الصدر يشكر أتباعه على صبرهم ويدعوهم لمواجهة «العدو الأكبر»
جنود عراقيون يفتشون اسطوانات الغاز في احد شوارع البصرة
بغداد/14 أكتوبر/ روس كولفين: أحدثت الحملة التي شنها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ضد الميليشيات في مدينة البصرة الجنوبية آثارا عكسية فيما يبدو وكشفت عن نقاط الضعف في جيشه وعززت أعدءه السياسيين قبل الانتخابات. وأشاد الرئيس الأمريكي جورج بوش بالحملة التي وصفها بأنها «لحظة فارقة» للعراق لكنها أطلقت موجة عنف تسببت في زعزعة الاستقرار في جنوب البلاد وفي بغداد تهدد بإفساد التحسن الأمني الذي تحقق في العام الماضي. كما كشفت الحملة عن خلافات عميقة داخل الغالبية الشيعية بين الأحزاب السياسية في حكومة المالكي وأنصار رجل الدين الشيعي الذي يتمتع بشعبية كبيرة مقتدي الصدر. ويقول محللون ان العراقيين ربما على وشك ان يشهدوا مرحلة جديدة في دائرة العنف التي تهيمن على البلاد منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 وإراقة دماء بين الشيعة يمكن ان تمزق العراق وتورط القوات الأمريكية بدرجة أكبر. وانسحب الصدر يوم الأحد من خوض مواجهة شاملة ضد قوات الأمن العراقية ومؤيديهم الأمريكيين وأمر ميليشيا جيش المهدي بوقف القتال. وبينما أشارت تقارير إلى ان البصرة كانت هادئة الاثنين فقد هزت هجمات بقذائف المورتر بغداد. وقال مصطفى علاني وهو محلل بمركز بحوث الخليج ومقره دبي ان شهر العسل لن يدوم طويلا لاسيما وان موعد الانتخابات يقترب. ومن المقرر ان تجري الانتخابات المحلية بحلول أكتوبر حيث يخوض التيار الصدري الذي قاطع الانتخابات الأخيرة في عام 2005 منافسة قوية من اجل السيطرة على الجنوب الشيعي المنتج للنفط مع المجلس الأعلى الإسلامي العراقي. وقال حازم النعيمي وهو محلل سياسي مقره بغداد ان المواجهة لم تنته بعد وإنها مجرد هدنة والانتخابات المحلية ستفجر المعركة مرة أخرى. وتوجه المالكي إلى البصرة يوم الثلاثاء الماضي ليشرف بنفسه على العملية العسكرية التي قال أنها تستهدف «تطهير» المدينة التي يغيب عنها القانون والتي تسيطر عليها عصابات إجرامية وميليشيات متحالفة مع أحزاب شيعية مختلفة. وأشاد مسئولون أمريكيون وبريطانيون بالعملية باعتبارها دليلا على القوة المتنامية للجيش العراقي لكن بحلول مطلع الأسبوع تعثرت بدرجة كبيرة بعد ان فشلت القوات العراقية في إخراج المسلحين من معاقلهم. والأمر المحرج هو ان وزير الدفاع العراقي اضطر إلى الاعتراف بأنه رغم الإجراءات الكثيرة التي اتخذت للتحضير للعملية إلا ان قواته لم تكن مستعدة لمثل هذه المقاومة الشرسة. وتدخلت القوات الأمريكية والبريطانية وشنت هجمات بالطائرات والمدفعية لدعم القوات العراقية. وأثار القتال ردود فعل عكسية من جانب مقاتلي جيش المهدي في بلدات ومدن أخرى في الجنوب. وقتل مئات في أعمال العنف التي تسعى قوات الأمن العراقية إلى احتوائها بمساعدة الجيش الأمريكي. وقال عزت الشاهبندر وهو سياسي شيعي معتدل من القائمة العراقية الوطنية ان ما حدث أضعف الحكومة وأظهر ضعف الدولة والآن أصبحت قدرة الدولة على السيطرة على العراق موضع تساؤل. وقال جاريث ستانسفيلد أستاذ سياسات الشرق الأوسط بجامعة اكستر بانجلترا ان المالكي خاطر بمصداقيته السياسية في عرض إظهار القوة في البصرة وخسر. وقال «مصداقية المالكي أطلق عليها الرصاص في هذه المرحلة. فقد اعتقد حقا ان قوات الأمن التابعة له يمكنها ان تفعل ذلك. لكنه فشل.» وبينما سعى المالكي إلى تصوير العملية على أنها محاولة لاستعادة سيطرة الحكومة على البصرة وشن حملة ضد «المجرمين» وليس ضد الأحزاب السياسية يعتقد كثير من المحللين ان وراء هذه الحملة دوافع سياسية. ويخوض المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وهو أكبر حزب شيعي في الحكومة وحليف لحزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي معركة من اجل السيطرة على البصرة في حرب عنيفة في الغالب تضعها في مواجهة ضد التيار الصدري وحزب الفضيلة الأصغر الذي يسيطر على صناعة النفط المحلية. ويتهم أنصار التيار الصدري المالكي والمجلس الأعلى بمحاولة سحقهم قبل الانتخابات المحلية التي ستجري في أكتوبر والتي يتوقع ان يحققوا فيها مكاسب كبيرة على حساب المجلس الأعلى الذي يسيطر على كثير من السلطات المحلية في الجنوب. وقال علاني ان هدف المالكي الأساسي هو التحضير للانتخابات وإنهم يحتاجون إلى نزع سلاح الصدر وان الميليشيا الأقوى في المدينة هي التي ستسيطر على الانتخابات.، لكن مساعدي الصدر يقولون ان جيش المهدي لن يتخلى عن سلاحه فيما أثار احتمالات وقوع مواجهة أخرى حيث يقول الجيش العراقي انه سيستمر في عملية البصرة. وقال ستانسفيلد «من الواضح ان الصدر حقق انتصارا. وهذه لم تكن معركة اختارها هو (الصدر) وقواته بدت قوية. لقد عزز مكانته.» وقال ريدار فيسر وهو خبير في شؤون جنوب العراق «أنصار التيار الصدري ربما عززوا مكانتهم في عقول الكثيرين. وكثيرون ينظرون إلى الهجوم على انه ظالم.» والآن سيراقب العراقيون ليروا ماذا سيحدث بعد ذلك. لكنهم بعد ان واجهوا تمردا سنيا مريرا ثم موجة من أعمال العنف الطائفي بين الشيعة والسنة أصبحوا معتادين على توقع الأسوأ. وقال جبر سبهان وهو موظف حكومة في البصرة «صحيح انه لا توجد اشتباكات أو مسلحين أو انفجارات لكن الموقف مازال خطيرا. إنني لا أثق في كلمات السياسيين.» إلى ذلك شكر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أمس الثلاثاء أتباعه على صبرهم وطاعتهم ودعاهم إلى حشد الجهود من اجل مواجهة «العدو الأكبر» في إشارة إلى القوات الأمريكية في العراق. وقال الصدر في بيان كتبه بخط يده وجهه إلى أتباعه «الشكر لكم من الله وليس مني على تجشمكم الصعوبات وعلى صبركم وطاعتكم وتكاثفكم ودفاعكم عن شعبكم وأرضكم وعرضكم.»، وأضاف الصدر «والسلام على المجاهدين الذين لم يجعلوا للعدو مكانا أمنا وجعلوا من المحتل عدوا لهم ومن الشعب صديقا لهم.» ودعا الصدر أتباعه إلى حشد جهودهم من اجل «مواجهة العدو الأكبر» مشيرا للقوات الأمريكية في العراق.