العلاقة بين الأدب والسياسة علاقة يشوبها نوع من الغموض والاسرار لانه في الوقت الذي يسعى فيه بعض الأدباء إلى تبرئة ساحاتهم من الانتماءات الحزبية مفضلين الانتماء إلى عالم الأدب فأننا نجد الكثير من الاعمال الادبية والتي يرى كتابها انها مأخوذة من صميم الواقع وتعكس مظاهر حياتية موجودة في حياتنا فانه ودون ارادة منه (الاديب) سيتناول جانباً من الحياة السياسية للبلد الذي يعيش فيه.فإذا افترضنا بأن هناك عمل أدبي قد وصل إلى درجة عالية من الاتقان والاجادة في استخدام كافة الاساليب الادبية ويتحدث عن علاقات اجتماعية او عاطفية تربط بين شخوص ذلك العمل فأننا نجد أن الاحداث تتسارع للحديث عن الفوارق الاجتماعية أو الاقتصادية للابطال وكذا التوجهات الفكرية لبعض الشخوص التي تتصارع فيما بينها وإذا ما حاولنا ان نحلل احداث ذلك العمل الادبي لوجدنا ان الفروق الاجتماعية والاقتصادية التي تفصل بين ابطال ذلك العمل الادبي ترجع في الاساس إلى السياسة المتبعة في ذلك البلد والتي اوجدت معها هذه الفوارق, كما ان الحديث عن التوجهات الفكرية لبعض الشخوص والنهاية التي ينتهون بها تمثل ايضاً بعداً سياسياً في كيفية تعامل بعض البلدان مع اصحاب الافكار المعارضة له وهكذا يجد الاديب نفسه يتطرق للحديث عن النواحي السياسية مرغماً سواء اكان حديثه ذاك تلميحاً أو تصريحاً.على الجانب الاخر نجد ان السلطة السياسية في بعض البلدان أو الاشخاص القريبين من السلطة ينظرون للادب وللرسالة التي يقدمها نظرة عداء لأنهم يرون في تلك الاعمال الادبية تجريداً لحقائق وممارسات يسعون لاخفائها بشتى السبل وقد يكون هذا السبب الرئيسي وراء اعتقال وسجن عدد من الادباء. ومن هنا نجد ان السلطة في كثير من الاحيان تسعى لفرض وصاياتها على الادباء من خلال تحديد ما ينبغي ومالا ينبغي كتابته فتصبح الاعمال الادبية تأخذ نمطاً واحداً دون تغيير الامر الذي يعني انه كلما كانت هناك حرية ممنوحة للادباء فأن الاعمال الادبية تزدهر اما عندما تقل مساحة الحرية الممنوحة وتمسك السلطة بزمام الادب ساعية إلى توجيهه كيفما شاءت ومتى شاءت فأنها بذلك تقتل روح الابداع في العمل الادبي وتفرض عليه قيوداً شتى, وهكذا نجد ان الأدب لا يمكن فصله عن السياسة عندما يتحدث عن واقع ومعاناة الناس وفي ذات الوقت لا يمكن للسياسة ان تقوم باقحام نفسها في الادب في كل حين بل ينبغي ان تكون هناك فسحة من الحرية يتمكن خلالها الاديب من الكتابة بدون خوف من السلطة .أثمار هاشم