سارة قيس :لست أعلم حقيقة بماذا أبدأ حديثي فكل الكلمات تقف عاجزة عن وصف ما يختلج في نفسي، وكل الحروف تأبى أن تعبر عما يجول في فكري ففي قلبي يسكن اللحن الحزين، يطل على شرفة الحنين المنهار، ينزف قلبي من قواطع الفراق، ومن نزفه يأتي الغناء الباكي، وتعزف أنشودة الحزن التائهة، كأني أسيرة في شفق الأغنيات، وسجينة بين أحرف الكلمات، يسكن صوتي في جوهرة الصمت المفقودة وفي مساحة قلبي المتوجع اكتب كأن الا تأتي اليوم لأ كتبها وأخطها بيدي، كلمات تحمل في طياتها الحب والحنين الشكر والامتنان ... الحزن والأسى لفراق ثانويتي الغالية.فأنا بعد هذا اليوم لن أعود لأرتمي بين أحضان ثانويتي الغراء .. لن أعود لأخذ بين يدي الميكروفون وأقدم الإذاعة المدرسية مثل كل صباح .. لن أعود لأرى أخوات وزميلات عشت معهن أجمل اللحظات لن أعود لأرى معلمين ومعلمات أفاضل كانوا نبراساً مضيئاً في طريقنا نحو العلا .. يا لها من أوقات صعبة ومؤلمة تمر علي !!!نعم أعلم ان لكل لقاء وداع وأنه لابد من أن يأتي يوم لأ تخرج فيه من ثانويتي الغالية .. وها قد أتى اليوم الذي أودع فيه أحبتي .. أودع فيه ثانويتي العظيمة .. معلماتي .. زميلاتي .. وكل من أحببت .. ولكن !!!هذه هي الحياة .. الأيام الحلوة فيها تمر كمرور السحاب في السماء ولا نأخذ منها سوى الذكرى.فلهذا لن أنسى كل حرف تعلمته في هذه الثانوية .. كل ضحكة .. كل دمعة .. كل حزن .. كل فرح .. فأنا أتيت إلى هذه الثانوية طالبة لشيء واحد ليس الا .. فلم تعطني ما طلبت فقط !!! بل أضافت عليه الحب، وهبتني العشق وغرسته في قلبي. فمعك ثانويتي ـ وفي اللغة لا تحذف أداة النداء الا لقرب المنادى من النفس ـ أدركت أن لا أحد يستطيع فهم شيء إلا إذا كان جزءاً منه ... لطالما تعجبت من فتيات سبقتني، كنا يبكين لأنهن سيفارقنك ...لطالما تساءلت كيف للحب أن يولد تجاه جدران صماء، ولكن أدركت الآن بأنك لست جدرانا صماء، بل كيان رائع .. تعلمنا منه الكثير واستفدنا الأكثر .. فاغفري لي ثانويتي أن نفضت يوما حبة رمل من رمالك من على جسدي .. فأنا لم أعرف الحب الا بداخلك .. لم أعرف الجد والاجتهاد الا بداخلك .. لم أعرف التصميم والسعي للارتقاء إلى الأعلى الا بداخلك .. فبداخلك تعلمت الشجاعة .. الثقة بالنفس الإخلاص .. الحب .. التعاون والتكافل .. فلولاك ثانويتي لم أكن أنا.
ذكرى أبدية
أخبار متعلقة