يوم أمس كان التدشين الأول لعملية التحول نحو الديمقراطية المحلية أو المحليات المنتخبة ديمقراطياً إيذاناً بالتحرك العملي لإنفاذ وبلورة مؤسسات حكم محلي تتولى مسؤوليات وسلطات إدارة محافظاتها وقضاياها التنموية والمدنية وفقاً لمنظومة الحكم اللامركزي الأوسع .وكما أشرنا أكثر من مرة فان هذه ليست سوى بداية وخطوة أولى لا غير في طريق طويل يتؤدي في آخره إلى ديمقراطية المجتمعات المحلية .ومن غير الوارد الركون إلى ما تم أو الاكتفاء بالحدث الأول الذي تجسد يوم أمس، بل الطموح والتوجه المعلن على كافة المستويات يؤكد السير تباعاً والمضي قدماً في هذا الطريق والمشروع المنفتح على التطور والتطوير الدائمين لمنظومة الحياة الديمقراطية والسياسية والإدارة المدنية في البلاد .دعونا نتذكر فقط أن التجربة الديمقراطية المتصاعدة في بلادنا شهدت مراحل ونقلات متتابعة منذ أول انتخابات نيابية في العام ( 1993) وكيف أن الطريق بدا يومها موحشاً ومحفوفاً بالكثير من التوجسات والمخاوف والحسابات المعقدة بالنسبة لشركاء الحياة الحزبية والسياسية وأيضاً بالنظر إلى حداثة التجربة وانفتاح المجتمع على حالة سياسية غير مسبوقة ولم يكن عنده سابق عهد بها وخصوصاً في ظل نمطية إدارات الحكم الشمولي الأوحد .من يومها ، ومنذ التجربة الأولى آنذاك تصاعدت بصورة عملية ملموسة ومشهود لها بالاقتدار والكفاءة وتيرة الممارسات الانتخابية والانتقال إلى امتحانات جديدة واستحقاقات أهم ضمنها وعزز من فرص خوضها ونجاح تجاربها المتلاحقة التزام أكيد وثابت لدى القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ / علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية بتطوير الممارسة والسلوك السياسي على قاعدة المشاركة السياسية والشعبية والتعودية الحزبية وحرية الرأي والموقف باعتبارها القاعدة الذهبية التي أسست لها واشترطتها دولة الثاني والعشرين من مايو والمولود الشرعي للوحدة اليمنية المباركة .بين رهبة البداية في ( 1993م) وما تلاها من عمليات أقتراعية توزعت على محاور ثلاثة ، شملت البرلمان والرئاسة والمجالس المحلية – في تجارب ثلاث للأولى واثنتين للثانية وواحدة للأخيرة – وبين جسارة وإيجابية الاستحقاق الأخير الذي أضيف يوم أمس إلى سجل وسيرة التجربة السياسية والديمقراطية في اليمن ، يكون المشهد قد كسب رصيداً جديداً ورقماً مهماً إلى حساب الحياة المدنية والسياسية في بنك المستقبل .يهمنا كثيراً الآن وبدءاًً من الساعة تسليط الضوء والعناية بالامتيازات العديدة والمهمة التي كسبتها المحافظات والمحليات اليمنية بالاقتراع على منصب المحافظ .وبالتالي يتحمل المحافظون المنتخبون مسؤولية البدء بطريقة مختلفة ومغايرة تواكب المتغير الحاصل في صلب الإدارة المحلية اعتماداً على مبدأ الشفافية والمشاركة وحشد الجهود والطاقات لمصلحة عملية تنموية مطلوبة في جميع المحافظات والمحليات .في هذا الصدد والسياق اعتقد أن محافظة مدنية وسياسية من طراز فريد كمحافظة عدن مؤهلة أكثر من غيرها لتحقيق التوازن المطلوب بين الطموح والانجاز وكسب رهان المستقبل وصولاً إلى الخطوة التالية والقادمة بانتخاب مباشر للمحافظ من الهيئة الشعبية الناخبة .
أخبار متعلقة