لندن/14 أكتوبر/مارك تريفيلين: تعد عشرات الملايين من الدولارات التي حصل عليها قراصنة الصومال من أصحاب السفن المخطوفة محصنة من الرصد والمصادرة لأنها تضخ في اقتصاد دولة تخلو من حكومة فاعلة وقادرة على المراقبة. وعادة ما تقوم العصابات الإجرامية بغسل إيراداتها عبر النظام المالي لتبدو وكأنها أموال مشروعة ما يوجد خيطا يمكن تتبعه لرصدها. لكن الخبراء الماليون يقولون إن هذا لا يحدث في الصومال التي لم تعد بها حكومة مركزية أو نظام مصرفي رسمي ولا تعرف شيئا سوى الحرب الأهلية منذ أكثر من 20 عاما. والقراصنة الذين استولوا على ناقلة النفط السعودية العملاقة سيريوس ستار التي تنقل شحنة قيمتها مئة مليون دولار في مطلع الأسبوع الماضي في أكبر عملية خطف بحرية في التاريخ حصلوا بالفعل على عشرات الملايين من الدولارات نقدا من عشرات الهجمات السابقة هذا العام. وقال هاني أبو الفتوح المصرفي المصري المختص بمكافحة غسل الأموال “إنهم يعيشون مثل الملوك. ويقومون بكل شيء في العلن دون الحاجة للاختباء أو إخفاء مصدر أموالهم.” وأضاف “الأموال هناك سائلة. الحكومة المحلية لا تبالي أو لا تملك السلطة للاعتراض أو السيطرة.. كل الصفقات القذرة تسدد قيمتها نقدا” مشيرا إلى شراء القراصنة للسلاح ومعدات الاتصالات والزوارق السريعة ومعدات أخرى. وتابع “أنهم لا يحتاجون لغسل الأموال لأن السلطة التي تنفذ القانون غير موجودة أصلا والقطاع المصرفي غير موجود فلماذا يفكرون في غسل الأموال؟” وتحولت القرصنة إلى قطاع صغير لكن مربح في أحد أفقر دول العالم. وقال إسماعيل أحمد وهو خبير بريطاني تخصص منذ 20 عاما في الشؤون المالية والتنمية في الصومال “إلى جانب من ينفذون العمليات الذين يزيد عددهم حاليا عن ألف هناك من يقدمون لهم خدمات تتراوح بين المفاوضات مع ملاك السفن وشراء السلاح وتدريب القراصنة وجمع المعلومات والإمداد والتموين وما إلى ذلك.” وشكك أحمد في افتراضات بأن بعض الأموال ربما يتم غسلها عن طريق الخليج قائلا إن القراصنة يبقون أموالهم داخل الصومال لأنهم يعلمون أنها سترصد إذا نقلوها إلى خارج البلاد، وأضاف “البعض يستثمر في شراء أراض وعقارات في بلدتهم حيث يعلمون أنهم لن يحاكموا.” وتابع “كل بلدات المنطقة تزدهر.. أموال الفدى تنتقل للكثيرين من سكان البلدات الصغيرة. وهذا من أسباب دعم السكان المحليين لهم.” وقال مايكل وينشتاين الخبير في شؤون الصومال من جامعة بوردو بولاية انديانا الأمريكية إن ما أدى إلى تصعيد هجمات القراصنة كان انهيار الاقتصاد المحلي في إقليم بلاد بنط الصومالي. وتابع وينشتاين “الإدارة هناك مليئة بالمسئولين الفاسدين الذين تربطهم علاقات بالقراصنة.” وتابع أن الحكومة لا تملك المال للإنفاق على جيشها والاقتصاد يرزح تحت وطأة التضخم بسبب الإسراف في طبع النقود. ويقول أحمد إن الاقتصاد يدار هناك الآن بالدولار بعد أن أصبح الشلن الصومالي يستخدم فقط في التعاملات البسيطة. وقال خبراء أنه مع تمتع القراصنة بتأييد الجماعة الإسلامية الرائدة في الصومال وهي حركة الشباب فإن هدفهم هو الربح وليس الإرهاب وليس هناك دليل على وجود أي صلة لهم بتنظيم القاعدة. وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أمس عقوبات جديدة لمكافحة الإرهاب على ثلاثة من زعماء حركة الشباب لكنها لم تربط الخطوة بأنشطة القرصنة. وتنظيم القاعدة الذي نفذ عملتين كبيرتين على الأقل في البحر ربما يرقب نشاط القراصنة باهتمام. وكتب أحد أنصار المتشددين في رسالة إلى منتديات على الانترنت هذا الأسبوع رصدتها جماعة سايت اينتلجنس ومقرها الولايات المتحدة يقول إن الأزمة تجتذب الأساطيل الغربية إلى البحر قبالة إفريقيا حيث يمكن أن تصبح أهدافا سهلة لهجمات القاعدة. وكتب يقول “أعداء القاعدة.. سيبتلعون الطعم ويأتون للمنطقة التي نسجت فيها القاعدة شباكها.” وتابع “في ذلك الوقت ستسوي القاعدة حساباتها مع أمريكا وحلفائها بضرب سفنهم وإغراقها.”