فلسطين المحتلة/14 أكتوبر/اندرو هاموند: حين قضى جنود الاحتلال الإسرائيليون أسبوعين في المنزل الموجود بمزرعة سميح السوافيري لم يحطموا أجهزة التلفزيون الخاصة به أو يفتحوا ثقوبا في حوائطه أو يدفنوا دواجنه بالأرض باستخدام الجرافات فحسب. بل تركوا أيضا بضع رسائل وراءهم. وبعد مرور عدة أيام على بدء الهجوم العدوان الذي شنته إسرائيل برا وبحرا وجوا واستمر 22 يوما على قطاع غزة الفقير هبط جنود على حبال متدلية من طائرات هليكوبتر على سطح منزل السوافيري وتدفقوا من الدبابات بعد أن أطلقوا قذائف على حوائطه بينما كان أفراد الأسرة نائمين. حدث هذا في الساعات الأولى من الصباح وأمروهم جميعا بالخروج من المنزل. لقد جاء الجيش الإسرائيلي لاحتلال منزل السوافيري. وقال وهو يستعرض الأضرار التي لحقت بالمبنى المكون من ثلاثة طوابق «حمدا لله أننا شردنا فحسب... قالوا باللغة العربية (ماذا تفعل هنا؟ فقلت (أنا نائم بمنزلي).» وتناثرت عبوات الطعام وأعقاب السجائر والطلقات على الأرضية إلى جوار الحفر التي يختبئ فيها القناصة وأكياس الرمل. بضع ريشات ورائحة قوية عالقة في الجو هي كل ما تبقى من 50 ألف دجاجة صاخبة كان يربيها السوافيري ذات يوم في حظائر كبيرة بالفناء. لكن الرسوم الموجودة على الحوائط هي أكثر ما يلفت الانتباه. هناك صورة لخنزير مكتوب إلى جواره عبارة بالروسية تدل على الصوت الذي يصدره الخنزير فضلا عن العديد من نجمات داود وحريق يحيط بامرأة محجبة يقيدها رجل برسن. ولا تقل الرسائل المكتوبة قسوة. وكتبوا بالعبرية «ارحلوا أو موتوا» و»اللعنة على غزة» و»اللعنة على حماس» بالانجليزية. ووقع الجنود بما يبدو أنه اسم وحدتهم بالجيش. وقال السوافيري «يريدون أرضا بلا شعب. يريدوننا أن نذهب إلى رفح أو سيناء» متأملا المعنى المحتمل الأوسع نطاقا وراء الكلمات. و تقع بلدة رفح على حدود قطاع غزة وصحراء سيناء المصرية. وصرح متحدث باسم الجيش بأن قوات الدفاع الإسرائيلية ستفحص أي أضرار لحقت بالممتلكات بصرامة. وأضاف «إلى جانب هذا أي تصرف من هذا النوع انتهاك مباشر للتعليمات التي صدرت لجنودنا قبل المهمة.» وذكرت مصادر طبية أن نحو 1300 فلسطيني قتلوا بعد أن شنت إسرائيل هجوما على غزة في 27 ديسمبر كان هدفه المعلن وقف إطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل من القطاع الساحلي الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس). واستولى الجيش على عدد من المباني التي تتمتع بموقع استراتيجي في أنحاء القطاع مثل هذه المنطقة الزراعية الواقعة إلى الجنوب من مدينة غزة خارج المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. ومن بين المناطق الأخرى التي ترك فيها الجنود كتابات على جدران المنازل التي خضعت لتفتيش دقيق حي التوام الذي دمرت فيه بساتين الزيتون في محاولة فيما يبدو للدفاع عن المباني التي سيطروا عليها بشكل أفضل إلى جانب حي السودانية الراقي المطل على البحر. ويقول صابر نيرب الذي ترك الفيلا الخاصة به حين بدأت الحرب وأصيب بصدمة لدى عودته فور انتهائها «اشعر أنني اغتصبت نفسيا» وأضاف «اغتصبوا خصوصيتي وحتى هذه اللحظة لست قادرا على العودة إلى المنزل.» وذكر أحد سكان حي بيت لاهيا الفقير أنه عثر على براز بشري على أرضيته. على مسافة قصيرة من مزرعة الدواجن المدمرة التي يمتلكها السوافيري يقع أحد المنازل المتبقية لعائلة السموني. وقتل 30 شخصا على الأقل معظمهم من العائلة الكبيرة حين تم قصف منزل أجبرهم الجيش على الدخول إليه وفقا لتقرير لمنظمة الأمم المتحدة شككت إسرائيل في صحته. ويقول حلمي السموني الذي نجا من أعمال العنف إنه قضى عدة أيام مع المحتضرين والمصابين تحت الأنقاض وقد عرض القيام بجولة بالمنزل الذي استولى الجيش عليه. ويوجد رسم شاهد قبر على الحائط وكتب عليه «العرب.. 1948-2009» بالعبرية وهو يربط بين حرب عام 1948 التي أدت إلى قيام دولة كيان إسرائيل وحولت مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى لاجئين وبين العملية الجديدة التي تمت في غزة ضد حماس. وتقول إحدى الرسائل «موتوا جميعا». «يمكنكم أن تركضوا لكنكم لا تستطيعون أن تختبئوا» و»غزة.. نحن هنا.» ونقش العديد من نجمات داوود على الحوائط. ويقول السموني الذي فقد ستة من أفراد أسرته «أرادوا تكرار 1948. لهذا طردوا الناس من منازلهم وارتكبوا جرائم قتل جماعي بطائراتهم.»، وأضاف ابن عمه رائد «الناس رحلوا مرة ولن يحدث هذا مجددا» مشيرا إلى عام 1948. وأشار حمدي شقورة من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى أن التخريب الذي حدث لمنازل الفلسطينيين يفوق المواجهات العنيفة السابقة مع القوات الإسرائيلية التي ترجع إلى عام 1967.