فضيحة يكشفها تقرير منظمة العفو الدولية عن بلد حقوق الإنسان
إعداد: سهام بن يحيىفي إطار حملتها الدولية الواسعة التي حملت شعار "أوقفوا العنف ضد المرأة"، فتحت منظمة العفو الدولية الصفحة الفرنسية في فبراير الماضي، فكانت الحقيقة فاضحة ومخيفة في بلد يتغنى بالحرية والمساواة، وتبين أن امرأة واحدة تموت كل أربعة أيام بسبب العنف الجسدي الممارس عليها من جانب شريكها، وأن واحدة من كل عشر تعاني من العنف الأسري، وهي إحصاءات مريبة أثارت جدلا واسعا في المجتمع الفرنسي، وسارعت وسائل الاعلام إلى إطلاق حملة توعية كبيرة بهدف إلقاء الضوء على هذا الموضوع.يعد هذا التقرير مخيفاً وإيجابياً في الوقت نفسه ، فهو مخيف من حيث الحقائق التي تضمنها، وإيجابي من حيث أنه وضع الحكومة الفرنسية أمام مسؤولياتها تجاه المجتمع، خاصة أن الإحصاءات عكست غياباً تاماً للسلطات الرسمية عن مواجهة جميع أساليب العنف التي تتعرض لها المرأة في فرنسا، فمن حالات الضرب من قبل الشريك التي تؤدي الى وفاة 90 امرأة في العام، إلى عدم الاهتمام الواضح بضحايا العنف في الملاجىء، حيث نقص الأسرة والظروف المعيشية الصعبة داخلها، مرورا بخفض الميزانية الخاصة بتوفير السكن المؤقت بـ 12 (وهو غلاف مالي يسمح للجمعيات المدنية بتقديم المساعدة للحالات الطارئة).يتبين أن المرأة "المعنّفة" لا تجد الدعم الكافي، وركّز التقرير على ملف الدعارة باعتبارها صورة من صور العنف الممارس ضد المرأة، وطالبت المنظمة فرنسا بالتعامل مع هذا الملف بمزيد من الجدية من خلال حماية النساء من المتاجرين بهن، وقدّرت المنظمة عددهن بـ 14 ألف امرأة يتم بيعهن أكثر من مرة ليتعرضن للمهانة والتهديد وأغلبهن من دول أوروبا الشرقية والبلقان وأفريقيا وآسيا، وأوضحت المنظمة في تقريرها أن النساء "المعنفات" لسن من طبقة أو شريحة عمرية معينة، بل أن الظاهرة تخص جميع الطبقات الاجتماعية ومختلف الأعراق الموجودة في فرنسا ومن جميع الأعمار (بينهن 10 من الطالبات اللواتي يتعرضن للعنف من قبل أصدقائهن).وكان التقرير جرس إنذار للمجتمع وللسلطات الفرنسية خاصة، وقد نالت السلطات الحصة الكبرى من الانتقادات من قبل المنظمة التي ركزت في تقريرها على غياب السلطات الرسمية في مواجهة العنف الذي تتعرض له المرأة في فرنسا، وتبين أن موقف السلطات الفرنسية كان في غاية السلبية، كما جاء على لسان برون دو مونتفالون، الباحثة المتخصصة في الملف الفرنسي بمنظمة العفو، والتي أكدت أنه لا يمكن لفرنسا أن تكون بلد حقوق الإنسان دون ضمان حقوق المرأة، خاصة تلك المتعلقة بالأمان والحماية من العنف. وفي هذا السياق، طالبت منظمة العفو الدولية السلطات القضائية الفرنسية بإتخاذ إجراءات أكثر حزماً ضد من يمارس العنف بحق المرأة حال تلقي البلاغات والشكاوي، بدءاً بتوفير الحماية اللازمة للمرأة والاستدعاء الفوري للمتهم أمام القضاء وإبعاده عن الضحية إذا تطلب الأمر ذلك، خاصة أن التقارير تفيد بتكتم العديد من النساء على حالتهن خوفاً من تهديدات الشريك وعدم اكتراث السلطات، حيث قدرت نسبة النساء اللواتي يقدمن شكاوى بتعرضهن للعنف بـ 5ر11 فقط، وحث التقرير الحكومة الفرنسية على وضع استراتيجية شاملة لمكافحة الرق والمتاجرة بالبشر عامة، وحماية النساء من الدعارة المنظمة والهجرة غير القانونية.