أقواس
بلادنا تملك كنزاً من التراث ألطربي الموسيقي المختلف الأنماط من شتىّ المحافظات اليمنية ،وقد سبق أن قام بعض الباحثين والأكاديميين اليمنيين وغيرهم بكتابة البحوث التاريخية التي تخص هذا الجانب ، بل وقد قام هؤلاء بجهود ذاتية وفردية بتجميع وتوثيق هذا التراث الهام حتى وإن لم يستطع هؤلاء القيام بلمّ شتاته بشكل كامل ويشكرون على هذا العمل الرائع ومن هؤلاء الأساتذة الدكتور خالد محمد القاسمي الكاتب الخليجي المعروف في كتبه المعنونة ((بالأواصر الموسيقية بين الخليج واليمن ))،((الأواصر الغنائية بين اليمن والخليج))،((الأغنية اليمنية الخليجية بين التراث والمعاصرة ،وجذور الأغنية اليمنية في أعماق الخليج للدكتورين خالد القاسمي ونزار محمد عبده غانم))،وأيضاً الأستاذ أحمد المهندس في كتابه ((على الحسيني السلام)) و المؤلفات الخاصة بالدكتور محمد عبده غانم صاحب الكتاب المشهور ((شعر الغناء الصنعاني )) والأستاذ محمد مرشد ناجي في كتابه ((الغناء اليمني القديم ومشاهيره)) والدكتور عبد القادر قائد المدرّس بمعهد جميل غانم للفنون في كتابيه ((من الغناء اليمني - دراسة نقدية ،محمد جمعة خان)) هذا وقد قمنا بنشر عدة مواضيع عن هذا التراث الثري والكنز الضائع في صحيفتي ((14أكتوبر والأيام)) ومن هذه المواضيع ((الجماليات المشتركة بين لحج وصنعاء ))(( الأغنية اللحجية جوهرة ثمينة )) ((هموم تراثية)) ((تراث ينبغي ألا يغيب)) ((التصوف وأثره في الفن الكلاسيكي الغنائي ))((تشنيف الآذان بأغاني محمد جمعة خان )) ((نحو استعادة مكانة الفن الغنائي النسائي في اليمن )) ((سلطان الطرب اليمني صالح عبدا لله عنتري)) ((التأثير الإيجابي لمطربي اللون الغنائي اللحجي)) وأخيراً ((التأثيرالإيجابي للفنان محمد سعد عبدا لله)).هذا وقد استقينا معظم المعلومات الخاصة بهذا البحث من كتب هؤلاء الباحثين المذكورين أعلاه وغيرهم من كبار السن الذين عاصروا وعايشوا هؤلاء الفنانين المشائخ أو من الذين لديهم حصيلة فنية ممتازة أمثال الأستاذ القدير الموسيقار جابر علي أحمد والأستاذ القدير الشاعر والمنشد عبد الرحمن أحمد العمري وكذلك الفنانون ((حسن عوني العجمي ومحمد الذماري ومحمدالجماعي ويحي السنيدار )) وكذلك الأساتذة((حسن سعيد دُبعي وعبد القادر الشيباني ))والحاج البيسة اللحجي الذي لديه مقتنيات فنية ومعرفة كبيرة عن مشائخ الفن الغنائي وأيضاً الأخ عبدا لله المصباحي الموسوعة في حفظ أسماء معظم الفنانين في اليمن والخليج وحفظ أغانيهم والذي كان يمتلك مؤسسة فنية للغناء اليمني والخليجي القديم في السعودية وكان محتكاً كثيراً بالفنانين اليمنيين المغتربين عندما كان مقيماً هناك ،ولا ينُسى دور كبار السن الذين التقينا بهم في صنعاء أو في لحج أو في عدن لأن هؤلاء يمتلكون كنوزاً معرفية تصب في خدمة هذا الفن المهمل والمميّز ومن هؤلاء العقلاء الحاج المرحوم الفنان محمد الرحومي الذي مات قبل حوالي سنة أو أكثر من ذلك في مدينة صنعاء القديمة عن عمر يناهز المائة والثمانية أعوام تقريباً. هذا الفنان الذي يعتبر من معاصري مشائخ الفن الغنائي اليمني ومن أشد المتأثرين بالشيخ علي أبوبكر باشراحيل والشيخ البار والشيخ محمد الماس وهو من مواليد حارة عقيل أو السائلة بصنعاء القديمة ،وكان يجيد العزف على العود الصنعاني القديم ومن جلسائه الحاج سعد الخميسي والفنان حسين بهلول والفنان والأديب والفلكي الحاج حسن الرُخمي والعزّي صالح السنيدار والحاج حسن أحمد الجُماعي المتخصص باللون الصنعاني والذي كان يحفظ الشعر الحُميني عن ظهر قلب وكذلك الحكمي والفصيح ويحفظ نمط الأغاني التركية والمعزوفات العسكرية ويحفظ قليلاً من اللغة التركية وعنده شغف بالأغاني العربية ومن أصدقائه الفنان المتمكن الحاج أحمد طاهر والذي مات عن عمر يناهز المائة وعشرين عاماً وكان يحفظ كثيراً من شعر الخفنجي والقارة ومن الملاصقين له الفنان أحمد زيد وأحمد فايع وهذه المعلومات المتوفرة عن الفنان محمد الرحومي وجلسائه حسب ما أفاد به كل من الفنان الأستاذ محمد الجماعي وأولاد الأستاذ الرحومي والأستاذ الشاعر و المنشد عبد الرحمن العمري.ولا يسعني في هذا الموضوع إلاّ أن أقول موضحاً لبعض المهتمين من باب الحرص على هذا التراث أن لكل منّا ذوقاً معيناً ونظرية ذاتية فالألوان الغنائية الأربعة المتمثلة بالصنعاني واليافعي والحضرمي واللحجي كلها ألوان يمنية ولكن كل لون له ميزة خاصة ومذاق خاص ومؤدون خاصون فهنا تكمن مهمتنا جميعاً في إعطاء كل قامة حقها وإنصافها بعيداً عن التعصب والانحياز لمنطقة ما أو لون غنائي ما.وسوف يستمر البحث جارياً عن هذه الأغاني حتى يتم جمعها خطوة بخطوة ونرجو من بعض فنانينا الأعزاء في دول الخليج أن يسمّوا الأغاني اليمنية بأسمائها حتى لا يحدث التباس للمستمع خدمة للفن التراثي والحقوق المتعارف عليها ولا ينكر دور مشائخ الفن في الخليج العربي في حفظ وتوثيق التراث اليمني ويكفينا منهم على سبيل المثال إدخال التحسين الهائل على موشحه ((دع ماسوى الله واسأل )) وأغنيتي ((نالت على يدها مالم تنله يدي ،وأراك عصي الدمع شيمتك الصبرُ))،وليس عيباً أو خرقاً للقاعدة أن يجيد مثلاً فناناً خليجياً اللون الغنائي الصنعاني أو اليافعي أو الحضرمي أو اللحجي ولو حتى عنده قصور في اللهجة اليمنية المهم أن يغني بالطريقة الصحيحة الأصلية وبجمال وجاذبية كما فعل الفنان سالم راشد الصوري ومحمد علي السندي وباعشن ومحمد زويد وغيرهم من العباقرة.وما علينا في النهاية إلاّ أن نترك الباب مفتوحاً للجمع والتوثيق حيث وهذا التراث مشتت في كل مكان وحتى نتمكن من الحصول على القدر الممكن من هذه الأغاني سواءً من الداخل أو من الخارج.