففاتن فنيش عندما بدأ العدوان الاسرائيلي على لبنان، لم تتردد لحظة فحزمت حقائبها وانطلقت مع أولادها الخمسة إلى المناطق المسيحية خوفا من القصف الإسرائيلي. وتقول فاتن خلال وجودها في مدرسة رسمية بحي كرم الزيتون المسيحي ببيروت "لقد جئنا إلى هنا لأن هذه المنطقة مسيحية لن تقصفها إسرائيل". وتشاطرها الرأي النازحة لبيدة خورشيد التي قالت إنها "المرة الأولى التي نتجرأ فيها على القدوم إلى حي مسيحي في بيروت", مشيرة إلى أنهم كانوا يعتقدون أنهم لن يكونوا مرغوبين في البداية إلا أن تلك النظرة تغيرت وبات المسيحيون يقدمون للنازحين الثياب والأدولية والطعام وكل شيء. وفي الأيام الأولى للأزمة الحالية، استقر حوالي 60 ألف لاجئ من الضاحية الجنوبية والجنوب بالمدارس الرسمية، حيث تتولى مبدئيا متابعتهم اللجنة العليا للإغاثة وهي هيئة رسمية لبنانية. وفي حين تمكن الميسورون من استئجار شقق مفروشة بأحياء بيروت السكنية أو حجزوا غرفا بفنادق العاصمة، افترش حوالي 300 من فقراء اللاجئين الأرض في حديقة الصنائع على بعد 200 متر من المقر المركزي للصليب الأحمر اللبناني.أما مدينة بعلبك التي تعتبر أحد معاقل حزب الله فأصبحت مدينة أشباح معزولة عن العالم, بعد أن كانت تتهيأ على عادتها السنوية لاستضافة مهرجانات دولية في هياكلها الأثرية. يقول الصيدلي أسعد قري مسؤول الصليب الأحمر بالمدينة" لم تتعرض بعلبك لهذا العدد من الهجمات في وقت واحد, 20 غارة في ساعة واحدة"، وحصدت الغارات الإسرائيلية على المدينة منذ بدء العدوان 35 شخصا بالمدينة, كما أصيب 200 آخرون بجروح. في حي العسيرة وحي الشيخ حبيب على طريق المدينة تهدمت مبان من طابقين أو ثلاثة وباتت أجزاء من سقوفها معلقة في الهواء. "لم يعد هناك شيء في بلعبك, لقد دمروا كل شيء" تقول باسي فاطمة التي لم تتعد الـ15 من عمرها وتضيف جارتها نورما (20 عاما) "إنها تعجب أن تكون وعائلاتها على قيد الحياة".