مما لاشك فيه إن القانون الدولي أولى اهتمام بقضية اللاجئين وتناولها في أكثر من جانب، ولكن اهتماماته كانت بجوانب دون الأخرى كون هذا القانون قد تأثر بطبيعة القوى التي قامت لوضعه، خاصة القوى الأكثر تأثير في العالم، والتي صاغت تعريفات لظاهرة اللجوء تتناسب مع رؤاها ومصالحها. وفي نظرة سريعة لهذه التعريفات نجدها غامضة إلى حد ما وكانت تعالج فئة او مجموعة او شعب معين (الروس- الأرمن-الألمان) ولكن بعد الحرب العالمية الثانية فان الميثاق الدولي لشؤون اللاجئين لعام 1951م عرف اللاجئ بأنه: شخص هرب (لجأ) الى غير البلد الذي يقيم فيه بسبب الأحداث السياسية التي عصفت ببلده والتي جعلت حياته في بلده الأصلية مستحيلة ولاتطاق.اما فيما يتعلق بالفلسطينيين فمازالوا وحتى يومنا هذا محرومين وممنوعين من ممارسة حقهم بالعودة الى بلدهم فلسطين، ومحرومين من التمتع بجنسية بلدهم، ومضطرون للعيش في بلدان مختلفة وبالتالي الخضوع لقوانين مختلفة، منهم يعاملون كجماعات تخضع لقوانين مختلفة باختلاف البلدان التي لجئوا اليها، ويجب ان نلاحظ ان وضع اللاجئين الفلسطينين يختلف عن غيرهم من اللاجئين فقد تجد اللاجئين في بلدان معينة هربوا بسبب القمع والتسلط الذي تمارسه بعض الحكومات، وآخرين تركوا بلادهم بسبب ظروف اقتصادية او أمنية ولكن اللاجئين الفلسطينيين جاءت قوات صهيونية متعصبة مستوطنة طردتهم من أرضهم وحلت محلهم وهذه هي خصوصية اللاجئ الفلسطيني، وعرفت الأمم المتحدة اللاجئين الفلسطينيين بأنهم الأشخاص الذين كانت إقامتهم العادية في فلسطين في الفترة الممتدة من1947/6/1 ولغاية 1948/5/15 والذين فقدوا بيوتهم ووسائل عيشهم نتيجة لاندلاع الحرب عام 1948 ولجئوا الى الدول التي تقدم لهم الإغاثة. اذاً المسألة هنا واضحة وغير قابلة للجدل، حق المواطن الفلسطيني في وطنه، ولكن المشكلة تكمن في الفهم الصهيوني والأطماع الصهيونية في فلسطين، حيث انطلقت الحركة الصهيونية من ان الشعب اليهودي شعب واحد بلا ارض وان فلسطين ارض بلا شعب، ومن ثم يري الصهاينة ان فلسطين هي المسرح الذي يتحقق فيه المشروع الصهيوني، وانها في واقع الأمر ملك للشعب اليهودي سواء كان يشغلها الفلسطينيون ام لا.لذلك عملت الحركة الصهيونية بالتعاون مع الاستعمار على ان:-1 تحل الكتلة البشرية "الصهيونية" محل السكان الأصليين وبهذا المعني فهو استعمار إحلالي.-2 حددت حينها منظمة الهاغاناه جوهر الإستراتيجية الاستيطانية وقالت ان الاستيطان ليس هدفا ولكنه وسيلة الاستيلاء السياسي على فلسطين، وهو العنصر الثابت في السياسية الإستراتيجية الصهيونية.-3 المشروع الصهيوني مشروع عسكري استراتيجي.ويمكن القول ان المشروع الصهيوني هو النموذج المثالي الصهيوني (ماينبغي ان يكون) فالمشروع يتحقق في الزمان والمكان.قامت إسرائيل كدولة صهيونية من خلال مايسمي بالشرعية الدولية المتمثلة في قرار الجمعية العمومية نوفمبر1947 قرار التقسيم وعند قيامها لم تضع دستور بالمعني التقليدي للكيان الصهيوني، واكتفت بمجموعة قوانين أساسية، وذلك لتفادي وضع حدود للدولة تقيدهم بالعمل من اجل تحقيق إسرائيل الكبرى.وتفسر الصهيونية خطر السماح للفلسطينيين المسلمين والمسيحيين بالعودة الى وطنهم، بأن هذه العودة تؤدي الى الإخلال بصفاء المجتمع اليهودي.لقد استمر الإرهاب الصهيوني بهدف طرد الشعب الفلسطيني من أرضه وتحول من إرهاب مليشيات غير منظمة الى إرهاب مؤسس منظم من خلال الجيش الإسرائيلي، وتبين للصهاينة ان الأرض التي تصورها بلا شعب بأنها ارض ذات شعب يعي تاريخه وحضارته ومن وجهة نظرهم كان استمرار الإرهاب ضروري لإفراغ الأرض من الشعب.وقد احتل أبطال العمليات العسكرية الإرهابية الصهيونية قبل عام 1948 أعلى مراكز الجهاز السياسي والعسكري في البلاد واستمروا في نشاطهم الإرهابي العنصري متكامل الأبعاد ضد الشعب الفلسطيني بالداخل بهدف طرده من أرضه ودفعه بعيداً عن الوطن واذا تتبعنا تاريخ النشاط الإرهابي الصهيوني بعد عام 1949 فلن نجد صعوبة في استنتاج ان وقائع هذا النشاط كانت تقع في نطاق المسؤولية المباشرة للأجهزة الرسمية التي بدأ ظهورها خلال السبعينيات والثمانينيات، وفي تتبع ابرز وقائع وسمات الإرهاب الصهيوني بعد عام 1948 يمكننا ان نقسم الى ثلاث فترات.الأولي: حتى حرب 11967.الثانية:حتى منتصف السبعينيات.الثالثة: شهدت الى جانب ارهاب الدولة بروز تنظيمات المستوطنين.ومايتسحق التأكيد ان معركة التغير الديموجرافي لفلسطين المحتلة لم تتوقف بانتهاء حرب 1948، ومانتج عنها من تشريد مليون لاجئ، فقد استمرت إسرائيل في سياسة الاقتلاع الاستعمارية الاستيطانية بوثيرة لم تقل عن عامي 1947-1948 حتى نهاية الستينات، ولم توقف هذه الساسة مطلقاً فيما بعد، وفي إطار ذلك جندت إسرائيل إمكاناتها وسلطة قمعها ضد الشعب الفلسطيني بالداخل، وضمن سياسات واقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية إرهابية عنصرية.عنوان مجازر كفر قسام وقبيه لايستوعب جميع مجالات أنشطة الإرهاب الصهيوني منذ عام 1948 وحتى عام 1967 وما بعده.الحقيقة ساطعة، حقيقة اللاجئ الفلسطيني الذي اقتلع من أرضه، وما يطلبه الفلسطيني العودة الى هذه الأرض وكل نضالاته وتضحياته التي قدمها منذ مايقارب الستين عام هذا اذا احتسبناها منذ عام 1948 وهذا ليس صحيحاً، لان تضحيات الفلسطيني ونضالاته بدأت مع دخول اول مستوطن صهيوني ارض فلسطين وتاريخ فلسطين حافل بالكفاح وبالمناضلين والقادة امثال عز الدين القسام وعبدالقادر الحسيني وغيرهم، وهذه التضحيات قدمت من اجل تحقيق الاهداف الوطنية.هل ذنب الفلسطيني ان الامم المتحدة غير قادرة على تنفيذ قراراتها المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين لان إسرائيل ترفضها.لقد أصدرت الجمعية العمومية قرارها الشهير رقم 194 في 11 كانون الأول ديسمبر 1948 الذي يتكون من 15 فقرة أهمها الفقرة 11 التي تقضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم التي طردوا منها والتعويض لهم عما لحق بهم من اذي معنوي ومادي بفعل الهجرة والتعويض على من لايرغب بالعودة، وقد تم التأكيد على هذا القرار 135 مرة؟اصبح قرار 194 بمثابة عرف تم التأكيد عليه في دورات الأمم المتحدة وفي قرار آخر رقم 50.84 بتاريخ 15/12/1995 جري تأكيد القرار 194، وقد تم بموجب هذا القرار الإشارة للقرارين 242-338 عام 1967 وها القراران اللذان يدعوان إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967 ومعالجة المسائل الناجمة عن هذه الحرب. هل ذنب الفلسطيني ان يدفع ثمن بعض مواقف الأنظمة العربية التي لها رؤيا خاصة بحل القضية الفلسطينية.هل ذنب الفلسطيني ان يدفع الثمن نتيجة الشراكة في المصالح بين هذا وذاك.هل ذنب الفلسطيني ان يدفع ثمن فشل أميركا وإسرائيل في الحرب على العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين.اتفاقية جنيف تمنع التنازل عن حث اللاجئين في العودة المادة 17 من الملحق الثاني الإضافي في اتفاقية جنيف تقول " لايجوز الأمر بترحيل السكان المدنيين لأسباب تتصل بالنزاع والمادة 36 تؤكد حق الأشخاص المحميين والخاضعين لحماية دولة او دول أثناء النزاعات في العودة إلى بلادهم.والمادة 13 تتحدث عن حق العودة الى البلاد وليس الى الدولة، وهذه ملاحظة مهمة اذ من المحتمل ان تتغير الدولة بأخرى ولكن البلاد لاتتغير.لماذا لانتمسك باتفاقية جنيف.لماذا لاندعو لمؤتمر دولي لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين من كل جوانبها على أساس هذه القرارات الشرعية الصادرة عن هيئة الامم المتحدة ومجلس الامن.لماذا لانطالب هيئة الامم ومجلس الأمن بان يمارس صلاحياته على إسرائيل ويلزمها بتنفيذ القرارات، كما يفعل مع العرب كل يوم، وتهدد أميركا بلسان مجلس الأمن وتحتل دول وتهدد أخرى وتنصر إسرائيل في كل المحافل.نحن نريد السلام، ولكن السلام العادل، القائم على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، القاضي بعودة اللاجئين الى وطنهم، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
|
آراء حرة
اللاجئون الفلسطينيون وحقهم في العودة
أخبار متعلقة