في لقاء حضرته في ديوان صاحب الأيام الأستاذ هشام باشراحيل مع كوكبة سماها أحدهم «أصحاب أقلام الرصاص» في الصحيفة، سألت الأستاذ أحمد عمر بن فريد: ألاترى إن الاستمرار في الخطاب المناطقي يهدد مئات الآلاف من أبناء المحافظات اليمنية جنوبية وشمالية، بمستقبل يلتزم للتطهير العرقي؟ وهذا منهج ومستقبل لايمكن أن يختلف عن مايعيشه العراق حاليا، بل سيكون أسوأ لأن العراق أصلا لم يشهد مثل هذا الخطاب قبل سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين. حين لايشفع لعبدالفتاح اسماعيل ابن الحجرية الذي استشهد برفقة علي عنتر ابن الضالع وصالح مصلح ابن اليمن كلها، والذي لايزال مدانا فكريا وسياسيا وأخلاقيا من قبل السلطة أو رموز في تحالف حزبه، ومقصاًَ من الاعتبار، حين لايكفيه ذلك فتقص صورته من على كرتون حظي به شهداء هذه البلاد الذين لاتحبهم السلطة!! حين يتحدث مئات أو لنقل حتى آلاف باعتبارهم الناطقين باسم الحق الجنوبي والطهر الجنوبي والخير الجنوبي، ويرون غيرهم سواء آلاف أو ملايين من أبناء الجنوب والشمال نقيضا لذلك كله، فأي مستقبل إذا وأي خير وأي مختلف يمكن لنا أن نتحالف له ومن أجله. نعم لقد تصرف المؤتمر الشعبي العام في أحيان كثيرة بإقصائية غريبة، وذكر بالقتل والقتلى، ونبش الصولبان، ويبحث حاليا عن «تفاريش»، ويتحدث عن دموية النخبة السياسية في الجنوب وكأن الشمال كان جنة سلام لم يعرف محمد خميس ولم يختف فيه سلطان القرشي، ولا قتل فيه مئات من محمد الرعيني وحتى جارالله عمر، ولكن ذلك لن يكون واقيا أخلاقيا يبرر أن يجد قتلى 13 يناير جثثهم مرة أخرى وسيلة للتنكيل السياسي. ولا أن نجد أنفسنا وحقوق أهلنا وإخواننا من أبناء المحافظات الجنوبية أو بخاصة حقوق مهزومي حرب 1994 وخصوم سلطة المؤتمر الشعبي العام، أن نجد أنفسنا أسنة رماح تستخدم لتمرير وحماية خطاب يحرض على الكراهية ويحث على التفرقة والتمييز. إن مثل هذا التاريخ يجب أن يتحول إلى يوم مختلف نقرأ فيه كارثية ما صنعه فكرا وسلوكا، وكيف أن أخطاء الخصوم تعمينا فتدفعنا لارتكاب ما هو أسوأ منها. إنه من المخيف أن بيننا من الرموز الوطنية من ترى أن من حقها العمل بذات الآلية التي أنجزت كارثة 13 يناير.. قد يكون معها كل الحق في شعورها بالإقصاء والظلم والضيم، وبأن لنا سلطة لم تستطع بعد الانتقال إلى الميدان لتعالج مشكلاته من جهة، ولتبني صروحا لإنجازات مستقبلية. ولكن هل ذلك مبرر لنجد أنفسنا أمام جهود كل هدفها هو إحياء القوة التي أنتجت 13 يناير، حتى وإن تحدثت عن التسامح والتصالح، فالشعارات لاتكفي. إن التصالح والتسامح منهج يقتضي الكف عن السير في طريق أنتج الكوارث ليس مرة واحدة بل عشرات المرات. إن من يقول إن السلطة لن ينفع معها إلا مثل هذ السلوك مخطئ وواهم، هذا إن لم نقل إنه إما لايفقه شيئا أو يريد أن يعبث بنا جميعا على الطريقة التي اعتاد عليها أو تعلمها. لقد قاد الصحفيون معارك مهنية تمكنوا خلالها من إنجاز الكثير، وهم بذات الطريقة يواصلون وإن بصعوبات مكافحتهم لكل مايعيق حقهم وينتهك مهنتهم. ولم يحتج أي منهم لمناصرة مناطقية أو خطاب ماضوي. واستوى في ذلك الإفراج عن عبدالرحيم محسن وابراهيم حسين وصولا إلى سعيد ثابت وعبدالكريم الخيواني وهاجع الجحافي وجمال عامر وغيرهم كثير. لقد وجدت حركة المتقاعدين آذانا وأقلاما ومناصرين تحركت بسبب تحالفهم جميعا كقضية حقوقية لم تنته بعد، ونخاف أن تظن السلطة أن مجرد هدوء التفاعلات بسببها يبرر لها التراخي عن معالجتها، وللأسف إن الانتصار الذي تحقق أغرى بعضنا بسبب هشاشة وعينا السياسي بأن نجرب ماقد يكون صاخبا لكنه لن يحقق شيئا على أرض الواقع. وإذا حقق شيئا فلن يكون سوى ماهو أسوأ للجميع من الوضع الحالي ولا نأمل ذلك وندعو الله أن يحمي هذه البلاد من مغامرين لايرون أحدا في الكون يستحق الاحترام إلا أنفسهم وآراءهم. خلاصة القول إننا نأمل باعتذار وطني لضحايا الصراعات، أو على الأقل لنقل فترة انتقالية ننفصل فيها أولا عن قطار ندرك أنه هو من أوصلنا لهذا الوضع السيئ، وسواء كان قطار التحالفات أو قطار الخطاب والثقافة.. ونترك للتاريخ تأسيس ثقافة مناقضة للعنف ورافضة للظلم في ذات الوقت.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.. [c1]عن / (سبتمبر نت) و(نيوز يمن)[/c]
|
فكر
التسامح هل يمكن أن يكون أيدلوجيا للكراهية ؟
أخبار متعلقة