نيروبي/14 أكتوبر/دانييل واليس: يؤجج انزلاق الصومال نحو أسوأ قتال خلال نحو عقدين من الزمن موجة من القرصنة تهدد بشكل متزايد واحدا من أهم الممرات المائية في العالم. ورغم أن تكاليف الشحن لم تتأثر حتى الآن فإنها تجبر القوات البحرية الغربية على اتخاذ إجراءات لحماية الشحن. ويشتبه البعض في أن سداد الفديات للقراصنة قد تساعد المتمردين على قتال الحكومة المؤقتة الضعيفة. وتعوق القرصنة شحنات المساعدات للصومال وبالتالي تفاقم من الأزمة الإنسانية التي تشجع الفوضى. وخطف قراصنة مسلحون بأسلحة ثقيلة 30 سفينة على الأقل حتى الآن هذا العام وفي الأسبوع الماضي سجلوا رقما قياسيا بخطفهم أربع سفن في 48 ساعة. وقال بوتينجال موكوندان مدير المكتب البحري الدولي وهي منظمة عالمية لمراقبة القرصنة «كل شركات الشحن تأخذ هذا بجدية شديدة ويساورها قلق بالغ. هذا ارتفاع لم يسبق له مثيل في عدد الهجمات.» والمياه بين الصومال واليمن شريان رئيسي تستخدمه نحو 20 ألف سفينة في العام تتجه من والى قناة السويس. وتمثل حمولة إجماليها 700 مليون طن عبرت القناة عام 2007 أكثر من تسعة في المائة من ما يقدر بنحو 7.7 مليار طن حملتها السفن على مستوى العالم. وتحمل السفن التجارية أكثر من 90 في المائة من السلع التي يتم نقلها في العالم من حيث الكم. وفي مايو ذكرت لجنة الحرب الاستشارية المشتركة لمؤسسة لويدز ماركت أن هذا الممر المائي الاستراتيجي معرض بدرجة عالية لمخاطر «الحرب والهجمات والإرهاب والمخاطر ذات الصلة.» وقال موكوندان «هذه مجرد توصية وبعض شركات التأمين قد لا تتبعها من أجل عملائها شديدي الأهمية... التكاليف لم ترتفع. بالطبع إذا تمت عملية الخطف فسترتفع بشدة. لكن ليست هناك تكلفة مترتبة على القرصنة.» ويحتجز قراصنة صوماليون حاليا نحو طاقما من نحو 130 فردا رهائن على متن سبع سفن على الأقل بينها صهاريج كيميائية وسفن نقل بضائع ضخمة. ويحتجز مسلحون سفنا من اليابان وماليزيا وتايلاند ونيجيريا وألمانيا وإيران. وزادت الهجمات في البحر مع تزايد انعدام القانون في الصومال إذ لا توجد حكومة عاملة هناك منذ أطاح زعماء ميليشيات بالدكتاتور محمد سياد بري عام 1991. ومنذ بداية العام الماضي قتل أكثر من ثمانية آلاف مدني في قتال بين الحكومة الصومالية التي تحالف معها الجيش الصومالي ومتمردين. ونزح مليون آخرون عن ديارهم. هناك الكثير من النظريات بشأن من وراء سلسلة عمليات الخطف الأخيرة. وتدر معظم السفن المحتجزة فديات تتجاوز العشرة آلاف دولار وفي بضع حالات أكثر من هذا بكثير. ويقول بعض خبراء الأمن إن هناك علامات على أن المتمردين ربما يتلقون بعضا من عائدات هذه الفدى ويستغلونها في تمويل الهجمات ضد الحكومة. وفي الأسبوع الماضي سيطر المتمردون على ميناء كيسمايو الرئيسي. وتقول الولايات المتحدة إن لهم صلات بتنظيم القاعدة. ويشير خبراء آخرون إلى علاقات تشكلت بين قراصنة صوماليين ومعظمهم يتمركزون في منطقة بلاد بنط بشمال البلاد وشبكات إجرامية في اليمن عبر سنوات من تهريب البشر. وينفي المتمردون التخطيط للهجمات الأخيرة في البحر ويقول محللون آخرون إن المتمردين يحصلون على معظم أموالهم من صوماليين أثرياء في الخارج فضلا عن داعمين اخرين. ويرى محللون أن بعض أعضاء الحكومة المؤقتة وكثير منهم زعماء ميليشيات سابقون ربما يكسبون من القرصنة. ويتفقون جميعا على عدم قدرة إدارة بلاد بنط على سحق الجريمة المنظمة التي تغذي الفوضى في البحر. وحين أعلنت المنطقة الغنية بالمعادن نفسها منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي عام 1998 كانت تأمل في أن تكون نموذجا لصومال مستقبلي مستقر يقوم الحكم فيه على العشائر وتجري به انتخابات حرة ويملك برلمانا مؤثرا. وقال رشيد عابدي خبير الشؤون الصومالية في المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات «نرى الآن بلاد بنط تتفكك ككيان... نشهد سيطرة تدريجية للعصابات الإجرامية على البلاد.» ولا حيلة لمسئولي بلاد بنط في مواجهة القراصنة رفيعي المستوى المزودين بزوارق سريعة وأسلحة ثقيلة. وعلى البر فشلت السلطات في وقف مزوري النقود وعصابات الخطف. وخلق هذا مناخا حيث تستقطب منازل القراصنة الجديدة وحفلات الزفاف الباذخة التي يقيمونها وسياراتهم الفارهة أعدادا متزايدة من الشبان الذين يتوقون إلى الحصول على عمل في واحدة من أفقر الدول على وجه الأرض. يقول سكان محليون إن تجنيد عناصر للعمل مع القراصنة يذكيه استياء من أساطيل الصيد الأوروبية التي تصطاد أسماك التونة من المياه الصومالية وما يقولون إنه تخلص مستديم من النفايات السامة على شواطئهم. وقال عابدي من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات إنه «يجب أن يتم النظر إلى مشكلة القرصنة في السياق الأوسع نطاقا للإخفاق في بلاد بنط.» وخنق انعدام الأمن قدرة الأمم المتحدة على توصيل المساعدات الغذائية للأعداد المتزايدة من المعوزين. وقفز هذا العدد بنسبة 77 في المائة هذا العام ليتجاوز 3.2 مليون فرد أي أكثر من ثلث سكان الصومال. وترافق سفن تابعة للبحرية الكندية شحنات برنامج الأغذية العالمي إلى مقديشو حتى سبتمبر ويقول مسئولون بالأمم المتحدة إنهم يأملون أن تتولى القوات الفرنسية والألمانية هذه المهمة. والى أقصى الشمال في خليج عدن دفعت الهجمات الأخيرة قوة المهام الموحدة لمكافحة الإرهاب 150 إلى التحرك. وتتمركز الوحدة المتعددة الجنسيات وهي جزء من عملية واشنطن المسماة (الحرية الصامدة) في جيبوتي المجاورة وقد تدخلت لمساعدة الكثير من السفن التي هاجمها القراصنة. وفي الأسبوع الماضي أعلنت مجموعة من النقاط التي تحدد منطقة دوريات أمنية بحرية أو ممر آمن حيث تقوم سفن حربية تابعة للقوات البحرية بدوريات فيما تحلق طائرات التحالف فوقها. وقالت اللفتنانت ستيفاني ميردوك المتحدثة باسم الأسطول الخامس بالبحرية الأمريكية بالهاتف من البحرين «إنها تركز جهودنا على مدى أطول لتحسين الأمن ومكافحة أنشطة زعزعة الاستقرار في المنطقة.»