الخط الساخن
كانت الرحلة متجهة من عدن إلى صنعاء وعبر شركة الرويشان للنقل البري.. والحكاية ان أمر الرحلة كان عاديا للغاية.. والركاب يتساءلون عن أي طريق سوف يسلكه السائق عن طريق (تعز ونقيل سمارة) ومشقة منعطفاته الخطيرة، او عن طريق الضالع المشوب بالخوف من شغب عباد الله.لم يفد السائق بأي افادة تعطي الطمأنينة والسكينة للركاب، بل من العند ومن النقطة العسكرية هناك تتجلى الأمور.عدت الحافلة المليئة بالركاب بسرعة تسابق الرياح ومعها تجاوزت “نقطة العند” حينها عرف الجميع انها طريق الضالع ـ صنعاء.يقول الناس ان (هناك شي من الله يأتيك وشي من خلقه)، إذ تفاجأ الركاب بوقوف حافلتهم لتنضم الى جمهرة من الحافلات اجبرتهم السيول على الوقوف، بينما كانت مجموعة القادمين من صنعاء على الضفة الأخرى تواجه المصير نفسه.لساعتين ظل الناس منتظرين حتى فرج الله همهم وخف منسوب مياه السيول فتقدمت الحافلات حذرة تمشي ببطء حتى وصلت الى الضفة الاخرى بسلام وختمت التهاني والاماني بالسلامة (مولد الدعوات والتضرع الى الله لطلب السلامة والنجاة).واخيرا وبعد انتظار ممل وقدر مميت (قدره الله ولطف) عادت الحافلة تخب الطريق خبا مستأنفة رحلتها الى صنعاء. هذا ما كان من الله، أما النصف الآخر من الحكاية فهي من خلقه طالت الرحلة وبدأت الهواتف الجوالة تتجاوب صداها بين جنبات الحافلة.أهالي الركاب المنتظرون في صنعاء انتابهم القلق للتأخير.. كلمات من هنا وهناك وشرح لاسباب التأخير. تبقى للرحلة ثلاث ساعات.. وهدأت الهواتف الجوالة معاودة بعد ساعة وبعد التي تلتها بالرنين من جديد.. الركاب في حالة مملة وارهاق وأهاليهم في قلق وخوف وانتظار في الرمق الاخير لصبرهم.تجاوزت الحافلة منطقة ذمار بنجاح وجاءت المفاجأة بعد هذا التجاوز باربعة كيلومترات فقط.. جنح السائق بالحافلة الى جانب الطريق.. وترجل منها بصحبة مساعده وسرت همهمات متوجسة.تساءل الركاب عن الأمر.. فكانت الاجابة ان الحافلة لن تقوم لها قائمة لانها تعطلت وعليهم الانتظار على الأقل لساعة ونصف في الظلام والبرد حتى تحرك شركة الرويشان حافلة أخرى من صنعاء.. وعلت صيحات الركاب مستنكرين فمنهم من هو بخير ومنهم المريض!.الشركة المعنية كان بامكانها ان تحرك سيارات نقل من ذمار لانها الاقرب اليهم.. لماذا تلزمهم وتجبرهم على الانتظار تحت طائلة الخوف والظلام والبرد والجوع والمرض.. وماذا حدث لاحقاً سيتبع.. فانتظروا فهو الأمر العجب!