يزور بغداد للاجتماع بقواته والتحدث مع زعماء العراق
بغداد/14 أكتوبر/مات سبيتالنيك: وصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى بغداد أمس الثلاثاء في زيارة لم يعلن عنها مسبقا ليفتح فصلا جديدا في إستراتيجيته لإنهاء حرب العراق التي لا تحظى بشعبية وتحويل التركيز العسكري الأمريكي إلى أفغانستان. وأوضح الرئيس الأمريكي للقوات الأمريكية في العراق أمس إن الشهور الثمانية عشر المقبلة ستكون حرجة بالنسبة لمهمتهم في البلاد. وأضاف أوباما في إشارة إلى موعد أغسطس 2010 المحدد لانسحاب كل القوات الأمريكية المقاتلة من العراق «ستكون هذه فترة حرجة هذه الشهور الثمانية عشر القادمة.» وقال أوباما للقوات الأمريكية في معسكر فيكتور الكبير على أطراف بغداد «ستكون لكم أهمية من حيث ضمان أن يكون العراق مستقرا وألا يكون ملاذا آمنا للإرهابيين.. ويمكننا (عندها) إعادة رفاقنا إلى الوطن.» وأفاد البيت الأبيض إن قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال راي أوديرنو قال لأوباما إنه على الرغم من التفجيرات التي وقعت هذا الأسبوع في العراق إلا أن مستوى العنف في البلاد وصل إلى أقل مستوى له منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في مارس آذار 2003. وتوجه أوباما سرا إلى العراق مسرح الحرب التي ورثها عن سلفه جورج بوش قادما من اسطنبول في نهاية أول جولة دولية كبيرة يقوم بها. وهذه هي أول زيارة للعراق يقوم بها أوباما منذ فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر عام 2008 والذي ساعده على تحقيقه تعهده في حملته الانتخابية ببدء سحب القوت الأمريكية. وهبطت طائرة الرئاسة على أرض مطار بغداد الدولي بعد يوم من سلسلة تفجيرات منسقة على ما يبدو في أنحاء العاصمة العراقية أسفرت عن مقتل 37 شخصا. وذكرت الشرطة العراقية إن سيارة ملغومة انفجرت أمس الثلاثاء فقتلت تسعة أشخاص وأصابت 20 في حي الكاظمية الذي تسكنه أغلبية شيعية بشمال غرب بغداد. وأبرزت الهجمات التحديات الأمنية فيما يستعد الجيش الأمريكي لتنفيذ أمر أوباما بسحب جميع القوات القتالية بحلول أغسطس 2010. وأشار جيبز ردا على سؤال بشأن سبب زيارة أوباما للعراق «هناك العديد من الأسباب المهمة ومنها رؤية الرجال والنساء الذين يخدمون بلادنا بشرف هناك وقضاء بعض الوقت معهم.» وبعد اقل من ثلاثة أشهر على توليه الرئاسة كان أوباما عازما على طمأنة القادة العسكريين الأمريكيين بأنه يشاركهم مخاوفهم بشأن الحفاظ على المكاسب الأمنية وضمان ألا تشعر القوات بأنها منسية مع خفض أعدادها. وخلال العام الماضي انحسرت بشكل حاد أعمال العنف الطائفية وعمليات المسلحين التي اندلعت بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003 لكن قوات الأمن العراقية لا تزال تواجه تحديات هائلة فيما تتولى عمليات الشرطة والجيش من القوات الأمريكية. وخلال زيارته القصيرة من المقرر أن يجتمع أوباما مع الجنرال راي أوديرنو أكبر قائد عسكري أمريكي في العراق ويلقي خطابا أمام القوات في معسكر فيكتوري ويتحدث مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس العراقي جلال الطالباني. وأضاف جيبز «ندرك جميعا أن حل التحديات التي تواجه العراق خلال الشهور الطويلة القادمة يكمن في الحل السياسي. هذا سبب حرص الرئيس على التحدث مع رئيس الوزراء المالكي والرئيس الطالباني.» وسيساعد خفض مستويات القوات في العراق أوباما على تعزيز أعداد القوات في أفغانستان لمواجهة تصاعد العنف. وكان أوباما قد اتهم بوش بالتركيز أكثر من اللازم على العراق بدرجة صرفته عن التركيز على الحرب الأكثر أهمية ضد المتشددين في أفغانستان. ورغم التحول في الأولويات فقد اختار أوباما العراق بدلا من أفغانستان لأول زيارة يقوم بها لمنطقة حرب كقائد أعلى للقوات المسلحة الأمريكية وهو قرار كان اتخاذه أيسر نظرا لأنه كان بالفعل في تركيا المجاورة للعراق. ونظرا لوجود جدول زمني للانسحاب حاليا فقد استهدفت زيارة أوباما إطلاعه بشكل مباشر على تطبيق إستراتيجيته للخروج على الأرض. وأوضح اوباما أيضا أنه سيطالب حكومة المالكي بالوفاء بالتزاماتها من تعزيز قوات الأمن إلى القيام بمزيد من الإصلاحات السياسية. وقال اوباما أمام البرلمان التركي أمس الأول الاثنين «ستسحب الولايات المتحدة كتائبها القتالية بنهاية أغسطس القادم في حين ستعمل مع الحكومة العراقية بينما تضطلع بالمسؤولية عن الأمن.» وبموجب خطة أوباما سيتم خفض عدد القوات الأمريكية في العراق البالغ حاليا نحو 140 ألفا إلى ما بين 35 و50 ألفا - وهو عدد يعتبره منتقدو الحرب كبيرا جديا - بحلول أغسطس اب 2010. وسيعاد تعريف مهمة القوات الباقية لتكون بدرجة كبيرة المساعدة في تدريب القوات العراقية. غير أنه سيتيعن عليهم أيضا المغادرة بنهاية 2011. ويذكر محللون إن أوباما سيكون محل ترحيب من العراقيين بخلاف بوش الذي يلقي عليه كثير من العراقيين باللائمة في مقتل عشرات الآلاف بعد الغزو رغم اعتراف البعض بالامتنان لسقوط صدام حسين. ونوه المحلل السياسي حازم النعيمي إن هذه المرة لن يكون فيها بالتأكيد إلقاء أحذية مشيرا إلى الصحفي العراقي الذي قذف بوش بفردتي حذاء خلال آخر زيارة له للعراق وهو في السلطة في ديسمبر كانون الأول. وخطة أوباما للانسحاب من العراق عنصر رئيسي في جهوده لإصلاح صورة الولايات المتحدة المتضررة في الخارج بعد ثماني سنوات مما اعتبرها منتقدو بوش «دبلوماسية رعاة البقر»، غير أن أوباما يخاطر سياسيا بزيارة العراق في مثل هذا التوقيت المبكر. فالحرب حددت ارث سياسة بوش الخارجية. وإذا فشلت إستراتيجية أوباما للانسحاب فقد يؤثر ذلك على باقي فترة رئاسته. وبعد ست سنوات من إصدار بوش أمرا بغزو العراق اتضح أن الحرب أطول وأكثر دموية وأشد إضرارا بسمعة الولايات المتحدة مما كان متوقعا لا سيما في العالم الإسلامي. والصورة الباقية لزيارة بوش الأخيرة لبغداد كانت حادث قذفه بفردتي حذاء. وجاءت زيارة العراق بعد زيارة استمرت يومين لتركيا التي ينظر إليها على أنها هامة فيما يتعلق بالمساعدة في انسحاب القوات الأمريكية. وشارك أوباما مؤخرا أيضا في قمة لحلف شمال الأطلسي حاز خلالها الثناء بشأن نهجه الجديد تجاه أفغانستان لكنه لم يحصل من الحلفاء الأوروبيين سوى على مساهمات رمزية إضافية بقوات ومدربين وأموال.