القاهرة/متابعات: صدر حديثاً عن الدار المصرية اللبنانية رواية جديدة بعنوان (سلك شائك) لخيري عبدالجواد، بغلاف الفنانة هنادي سليط، وتعد هذه إحدى أهم الروايات في المسيرة الإبداعية لمؤلفها، حيث أنها العمل الوحيد الذي أنجزه قبل وفاته مباشرة، واضعاً فيه عصارة خبرته السردية (الحياتية) وإن لم يخرج عن التيمات الفنية الأثيرة لديه، مثل (الموت ، والجنس ، والتصوف).وبحسب الناشر كان خيري عبد الجواد الذي رحل في يناير/ كانون الثاني 2008 مغرما بهذه الثنائيات الضدية ، وقد تميز فيها بموهبته النادرة، فلم تأتِ هكذا كاستعارة خارجية ، لموضوع تغلفه، وإن رفدها ، وبرع في ذلك، باستفادته القصوى من التراث السردي العربي القديم ، خصوصا الآليات السردية في ألف ليلة وليلة .وطعم ذلك السرد المستفيد من التراث بالخطابات الشعبية وقصص الجن والعفاريت وكتب السحر ، فاعتصر كل التراث في إبداعه ، وكأنه يصنع تراثًا حداثياً حتى لقب بأنه أحد أهم الذين كتبوا عن الحارة المصرية بعد نجيب محفوظ.والإطار العام للرواية الصادرة حديثاً يدور عبر آلية الحكاية داخل الحكاية ، الأولى عصرية بين بطل يعاني الإحباط وبطلة غريبة النشأة والثقافة عنه ، وتأتي الحكاية الثانية ، وكأنها الخلفية الموسيقية التراثية عبر حكايات قبل النوم التي يرويها لحبيبته، وكلها مأخوذة من الأساطير الشعبية ، فالخيال الشعبي كان هو الجسر الذي عبر منه إلى قلب حبيبته ، وتتداخل الحكايتان ليكتمل الإحباط العام باغتيال السادات في حادثة المنصة .الإطار العام الشكلي للحكاية غاية في البساطة، لكنه يكتسب غناه من زخم التفاصيل التي أجاد خيري عبد الجواد توظيفها في عمله ، ليصبح على قلة عدد صفحات الرواية( 116 صفحة فقط ) من أغنى وأكثر الروايات إمتاعًا في السنوات العشر الماضية .وفي أجزاء كثيرة من هذه الرواية الحيوية ، لجأ عبد الجواد إلى لحظات تسجيلية ، في ما يتعلق من الحكاية بالسياسة ، وعاد في ذلك إلى مجموعة من المراجع ، مثل : أشعار نزار قباني ، وخريف الغضب لهيكل ، واغتيال رئيس لعادل حمودة ، والواضح المبين في ذكر من استشهد من المحبين ، فضلاً عن الصحف المصرية ، لكن هذه التسجيلية لم تصب الرواية بأي قدر من الجفاف ؛ لأنه تم غزلها بآلية سردية ناضجة ، فكأنها بنت الخيال واللحم والدم ، فلا نشعر بأي نفور منها، أو بسببها.صدر لخيري عبد الجواد قبل ذلك مجموعة من الأعمال منها: حكاية الديب رماح ، حرب أطاليا ، قرن غزال ، التوهمات ، والعاشق والمعشوق ، وكيد النساء . وكل هذه الأعمال ، وضعت عبد الجواد في زمرة الحكائيين الكبار ، الذين كان الخيال سفينتهم في بحر الإبداع كما في الحياة .
أخبار متعلقة