في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي للسكان.. المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان:
إننا إذ نحتفل بيوم السكان العالمي ندرك أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية تشكل خطراً يهدد بتبديد المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في مجالات التعليم والصحة في البلدان النامية ولقد كان النساء والأطفال أشد الفئات تأثراً بهذه الأزمة ولهذا السبب فإن الموضوع الذي وقع عليه الاختيار للاحتفال هذا العام باليوم العالمي يركز على الاستثمار في المرأة وحتى قبل حلول الأزمة الحالية شكلت النساء والفتيات غالبية فقراء العالم وهن الآن ينجرفن إلى عمق اكبر في هوة الفقر ويواجهن المزيد من المخاطر الصحية لاسيما النساء الحوامل.واليوم تندرج المضاعفات المرافقة للحمل والولادة ضمن أهم الأسباب المؤدية إلى وفيات النساء في البلدان النامية وتشكل الوفيات النفاسية الجانب الأكبر من جوانب عدم المساواة في المجال الصحي في العالم ولن يحول دون تعميق هذه الفجوة الصحية سوى زيادة الاستثمارات الاجتماعية والحفاظ على ما تحقق من مكاسب صحية وتوسيع نطاق الجهود الرامية إلى إنقاد المزيد من أرواح النساء.في البلدان والمجتمعات التي تتاح فيها للنساء فرص الحصول على خدمات الصحة الإنجابية من قبيل تنظيم الأسرة والرعاية المتخصصة عند الولادة والرعاية التوليدية ورعاية المواليد في الحالات الطارئة ترتفع معدلات البقاء على قيد الحياة كما يندر حدوث الوفيات النفاسية ووفيات المواليد.ومن شأن توفير فرص الحصول على خدمات الصحة الإنجابية خاصة خدمات تنظيم الأسرة والصحة النفاسية أن يساعد النساء والفتيات على تجنب حالات الحمل غير المرغوب فيها أو المبكرة وحالات الإجهاض غير المأمونة فضلاً عن حالات الإعاقة المتصلة بالحمل ويعني هذا أن تتمتع النساء بصحة أفضل وأن يصبحن أكثر إنتاجاً وأن تتوفر لهن فرص الحصول على التعليم والتدريب والعمالة الأمر الذي يعود بدوره بالنفع على جميع الأسر والمجتمعات والأمم.كما أن الاستثمار في الصحة الإنجابية هو من الأمور التي تتسم بفعالية التكلفة فالاستثمارات في خدمات وسائل منع الحمل يمكن أن يعود بأربعة أمثالها وأحياناً بما يفوق ذلك بكثير على المدى الطويل من حيث أنها تحد من الحاجة إلى الإنفاق العام على الصحة والتعليم وغيرهما من الخدمات الاجتماعية وتفيد التقديرات بأن خدمات تنظيم الأسرة وحدها يمكن أن تقلل من معدلات حدوث الوفيات النفاسية بنسبة 40 في المائة.إن عالمنا اليوم على درجة من التشابك والترابط بحيث إنه لا يمكن النظر إلى مشاكله بمعزل عن بعضها بعضاً وحينما تموت إحدى الأمهات أو حينما يتعذر على طفل يتيم أن يحصل على ما يحتاج إليه من غذاء أو تعليم أو حينما تترعرع طفلة في عالم خال من الفرص فإن عواقب هذه الأمور جميعها تمتد إلى ما يتجاوز وجود هؤلاء الأفراد وحدهم إنها تضعف المجتمع بأسره وتحد من فرصه في تحقيق السلام والرخاء والاستقرار.وسيظل صندوق الأمم المتحدة للسكان ملتزماً بدعم البلدان من أجل النهوض بتمكين المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين وتوفير خدمات الصحة الجنسية والإنجابية.وإنني اليوم بمناسبة يوم السكان العالمي أناشد جميع الزعماء أن يضعوا صحة المرأة وحقوقها بين أولويات السياسة والتنمية إن الاستثمار الذي يضع النساء والفتيات نصب العين سيمهد السبيل ليس فقط أمام التعافي الاقتصادي ولكن أيضاً أمام النمو الاقتصادي الطويل الأجل الذي يفضي إلى الحد من عدم المساواة ومن الفقر فليس هناك استثمار أفضل من ذلك في مثل هذه الأوقات العصيبة.