احمد علي عوضضيفة هذه الحلقة هي الاخت مريم محمد اسحاق التي تعتبر من التربويات القديمات اللواتي افنين اعمارهن في خدمة التعليم وانشاء الاجيال على المبادئ والقيم التعليمية والاخلاقية السامية، ورضين ان يزاولن المهنة في الخفاء من خلف الاستار بعيدا عن الغوغاء الاعلامية وبقين في زوايا لاتصل اليها الاضواء الكاشفة وعملن في صمت يجدن بما لديهن من خبرات وكفاءات ومهارات بدافع حب روح وجوهر المهنة المقدسة وبتفان واخلاص قلما تجدهما عند الكثير، حاصلة على شهادة دبلوم المعلمين في عام 72م.التحقت بسلك التربية والتعليم عام 73م والذي مثل مخاطرة حقيقية حين طلب منها السفر الى محافظة المهرة للقيام بواجبها الوطني تجاه ابناء اليمن في تلك المنطقة التي كانت حينها مقطوعة الاوصال وكان من يسافر اليها يعد من المنفيين لانقطاع خطوط التواصل بينها وبين بقية المحافظات الاخرى وفي مقدمتها العاصمة عدن.بدأت مغامرتها الاولى والتي دامت اربع سنوات عملت بها في مدرسة الغيظة، ونظرا لحبها الشغوف بالاطفال فقد فضلت ان تدرس السنوات الابتدائية الاربعة الاولى التي يطلق عليها (العام)، ورغم عظمة المسؤولية باعتبار تلاميذ سنوات العام بحاجة الى خصائص ومقومات ليست بالضرورة توفرها لم يدرس السنوات العليا.فقد خاضت تلك التجربة وكلها حماس وهمة لم تفتران طيلة سنوات عملها الطويلة والبالغة (33) عاما.وفي عام 1977م انتقلت الى محافظة عدن لتعمل في نفس المهنة السابقة والتي حافظت على نمطها بمدرسة العاشر من سبتمبر الابتدائية في مديرية المعلا والتي تسمى اليوم مدرسة (ريدان) اساسي بنات حيث ظلت تعمل فيها بنفس العطاء مع مزيد من الخبرات والتنوع في الوسيلة التعليمية وتطويرها باسلوب علمي امثل لمدة ثلاث سنوات متوالية. وفي عام 1980م وتحت مرض الم بها وحرمها متعة التواصل مع ابنائها الصغار الذين احسنت التعامل مع براءتهم كأم رؤوم آثرت الانتقال الى احدى رياض الاطفال بمدرية المعلا المسماة سابقا روضة 30 نوفمبر وظلت تعيش في علاقات ودية وحميمية لمدة خمس سنوات وذلك لانها لاتريد التوقف عن مزاولة مهنتها رغم ان مرض الالتهاب الرئوي الذي كان اصابها كان مدعاة لان تأخذ راحة طويلة كي لايتفاقم ويتحول الى مرض اكثر خطورة.ثم في عام 86م قادها حنينها لبنيها بالعودة اليهم في لحظات ادركت فيها اهمية الاختصاص في العمل وفوائد الرغبة الجامحة للعيش في متعة اغداق الآخرين الكم المعلوماتي النموذجي وصياغة عقول واذهان صناع المستقبل فالتحقت في مدرسة قتبان اساسي اولاد والتي مازالت تعمل فيها منذ تلك اللحظة حتى يومنا هذا.و ثمة عتابات على القائمين على المؤسسة التربوية والتعليمية الذين يحجبوا النظر عن مثل اولئك النسوة العظيمات واللاتي لم يربحن سوى حب الآخرين واحترام جميع الاجيال التي تخرجت على يديها والتي منها من يعمل اليوم في مهنة التدريس ومنها من قد اعتلى المناصب المهمة في المؤسسات الحكومية ويحملون لهن جميل حسن صنيع اعمالهن ورعايتهن لهم.تم تكريمها لسنوات عديدة على المستوى الداخلي للمدرسة من قبل الهيئات الادارية والتعليمية ومن قبل الاستاذ القدير المتقاعد / عبدالله مقبل احد مدراء مدرسة قتبان السابقين.وعلى الرغم من رحلتها الطويلة في موكب العلم والتعليم لاتزال تتمنى استبقاءها في مزاولة مهنتها والا فان روحها ستنتزع من جسدها وسنضطر آسفين الى خسارة احد النماذج التربوية الناجحة الذين امتلأت ارصدتهم بمحاصيل انتاجية ناضجة ومثمرة.
نماذج تربوية ناجحة (2)
أخبار متعلقة