عندما انشئت منظمة التجارة العالمية عام 1995م واتخذت من جنيف مقراً لها فانها في الواقع جاءت امتداداً للمتغيرات التي شهدها العالم عقب الحرب العالمية الثانية والتي اثارت حراكاً غير عادي في بنية الاقتصاد العالمي الامر الذي جعل من الدول العظمى تفكر في وضع اسس للعلاقات الاقتصادية الدولية في مرحلة مابعد الحرب، فكان ميلاد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للانشاء والتعمير عام 1944م والتوقيع على الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفات التي اطلق عليها (الجات) عام 1947م واعتبرت في حينها بمثابة تدشين لنظام عالمي جديد. عبدالرحمن العنسيوكان الهدف الاساسي من التوقيع على الاتفاقية العامة للتجارة هو : تحرير التجارة الدولية ووضع القواعد التي تعمل على تنميتها بين الدول الاعضاء ، الا ان الاتفاقية العامة للتجارة ظلت كياناً مؤقتاً ويرجع الخبراء السبب في ذلك الى انها لم تكن تعبر الا عن مصالح الدول المتقدمة، بينما اعتبرت المؤسستين »البنك الدولي« وصندوق النقد الدولي كيانين دائمين لانهما يعبران عن مصالح الدول النامية على حد قولهما - هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان الاتفاقية الدولية للتجارة كان هدفها الاساسي هو تحرير التجارة الدولية ووضع القواعد التي تعمل على تنميتها بين الدول الاعضاء الاكثر تقدما، وهذه الاهداف لم تتوافق مع اهداف صندوق النقد الدولي الذي يهتم بوضع القواعد التي تحكم السياسات النقدية للدول ، اما البنك الدولي كما يعلن فيهدف في الاساس الى المساعدة الدول المتعثرة في برامجها التنموية ومن المهم معرفة ان اتفاقية (الجات)1947م شهدت عدداً من التطورات أدت في نهايتها الى إنشاء مايسمى بمنظمة التجارة العالمية بدءاً من مفاوضات جنيف 1947م وانتهاءً بجولة ارجواي الاخيرة 15 / ابريل 1994م والتي كانت قد نشطت عام 1986م بجولة من المفاوضات تم الاتفاق فيها على انشاء منظمة التجارة العالمية واكدت ذلك الوثيقة الختامية للجولة، والتي ورد في مادتها الاولى ان ممثلي الحكومات والجماعات الاعضاء في لجنة المفاوضات اتفقوا على إنشاء »منظمة التجارة الدولية « وقد حددت الوثيقة : نطاق عمل المنظمة ، ومهامها وهيكلها التنظيمي، وعلاقتها بالمنظمات الاخرى ، وطرق اكتساب العضوية ، وبالفعل تم تنفيذ هذا الاتفاق في يناير 1995م حيث وثقت المنظمة كل اتفاقيات (الجات) السابقة. مبادىءالمنظمةومن اهم المبادىء التي تقوم عليها المنظمة :مبدأ عدم التمييز - مبدأ الشفافية- مبدأ المفاوضات مبدأ المعاملة التجارية التفضيلية مبدأ التبادلية.وهذه المبادىء الخمسة أعطت المنظمة دفعة كبيرة نحو العالمية حتى أصبحت كياناً دائماً كونها شملت ميزات كثيرة اجمعت عليها معظم دول العالم حتى وصل عدد اعضائها (152) دولة منها أحد عشر دولة عربية (مملكة المغرب العربي - مملكة البحرين دولة الكويت الجمهورية التونسية- جبوتي- جمهورية مصر العربية - دولة قطر - الامارات العربية المتحدة - المملكة الاردنية الهاشمية وكان اخرها المملكة العربية السعودية).اما بقية الدول العربية فانها ماتزال منتظرة قبول طلبات العضوية رغم التنازلات التي قدمتها في المفاوضات بالرغم ان انضمام كثير من الدول الاقل نموا - في حال قبولها- لن يكون مفيداً بشكل مباشر من الناحية الاقتصادية على اعتبار ان منتجاتها الصناعية الوطنية متواضعة جداً بالمقارنة مع الدول الاكثر تقدماً التي تعيش على فائض انتاجها حسب راي احد الاكاديميين ، الا ان تلك الدول الاقل نموا تسعى الى تحقيق حضور دولي يقوي من موقفها اثناء الاتفاقيات والمفاوضات التجارية مع الدول الأخرى،بحكم ان منظمة التجارة العالمية هي الاطار التفاوضى المناسب لتنفيذ الاحكام او تسوية المنازعات التجارية بالاضافة الى ان العضوية ستمنح الدول النامية علاقات تجارية تفضيلية مع الدول المتقدمة، وذلك بدعم خطط الدول النامية في التنمية الاقتصادية وزيادة حصيلتها من العملات الاجنبية.اما بالنسبة لنا في اليمن فقد سعت الحكومة الى الانضمام الى منظمة التجارة العالمية على غرار ما وصفة المختصون لما سيحقق لها هذا الانضمام من ايجابيات على الصعيد العالمي والوطني، فالعالمي سيعمل على :-1- زيادة قدرة البلدان الصغيرة على المفاوضات على مصالحها داخل المنظمة بشكل جماعي..2- تسهيل التعاون بين الدول الاعضاء ومعالجة النزاعات التجارية بين الدول بشكل عام .3- توفير خيارات اكثر للمستهلك نتيجة لتنوع المنتجات .4- تعمل على زيادة كفاءة النظام من ناحية اقتصادية وتخفيض التكاليف وحماية الحكومة من تجمعات المصالح الضيقة. اما على صعيد الوطني فانها 1- وسيلة لجذب الاستثمارات الاجنبية والمحلية .2-الحصول على التسهيلات (المساعدات والديون) .3- ضمان الاستفادة من الميزات التفضيلية المتاحة للدول الاقل نموا من خلال الاعفاءات الجمركية والاعفاء من الحصص في الدول المتقدمة ، وكذلك الاعفاءات الجمركية في الدول الاخرى.4- الدخول في اسواق الدول الاعضاء في المنظمة بصورة اكثر انتظاماً ويسراً بموجب ما تتيحة التفاقيات التجارية متعددة الاطراف من خلال عدم التمييز ضد المنتجات اليمنية في اسواق الدول الاعضاء.5- ضمان استمرار الاصلاح الاقتصادي والاداري الذي بداء تطبيقة منذ تسعينات القرن الماضي للدفع بعملية التنمية بصورة اكثر ايجابية كون هذا الاصلاح يعد شرط للانظمام لمنظمة التجارة العالمية.6- ارتفاع مواصفات المنتجات الوطنية وضمان جودة المنتجات المتوفرة في الاسواق المحلية .7- انتقال التكنلوجيا.8- فتح فرص العمل للايادي العاملة اليمنية المؤهلة للعمل في الخارج، وازدياد فرص العمل في القطاع الخدماتي والمجالات الواعدة.9- سيادة القانون واضعاف دور المجموعات الضاغطة في داخل الدولة.10-الحكم الجيد وذلك من خلال ايجاد سياسات حكيمة غير مضرة بالاقتصاد الوطني والعالمي.هذا مايتعلق بايجابيات الانضمام حسب راي المختصين غير ان ثمة من يرى غير ذلك وينظرون الى ان الانضمام الى منظمة التجارة العالمية هو مغامرة خاسرة ستعمل على اهتزاز الانظمة الوطنة وزعزعتها وجعلها تابعة بل يدهبون بقولهم بأنها ستملى على حكوماتهم توجيهات من قبل الدول العظمى الاعضاء في المنظمة والذين يعتبرون ان هذف المنظمة هو تحرير التجارة ايا كان المقابل وتغليب المصالح التجارية على التنمية والبيئة والزراعة والصحة والسلامة،كما ستقضي على فرص التوظيف والعمل وتزيد من حدة الفقر، لان منظمة التجارة بحسب مايراه المختصون هي اداة في يد الدول المتقدمة (القوية) والتجمعات الضاغطة ، وليس في يد الدول الاقل نموا ، بالاضافة الى ان مجمل التغييرات والتشريعات التي تتوافق مع انظمة المنظمة سوف تعمل على :-- ارتفاع تكلفة الخدمات الاساسية مثل التعليم ، والصحة ، والمياة ، والكهرباء.. وغيرها نتيجة للخصصة ورفع الدعم عنها ، والذي سينعكس بدورة على ارتفاع تكاليف المعيشة ما يؤدي الى تدهور الاوضاع بشكل عام وزيادة شريحة الفقركما ستؤثر الامتيازات للعمال.وفيما تظهر تلك الاوضاع بصورها العامة فان القطاع الخاص في اليمن يعتبر الانضمام (شر لابد منه) ويرى ان اليمن قدمت تنازلات كبيرة ولم يبقى الا الشيء اليسير وكان القطاع الخاص ومازال يعول الكثير على الحكومة من خلال اشراكها لاعضاء من القطاع الصناعي بالمفاوضات التي تجري بين اليمن ومنظمة التجارة ، وهو في الوقت نفسه يدعو الحكومة الى الاهتمام بالقطاع الصناعي والتجاري بشكل عام اعتبار انه جزء من كيان واحد هو اليمن وان هذا القطاع هو جزء من هذا الكيان ، فاليمن ينظر اليها من منظمة التجارة ككيان واحد ولاينظر اليها على انها الجانب الحكومي فحسب .الامتيازات للعمال وفيما تظهر تلك الاوضاع بصورها العامة فان القطاع الخاص في اليمن يعتبر الانضمام ( شر لابد منه ) ويرى ان اليمن قدمت تنازلات كبيرة ولم يبقى الا الشيء اليسير وكان القطاع الخاص ومازال يعول الكثير على الحكومة من خلال اشراكها لاعضاءمن القطاع الصناعي بالمفاوضات التي تجري بين اليمن ومنظمة التجارة، وهو في الوقت نفسه يوعد الحكومة الى الاهتمام بالقطاع الصناعب والتجاري بشكل عام على اعتبار انه جزء من كيان واحد هو اليمن وان هذا القطاع هو جزء من هذا الكيان، فاليمن ينظر اليها من منظمة التجارة ككيان واحد ولاينظر اليها على انها الجانب الحومة فحسب الجانب الحومة فحسب. دور منظمات المجتمع المدنيتتجه معظم البلدان الاقل نموا الى السعي نحو تحقيق قدر اكبر من الاستفادة من هذه المنظمة، وتساعدها في ذلك منظمات المجتمع المدني التي بات الفقر، وما يهمنا ادراكة هو ان لنا خصوصية في وضعنا اليمن تعتمد على مساحةالحرية والديمقراطية التي نعيشها بعد تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م والتي عملت على تجسيد الديمقراطية وخلقت مناخ واسع يهدف الى تنمية البلاد بشكل عام ، وقد ترافق مع هذا التغيير تنافس في بناء الوطن وظهور منظمات المجتمع المدني التي تسهم بشكل كبير في البناء التنموي وتعتمد على بناء الانسان وتنمية قدراته في شتى المجالات كلا بحسب تخصصها وقدراتها وسياستها في تحقيق ذلك ، وان كان جهود تلك المنظمات ما زالت متواضعة في عطائها الا ان معظمها تسير في الطريق الصحيح..ومن اجل اكساب مؤسسات المجتمع المدني قوة وفاعلية اكبر فقد شكل القائمون عليها تكتلا اطلق عليه ( مجموعة عمل منظمات المجتمع المدني) والتي تعمل في اطار الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر، ولذلك فقد انطلقت (مجموعة منظمات المجتمع المدني في اليمن ) لتدشين حملة النداء العالمي لمكافحة الفقر وتحت شعار (تجارة عادلة .. لاحرة وبدات هذه الحملة في 7 / ديسمبر 2005م ضمن النداء العالمي لمكافحة الفقر في تنظيم " اليوم الثالث للشريطة البيضاء" في 10/ ديسمبر وذلك قبل انعقاد الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في هونج كونج باربعة ايام والذي يعقد في الفترة 13- 18 ديسمبر 2005م.وحيث كان من المفترض ان تتحق في العام 2005م تطورات مهمة في مكافحة الفقر وتحقيق بعض التقدم على مستوى المساعدات وتخفيض الديون .وهنا يبرز دور منظمات المجتمع المدني في اليمن حيث تشارك مع ناشطو النداء العالمي في القارات الخمس في التعبئة ومطالبة الاجتماع الوزاري للمنظمة ان تعطي الفقراء تجارة عادلة كما تطالب منظمة التجارة والمؤسسات العالمية والحكومات الوطنية باربعة مطالب رئيسية هي :--الاول : ان تتوقف منظمة التجارة العالمية عن الضغط على الدول النامية ان تحرر اقتصادها وان تسمح لها بمساحة تشريعية تمكنها من اختيار سياساتها التجارية وفقاً لمصالحها التنموية.-الثاني : التوقف حالاً عن سياسات اغراق الاسواق وعن سياسات الدعم في الدول الغنية ،والتي تبقي العالم في الفقر.-الثالث : اعتماد قوانين لحماية الخدمات العامة من الخصخصة واللبرالية المفروضتين ، وتأمين الحق في الغذاء والوصول الى ادوية باسعار معقولة ، وتعزيز محاسبة الشركات الكبيرة.-الرابع : تعزيز المسائلة والشفافية لدى الحكومات والمنظمات الدولية لتمكين القواعد التي يمثلونها من صياغة قوانين التجارة العالمية والوطنية ، مع التأكيد على ضرورة تطابق القوانين التجارية مع احترام حقوق العمال، وحقوق الانسان بشكل عام . الخلاصة يرى المرقبون ان منظمة التجارة العالمية من خلال سياساتها الحالية فانها ستزيد من قوة النظام الحالي الذي يدعم انعدام المساواة وانعدام العدالة، واذا ما اخذت المنظمة بالنداء العالمي لمكافحة الفقر » وسمعت لاصوات الملايين من الفقراء فهنا يمكن ان تفعل شيئاً مغايراً يؤثر في اسس الحياة في العالم.ولذلك فانه على قادة العالم ان يظهروانية سياسية وجراة اخلاقية ليتم التأكيد على ان القوانين التجارية قيد المفاوضات مصالح الناس، كما ان عليهم ان يتمسكوا بحق كل انسان في مستوى معيشة يؤمن الصحة والرفاهية له ولاسرته ، وموقفهم هذا هو موقف مع قيم العدالة والمصداقية والكرامة والانسانية ،وهو موقف يحتاج الى تازر الجميع شعوباً وحكومات ليتصدوا له.
|
الناس
النداء العالمي لمكافحة الفقر ودور منظمات المجتمع المدني
أخبار متعلقة