مشاهدات وانطباعات يمنية من نيويورك (1 - 2)
نيويورك / محمد علي صالححرصت صحيفة 14 أكتوبر خلال زيارتها الاستطلاعية الانطباعية للولايات المتحدة الأمريكية على معرفة أحوال المغتربين اليمنيين في عدد من الولايات التي يتواجد بها أعداد كبيرة من المهاجرين والجلوس معهم والتحدث إليهم حول همومهم ومشاكلهم مع الغربة وقضايا أخرى ذات أهمية متعلقة بطبيعة العلاقة بين المغترب ووطنه في الزمن الذي لم يعد فيه للاغتراب ذلك المعنى الذي كان سائراً الى وقت قريب والذي كان التواصل فيه مقتصراً على المراسلات عبر صفحات الورق فقط والذي أصبح بمقدور أي انسان ان يكون حاضراً في نفس اللحظة في صنعاء ونيويورك معاً- ولم تعد فيه للمكان أي قيمة- وان يتواجد في أكثر من مكان في العالم في وقت واحد!!(14 أكتوبر) من خلال ذلك النزول الميداني أمكن لها ان تتعرف على أوضاع المغتربين وأحوالهم المعيشية والأعمال التي يقوم بها الغالبية منهم ومستوى اندماجهم وتعايشهم مع محيطهم الاجتماعي وكيف ينظرون الى مايجري في وطنهم ومدى استعدادهم للمساهمة في خدمة وتطوير بلدهم والمشاركة بفعالية في كافة التحولات التي تشهدها الساحة اليمنية للنهوض بعملية التنمية..(14 اكتوبر) في هذا التناول حرصت على ان تسلط الضوء في البداية على أحوال المغتربين في نيويورك المترامية الأطراف التي يوجد فيها اكثر من 6 آلاف متجر يمني خدماتي والمئات من المغتربين ومن الأهمية بمكان القول اننا وجدنا أثناء النزول ان المهاجر اليمني دون غيره يتشغل (12)ساعة في اليوم و7 ايام في الاسبوع و350 يوماً في السنة ويعيشون في عزب خاصة بطريقة بدائية كل مجموعة في مكان مشترك والبعض محشورون في ( البدروم) الملحق للمتجر او اجزاء من المتاجر هروباً من الايجارات الباهضة التي تصل الى 2000 دولار للشقة في غرفة بمعنى ان المهاجر اليمني لايعرف متى ينتهي الاسبوع او الشهر فهو على مدار العام يعمل دون كلل واغلب المهاجرين اليمنيين في نيويورك يعملون في المتاجر الصغيرة “ البقالات” ويمتلكون أكثر من 6 آلاف متجر في حي “PROOKLYN” وحدة ناهيك عن المطاعم التي تقدم الوجبات على الطريقة اليمنية في حي “برهول” في وسط “ PROOKLYN” وتلك المتاجر الخدمية التي تهتم وتجسد الخصوصية اليمنية والعربية وغيرها.ونلاحظ ان صاحب المتجر يكفل لعمالة السكن والأكل والأجر الأسبوعي المتفق عليه.. يتم توزيع العمل مابين العاملين في ضوء الاحتياجات الضرورية واللازمة لتسيير العمل في المتجر وبحسب المام وخبرة كل واحد في أداء العمل المعين المطلوب القيام به ويغطي العمل في الغالب في تلك المتاجر من 810 من الافراد او اكثر بحسب حجم وسعة المتجر وانواع السلع والبضائع التي يبيعها ويتم توزيع أوقات العمل بالتناوب لمدة 12 ساعة لكل فرد لتغطية العمل في المتجر الذي يبقي 24 ساعة مفتوحاً -ليل نهار- ولايغلق أبوابه حتى في الاعياد والمناسبات الدينية بعكس المحلات التجارية الاخرى في المدينة التي تعمل بوردية واحدة ولاتاتي الساعة الثامنة مساء الا وقد أغلقت أبوابها مثل محلات الالكترونيات والملابس والمجوهرات وغيرها وربما ان اليمنيين بذاك النظام لديهم حكمة اذ يخضعون أنفسهم بموجبه لنمط قاس من -الحياة والعمل – وهي حفظ المغترب من السقوط في الملذات ومن الانبهار بالحياة الأمريكية ولتمكينه من جمع وتوفير ماتيسر من آمال في غربته وثبت ان المغترب اليمني عندما يجد يوم راحة ينفق كل جمعة في اسبوع في ليلة ولكنه عندما يعمل لمدة 12 ساعة متواصلة لايريد عندما تنتهى الا الذهاب الى الفراش للنوم.. ولأخذ القسط الكافي من الراحة لاستعادة قواه ومواصلة العمل بنفس الوثيرة في اليوم الثاني وبعدما نعرف ان المغترب اليمني قد حكم على نفسه بالعيش على ذلك النحو ووفق ذلك النمط القاسي من الحياة الذي يذكرنا بمكان يعيشه العمل قبل قرون خلت من استغلال وعبودية يصبح من المتعذر على المهاجرين اليمنيين الالتقاء مع بعضهم البعض .. وتنظيم انفسهم في اطار جماعي له كيان يستطيعون من خلاله خلق علاقات وممارسة تأثير في الحياة العامة ولذلك نجد ان المهاجر اليمني والعربي عديم الفاعلية والنشاط في مختلف جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وغير قادر على الاندماج والتعايش مع الثقافات المختلفة ومع الآخرين وهنا تحدث القطيعة بين المغتربين ووطنه وبين المغترب والحراك والنشاط الذي تشهده مجتمعات المهجر وتفتقر الفائدة في ذلك الاغتراب فقط على جمع المال بينما يصبح تطوير المدارك والتعلم واكتساب الخبرات شيئاً متعذراً وكل الذي يعرفه ويتعلمه المهاجر يقتصر على اسماء السلع وبعض المفردات المتداولة في الشارع.ومن خلال ذلك النزول الميداني تعرفت على عدد من المغتربين اليمنيين من أصحاب المحلات التجارية وكذلك العاملين فيها فوجدت ان العمالة لاتقتصر على اليمنيين وحدهم فهناك الجزائري والفلسطيني والموريتاني والمغربي والمصري والسوداني وجنسيات اخرى من أمريكا اللاتينية والمكسيك ويورتوريكو،وغيرها،يعملون الى جانب اليمنيين في المتاجر اليمنية كما ان المهاجرين اليمنيين متواجدون في انحاء مختلفة من امريكا وفي مهن واعمال متعددة .. فاليمني سائق تاكسي وصاحب محطة بترول وصاحب مزرعة لحوم وصاحب مطعم وخطيب مسجد وداعية اسلامي.. ويمارسون انواعاً عديدة في التجارة واغلب المهاجرين من محافظات الضالع والبيضاء واب ولحج ويافع واعداد قليلة من محافظات مختلفة ولكنهم يشكلون صورة للوطن وكل الذي يحملون به هو العودة الى الوطن بعد ان يتمكنوا من تأمين مصدر للعيش لهم ولاولادهم ..واقصى مايريدة كل واحد بناء عمارة وشراء سيارة والهدوء والراحة وممارسة حياة هادئة بين اهله وأصحابه وعندما سألناهم اثناء جلوسنا معهم- عن احوالهم والمشاكل والهموم التي يواجهونها في المهجر اوضحوا لنا ان المشكلة الاولى التي يواجهونها متعلقة بالحصول على الاقامة الشرعية والقانونية وكيف يذهب العديد منهم للبحث على حل لتلك المشكلة باي طريقة كانت فيجد ان اسهل الطرق هو الاقتران بأي فتاة تحمل الجنسية الأمريكية ولكن انجاز الامر ليس بتلك السهولة فسرعان ماتدرك الفتاة مغزى الاقتران وينقلب السحر على الساحر وتتحول المسألة إلى ابتزاز وامتحان عسير يفشل العديد منهم في اجتيازه ويضيع سنوات من عمره وشقاه دون فائدة تذكر.اما البعض الآخر فيجد ان الحل لايأتي الابشراء إقامة من احد المهاجرين الحاصلين على الإقامة او الجنسية الأصلية وذلك الامر يتطلب الى المبلغ الباهض والى تغيير الوثائق المتعلقة بالهوية اليمنية الأصلية بوثائق أخرى تثبت انه احد ابناء ذلك المهاجر وتأخذ العملية الوقت الأطول حتى تستكمل الإجراءات وتتأكد السلطات من صحة البيانات المقدمة لها ولكن الذهاب الى حل المشكلة بهذه الطريقة اعقد بكثير من حلها عن طريق الاقتران بفتاة أمريكية .. لان السلطات المعنية بمنح الإقامة او الجنسية وضعت اليمنيين والعرب والمسلمين في دائرة الشك وعملت على تشديد الإجراءات الخاصة بطلب الإقامة وعقدتها الى ابعد الحدود- ولايستطيع المهاجر اجتياز اوفك تلك العقدة الا بشق الأنفس-وإذا تمكن من تجاوز الصعوبة والنجاح وحصل على الإقامة فإن الحل يظل غير مكتمل وتعود المشكلة من جديد للمهاجر عندما يحين موعد العودة الى الوطن بعد ان غير هويته الأصلية .. ويأتي دور سلطات الهجرة اليمنية فسرعان مايجد المغترب العائد نفسه في دائرة المساءلة القانونية وبين أيدي المتنفذين عرضه للابتزاز الانفعالات والتأثيرات السلبية تجاه الوطن وضد القوانين وغيرها من الأمور المنفرة التي تعكس الشعور بعدم الثقة بكل مايقال عن التسهيلات التي تقدمها الدولة للمهاجرين ولذلك فإننا نقترح أن تعطى للسفارات الصلاحية اللازمة لحل مثل هذه المشاكل المتعلقة بتغيير وثائق الهوية من قبل المهاجر واتخاذ التدابير اللازمة التي تشجعه على الإفصاح عن هويته الأصلية والثقة في إعطاء البيانات الصحيحة وعندما حاولنا إثارة العلاقة بين المهاجر ووطنه مع العديد منهم سرعان ما أطلق كل واحد منهم العنان لأحاسيسه ومشاعره الفياضة للتحليق بأجنحة الشوق والحنين والتغني بحب الوطن ولوعة الاشتياق للوصال لملاقاة الاهل والاحباب.. والمهاجر اليمني حتى وان كان بعيداً عن وطنه واهله بجسده فإنه حاضر بروحه وعقله ولايغيب عنه الوطن لحظة واحدة فهو كتلة من المشاعر والاحاسيس المسكونة بحب الوطن التي تجسد اواصر العلاقة وروابط الانتماء لوطنه ومجتمعه وهويته وعقيدته العربية والاسلامية ولقيمه الاخلاقية والانسانية والحضارية النبيلة المتأصلة والمتجذرة في أعماق التاريخ.وحتى لانذهب بعيداً نعود الى القول ان وزارة الخارجية والمغتربين معنية بترجمة تلك الاحاسيس والمشاعر الى فعل ايجابي ونشاط ملموس يسهم في تعزيز وتوثيق اواصر تلك العلاقة -ين المهاجر ووطنه- وجعلها جزءاً من حراك ونبض مجتمعنا ووطنا واحد الروافع الهامة لسيرورة البناء والتطور الذي تشهده بلادنا اليوم.ومعنية بالبحث عن الوسائل وإيجاد القنوات اللازمة التي يستطيع المغترب من خلالها المشاركة في مجمل الحراك السياسي الديمقراطي والتنموي الذي تشهده الساحة اليمنية اليوم معنية بإشراكه في تحمل المسؤولية تجاه مجتمعه ووطنه .. ويجب ان يعطي الاهتمام للعمل الاعلامي بين اوساط المغتربين وتكثيف النزول الميداني للوسائل الاعلاميه المختلفة لتلمس احوال المغتربين والتعرف على مشاكلهم وهمومهم وينبغي ان يكون هناك تنسيق وتكامل بين اداء الدبلوماسية والإعلام في تأدية المهام والوظائف الحضارية المجسدة والخادمة لأهدافنا ومصالحنا الوطنية وفي عكس وإظهار الصورة الايجابية والمشرقة لوطننا لدى مختلف دول وشعوب العالم كافة.ويجب ان نشير في هذا الصدد الى ان معالي الدكتور ابوبكر عبدالله القربي وزير الخارجية والمغتربين حرص خلال زيارته للولايات المتحدة الأخيرة على الالتقاء بالعديد من المغتربين لسماع آرائهم والتعرف على مشاكلهم في أكثر من ولاية على الرغم من صعوبة لالتقاء بهم لأنهم مرتبطون بأعمال على مدار الساعة وغارقون في تفاصيل وهموم الحياة اليومية ولذلك نقول ان مثل هذه اللقاءات تحتاج إلى التغطية الإعلامية اللازمة والى تمسكها وترجمتها الى ثمار ايجابية تصب في خدمة المصلحة المشتركة ومامن شك في ان استمرار وتواصل مثل تلك الأنشطة السياسية والإعلامية واللقاءات المباشرة مع المغتربين سوف يسهم في خلق الثقة وتذليل الصعوبات والبحث عن الحلول والمعالجات لكافة القضايا والمشاكل التي يواجهها المغترب وغني عن القول ان العلاقة بين المهاجر ووطنه تأخذ اشكالاً متعددة في زمن اليوم الاتصالي – بإمتياز- الذي اصبح بمقدور المرء التواصل من أي مكان في العالم مع أي شخص يريد وفي أي لحظة يشاء عبر وسائل وأجهزة الاتصال المنتشرة والمتوافرة بسهولة ويسر بدون أي قيود وبوسع أي مهاجر ان يرتبط باهله وأصدقائه وأي شخص يريد عبر شبكة الانترنت (بالصورة والصوت) على الدوام ومن خلال أي محمول اوتلفون وبأي لحظة وعلى مدار الساعة لمشاهدة وسماع ومعرفة أي أخبار فور وقوعها.واذا كانت تلك الثورة المعلوماتية الاتصالية العالمية قد مكنت المهاجر من التواصل مع اهله وأصدقائه لسهولة ويسر في أي لحظة فإنها في الوقت نفسه قد فتحت الباب على مصراعيه لمتابعة كل مايجري في العالم ووضعه وجهاً لوجه امام مجمل التطورات والاحداث التي تشهدها الساحة الدولية في كل لحظة وفور وقوعها ومن الأهمية بمكان ان ذلك التقدم الذي حدث في المجال الاتصالي الإعلامي ألمعلوماتي قد اتاح للمهاجر اليمني متابعة كافة التطورات والانجازات السياسية والاقتصادية والديمقراطية والتنموية التي حققتها بلادنا خلال السنوات الماضية على خلفية النهج والتوجه الذي اختطته- بلادنا-القائم على التعددية السياسية والحزبية وحرية الرأي والتعبير واحترام حقوق الانسان وضمان حق المشاركة في الانتخاب والترشح لكافة السلطات التشريعية والتنفيذية المحلية الرئاسية لكافة أبناء شعبنا رجالاً ونساءً وكفل لهم حق تنظيم أنفسهم في اتحادات ومنظمات وجماعات مجتمع مدني اجتماعية ومهنية وثقافية وفكرية مختلفة والانفتاح على قيم التطور والتقدم المعاصر بكل شفافية ودون أي تعقيد وبسهولة ويسر.وعندما ذهبنا لأخذ رأي عدد من المهاجرين اليمنيين في أمريكا حول ماشهده الوطن من تحولات وانجازات سياسية واقتصادية وتنموية وحضور ومكانة دولية مرموقة.. كانت جميع إجاباتهم مقرونة بالاعتزاز والفخر بما تحقق من تحولات وانجازات عظيمة في حياة شعبنا وبالتقدير والاعجاب والثناء لشخص الزعيم القائد فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي استطاع قيادة الوطن بحنكة واقتدار لتحقيق الانجازات العظيمة والمكانة العامية المرموقة واستحق بجدارة ان يكون صمام أمان الوطن ورائد التحولات ورجل المواقف والمبادرات الشجاعة المدافعة عن قضايا وطنه وأمته العربية والإسلامية .وللحديث بقية.