ما زال أمامه طريق طويل للوقوف في مصاف الديمقراطيات المستقرة
بغداد/14 أكتوبر/مايكل كريستي: أجرى العراق انتخابات مجالس المحافظات أمس الأول السبت دون وقوع أي هجوم كبير في البلاد في دلالة على أن سنوات العنف الطائفي والعمليات المسلحة ربما بدأت تتلاشى بالفعل وتصبح جزءا من الماضي وان الأمن بات مستتبا بصورة اكبر. غير أن الحقيقة المتمثلة في الاضطرار إلى إجراء الانتخابات خلف أسلاك شائكة وعدم مشاركة أربع محافظات يشير إلى أن العراق ما زال أمامه طريق طويل للوقوف في مصاف الديمقراطيات المستقرة.ويقول المحللون أن الاختبار الحقيقي على زيادة حالة الاستقرار في العراق لا يتعلق فحسب بإجراء انتخابات هادئة نسبيا ولكن فيما إذا كان الخاسرون سيسلمون السلطة بهدوء ويعلنون الولاء للفائزين. وقال هانز فون شبونيك وهو منسق سابق للأمم المتحدة لشؤون العراق «الخوف والترهيب واستبعاد أربع محافظات منها كركوك عوامل تذكرنا تماما بان الأوضاع في العراق لم تعد إلى طبيعتها.» وأضاف «يجب أن نضع ذلك في اعتبارنا ونحن نحكم على نتائج الانتخابات.» وليس من المرجح إعلان النتائج الأولية للانتخابات قبل ثلاثة إلى خمسة أيام والنتائج النهائية ليس قبل شهر. ويتعين على القوات الأمريكية التي غزت العراق في عام 2003 للإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين الانسحاب بنهاية عام 2011 بموجب اتفاقية أمنية ثنائية وقعتها الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة جورج بوش. ويرغب الرئيس الأمريكي الجديد باراك اوباما أن يتم الانسحاب على نحو أسرع. ووعد اوباما خلال حملته الانتخابية بالانسحاب من العراق خلال 16 شهرا من توليه السلطة في يناير. وأدرج الجيش الأمريكي خيار الستة عشر شهرا ضمن خططه العسكرية. والنجاح الذي حققته الشرطة العراقية والجنود العراقيون في حفظ الأمن خلال انتخابات مجالس المحافظات ربما يجعل من الأسهل على المسؤولين الأمريكيين تأييد انسحاب أسرع من العراق. واضطر مسلحو تنظيم القاعدة وجماعات إسلامية سنية أخرى حاربت القوات الأمريكية بعد الغزو إلى الخروج من مناطق كثيرة من البلاد بعد أن انقلب عليهم زعماء العشائر العربية السنية في محافظة الانبار بغرب البلاد. وما زال المسلحون يمثلون تحديا في محافظتي نينوى وديالى المضطربتين حيث قاطع الناخبون السنة الانتخابات الماضية في عام 2005 وجرى استبعادهم بعد ذلك بشكل كبير من السلطة. وإذا تمكن العرب السنة في نينوى بما في ذلك مدينة الموصل من استعادة مجلس المحافظة من الأقلية الكردية فربما تهدأ مشاعر الاستياء بين السنة التي استغلها تنظيم القاعدة. ولكن إذا تبددت طموحات السنة من خلال أداء ضعيف بين الجماعات السياسية السنية المنقسمة أو نتيجة ممارسات ترهيبية من مقاتلي البشمركة الأكراد فان التوترات القديمة بين الأكراد والعرب قد تطفو مجددا على السطح وربما تزج بالعراق إلى صراع عرقي وطائفي جديد. ونقطة الخلاف الرئيسية بين الأكراد والعرب هي كركوك التي تأجلت فيها الانتخابات لأجل غير مسمى بسبب عدم موافقة الجانبين على اللوائح. وفي ديالى والانبار فان النتائج التي سيحققها السنة الذين وقفوا في السابق إلى جانب المسلحين ربما تحدد أيضا ما إذا كانوا سيبقون على موقفهم المسالم. وقال جوست هيلترمان من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات «الحل يكمن فيما إذا كانت الأحزاب تستطيع التوصل إلى ميثاق يدعم انضمام مخربين سابقين أو من يمكن أن يكونوا كذلك الى هيكل الدولة العراقية.» ويأمل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن يؤدي حزب الدعوة الذي يتزعمه وحلفاءه في ائتلاف دولة القانون أداء حسنا في مواجهة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي المنافس الشيعي الرئيسي لهم. وسيكون أداؤهم مؤشرا على إمكانية تجديد التفويض الممنوح له خلال انتخابات برلمانية تجرى في نهاية العام. غير انه إذا خرج المالكي من انتخابات مجالس المحافظات بقوة دفع كبيرة جدا فربما يمثل ذلك خطرا عليه. وقال توبي دودج وهو خبير في شؤون العراق بجامعة لندن «إذا خرج منها (الانتخابات) قويا جدا فسوف يثير ذلك تحركا متواصلا ضده.» وساد الحماس أجواء الحملة الانتخابية. وقالت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية أنها فرضت غرامات على ثلاث قوائم حزبية لارتكاب انتهاكات لم يتم الكشف عنها بالتفصيل خلال الحملة لكنها أضافت أنها تلقت عددا قليلا جدا من الشكاوى بشأن شراء فعلي للأصوات. ومع ذلك شهد يوم الانتخابات شكاوى من الكثير من العراقيين الذين لم يتمكنوا من العثور على أسمائهم في قوائم الانتخابات في مراكز الاقتراع ولم يسمح لهم بالإدلاء بأصواتهم. ومن المتوقع أن يستغرق الأمر من المفوضية العليا لشؤون الانتخابات شهرا للبت في جميع الشكاوى. وربما لن تتضح قبل ذلك شرعية انتخابات مجالس المحافظات التي جرت أمس الأول السبت.