أضواء
من المعروف ان التقوقع والانطواء عملان هدامان يمنعان انتشار وتوسع الثقافة وتفاعلها مع الثقافات الأخرى. فإذا ارتبط الانزوا ومحاربة الانفتاح بالتطرف أصبح ذلك بمثابة حرب على الإسلام وأهله ذلك أن العالمية والانفتاح على الآخر من أهم معالم الإسلام وأسسه لأنه يدعو إلى التعارف والتعاون قال تعالى: (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الآية. لذلك فإن المطلوب منا كمجتمع مسلم يسعى إلى نشر الإسلام بالتي هي أحسن أن نكون مجتمعاً منفتحاً على روح العصر ومتطلباته دون اندفاع مخل وفي نفس الوقت ملتزم بثقافته التي تميزه دون تقوقع يعزله، وإذا أمعنا النظر نجد أن الوسطية من أهم مبادئ الإسلام التي تميزه وتدعو إلى اعتناقه كما أن ذلك التوازن هو ما تتبعه حكومتنا الرشيدة أعزها الله والمتطرفون على جانبي المعادلة يسعون إلى ضرب ذلك التوجه لأنه يجعل الغلبة للغالبية العظمى من المعتدلين الذين يؤمنون بسماحة الإسلام ورسالته العالمية، والوسطية في الإسلام نهج قويم يوحد ولا يفرق ويجمع ولا يشتت ويزرع بذور المحبة وينبذ الكراهية والحقد والتطرف والانغلاق. نعم يجب علينا أن نكون أكثر وعياً وأكثر قدرة على الانتقاء وأن نختار ما ينعكس إيجابا على مصالحنا من النواحي السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والاجتماعية وقبل ذلك وبعده من الناحية الأمنية ذلك أن الأمن هو العمود الفقري للاستقرار والتنمية والرفاهية، وهذا يوجب علينا أن يكون كل فرد منا رجل أمن يحذر أن يمر الإرهاب من خلاله أو من حوله. إن مقياس الوعي لأي أمة من الأمم يتمثل في مدى قدرة تلك الأمة على الاستفادة الإيجابية من مخرجات الثورة المعلوماتية والعلوم التطبيقية الأخرى، بينما مقياس الجهل والتخلف يكمن في استغلال الجانب السلبي لتلك النعمة التي سهلت الاتصال والوصال والبحث والحوار وتعزيز الأمن والسلم العالميين. إن التشدد والتطرف عملان ثبت عدم مقدرتهما على الصمود أمام الحق على مر العصور وذلك أنه اذا كان للباطل جولة فإن للحق ألف جولة. إذاً علينا جميعاً أفراداً وجماعات وبالأخص فئة الشباب في هذا البلد المؤتمن على مقدسات الإسلام أن نكون أكثر وعياً وثقافة ويقظة وأبعد نظراً وأوسع أفقاً وأكثر وحدة و حرصاً على مصلحة هذا الوطن ومكتسباته.. ولعل ما يحدث من حروب ودمار وفتن في كل من أفغانستان والسودان والصومال والعراق والجزائر خير شاهد على أن أمة الإسلام مستهدفة ومقصودة ولعل القاسم المشترك هو زرع الإرهاب وإشاعة الفتن وهذان العاملان كفيلان بزرع روح الفرقة وبروز الطائفية والمذهبية والعصبية القبلية وهذه الأمور هي الأسلحة التي تقوض أي كيان مهما كبر. إن إجهاض مخططات الإرهاب قبل وقوعها تعني: - إن الإرهاب يحتضر وخير دليل على ذلك تمكن رجال الأمن البواسل من القبض على (520) منهم والاستيلاء على ما بحوزتهم من أموال وسلاح ومخططات على الرغم من كل الاحتياطات والمخابئ السرية التي استخدموها. - إن خلايا الإرهاب مخترقة على الرغم من دخول عناصر إرهابية من غير السعوديين ثم تدريبهم وارسالهم من قبل قوى خارجية ولعل هذا دليل دامغ وواضح لكل ذي عقل بأن المستفيد من كل عمل إرهابي هو عدو خارجي أو عميل محلي باع أمته مقابل وعود لن تتحقق له لأن تلك الأفعال تشبه عمل من يسرق من أبيه ويطعم المجرمين فلا أبوه راضٍ عنه ولا المجرمون شاكرين له. - إن المواطن أصبح شريكاً في الحرب على الإرهاب من خلال اليقظة والمراقبة والإبلاغ وهذا إدراك منه للواجب الملقى على عاتقه والذي يفرضه عليه دينه ووطنيته وشهامته وحبه لأمته ووطنه وقيادته. - إن تلك الأحداث تفرض على أفراد كل أسرة أن يكونوا يقظين ومتكاتفين مع بعضهم البعض لكي لا يقع أحد منهم في ذلك المنحدر والهوة السوداء و ذلك من خلال التناصح والمتابعة والحذر ومعرفة كل منهم لأحوال الآخر واتصالاته ناهيك عن الشفافية والوضوح وزرع روح الثقة المتبادلة فيما بينهم. - إن الإرهاب الذي يزرع ويترعرع في بلاد الإسلام يتزامن مع هجمة صهيونية شرسة على المنطقة.. ويتزامن مع التهاب منطقة الشرق الأوسط برمتها نتيجة للأطماع الاستعمارية والصهيونية التي وجدت في الإرهاب خير وسيلة لضعضعة الجبهة الداخلية للدول المستهدفة في دينها ومقدساتها واقتصادها وجغرافيتها فهل نعي ذلك التزامن والتشابك والمقاصد والغايات التي تجمع بين الإرهاب واستهداف المنطقة من قبل أعداء الأمة والذين كشروا عن أنيابهم حتى وإن غلفوها بابتسامة صفراء أو مكياج منتهي الصلاحية. - إن منطقة الشرق الأوسط مصب أنظار الصهيونية العالمية وربيبتها إسرائيل وهو مصب أنظار الدول الكبرى المتصارعة على مناطق الوفرة الاقتصادية والممرات المائية والمناطق الاستراتيجية ناهيك عن أنه مصب أنظار أعداء الإسلام أياً كان توجههم أو غايتهم حيث مقدسات الإسلام ومركز تمحوره بالإضافة إلى أن وقف التحولات التقدمية التي تشهدها المنطقة وإن كانت بطيئة تعتبر هدفاً بحد ذاتها ليس هذا وحسب بل إن النمو السكاني والتقدم الاقتصادي يعتبران من المحاور المستهدفة جنباً إلى جنب مع استهداف الوحدة الوطنية من خلال العبث بالأمن الفكري. والإرهاب بكل الأحوال هو المسمار الأول الذي يدق في نعش كل مستهدف من المستهدفات السابقة الذكر.. وهذا يحتم على الأمة أن تعي وتدرك مخططات الأعداء وغاياتهم ووسائلهم وأن تعمل على إجهاضها في مهدها قبل أن تستفحل.. وما قام به رجال الأمن البواسل يمثل مقدمة لعمل أكبر وأشمل تقف خلفه حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وبمتابعة مباشرة من رجل الأمن الأول صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية - حفظهم الله - مؤازرين بتكاتف الشعب وتأييده اللامحدود لحزم وعزم الدولة على اجتثاث الإرهاب من جذوره مستعينين بالله وبالرجال الأكفاء والتدريب المتفوق وشمولية المواجهة حيث تشمل الحياة التي تعزز الإرهاب وتقويه والتي تشمل بدورها المخطط والممول والمشجع والمؤيد والمتعاطف والمستفيد على قلتهم. إن كشف سر الإرهاب وأهدافه هو الضمانة الرئيسية لمنع الانخراط فيه.. كما أن كشف القوى التي تقف خلفه من الداخل أو الخارج من أقوى القرائن التي تعزز الشفافية والمصداقية وهي البينة التي ينكرها الإرهابيون. نعم ان تكاتف جميع أبناء الشعب مع الدولة كفيل بهزيمة الإرهاب ويدخل ضمن ذلك التربية الصالحة والمتابعة الدقيقة لحراك الأبناء وتصرفاتهم ومعرفة توجهات أقرانهم وأصدقائهم ناهيك عن عدم ترك الحبل على الغارب.. إن التسيب والاتكالية والإفراط بالثقة والحاجة والفراغ من أهم السبل التي يستغلها قراصنة العصر ومجرموه للإيقاع بالشباب في براثن المخدرات والسرقة والإرهاب وغيرها من المنحدرات التي أصبحنا نسمع عنها والتي ربما تشكل عدة أوجه لعملة واحدة أساسها هدم المنجزات والقضاء على زهرة هذا الوطن من الشباب الذي يجب أن يلتفت إليه إعلامياً وتعليمياً وأن يثقف بالأخطار التي تستهدفه أو تستخدمه وسيلة لتحقيق أهداف أخرى. إن إجهاض مخططات الإرهاب قبل وقوعها دليل مادي وعملي على أن ظاهرة الإرهاب إلى زوال وأن نجمه إلى أفول.. والله المستعان..[c1]*عن / جريدة ( الرياض ) السعودية[/c]