صادف يوم الاثنين الخامس من يونيو الجاري 2006م الذكرى الــ 39 لنكسة 5 يونيو 1967م وهي الحرب العسكرية الإسرائيلية "الخاطفة" التي شنتها إسرائيل على مصر عبدالناصر في ظرف كانت الجبهة الداخلية في أشد حالات الاضطراب والقلق والتوتر لما أفرزته مراكز القوى خاصة داخل صفوف القوات المسلحة، وهي تمت بصلة لما كان يحاول أو يقوم به المشير عبدالحكيم عامر من عزل عبدالناصر ونقل مقاليد السلطة إليه..لهذا استغلت إسرائيل حالة غليان الجبهة الداخلية وتشتتها بين ماكان يدور على رأس هرم السلطة حتى تحولت "نكتة" الشارع المصري المتميزة والمعروفة الى "قفشات" الشارع المصري، حيث برزت كلمة "دفعة" على كل جندي مصري يسير في الشارع أو يهم بدخول أية مقهى كدليل على سخرية الشارع من حال ما وصل إليه الجندي المصري سواء قبل المعركة أو بعد..متابعة/ عبداللّه الضراسي[c1]مرآة السينما المصرية[/c]ولهذا لم تكن السينما المصرية كاعرق حلقة سينما على صعيد السينما العربية في الوقوف أمام تداعيات الأوضاع سواء قبل أو بعد حيث اخرجت السينما المصرية عدد من الأفلام عكست حالة "الملل" لوقوف الجندي أمام جبهات العدو لاتحرك ساكناً في إرشارة إلى أنه "جامد" لجمود الهرم السياسي المصري إزاء العدو وانشغاله بما كان يدور من اشكاليات "قاع المجتمع" لهذا جاء فيلم العصفور وكذا "القضية 68" حينما انقسم سكان العمارة الى فريقين، فريق الشباب "محمود ياسين وحسن يوسف، وفريق الفاسدين" ووقف الفنان العملاق الراحل "صلاح منصور" محتاراً هل يقف مع فريق الشباب لهدم العمارة لكون "الشرخ" الكبير الذي ظهر بها يتهددها ولاعلاج له سوى الهدم، بينما فريق الفاسدون من سكان العمارة يطالبوا بعدم المبالغة "بالشرخ" ويمكن "ترميمه" وكفى سكان العمارة هموم البناء!!!وظل الأستاذ "منجلى" أي الفنان صلاح منصور حائر في حالة العمارة وهي صورة مضغوطة ومختصرة لحال البلاد الآيلة الى السقوط إذا لم ترتق إلى نصر عسكري أمام عدوها.. إن فيلم "العصفور" أحد روائع المخرج السينمائي العبقري يوسف شاهين رسم كل معالم وفضاءات النكسة القادمة عبر فيلمه السينمائي الجري سواء "بكادراته"أو"حواره" الجريء وكذا "بكتيبة" الفيلم السينمائية بدءاً من الفنانة العملاقة محسنة توفيق والراحل صلاح قابيل في انضج أدواره السينمائية والراحل "علي الشريف" والوجه السينمائي النسائي الفنانة اللبنانية 'حبيبة" وشكلت نقاشات الفيلم الجريئة والقوية والمباشرة ملامح عكست أفق النكسة القادمة.[c1]معالجات سينمائية مباشرة[/c]ثم برزت أفلام خلال سباق معالم محنة 5 حزيران وهي تسخر من عدم تحرك الجندي المصري والتنديد بقيامه فقط بعملية "الانسحاب" تلوى الانسحاب تاركاً.. جبهة القتال كما عكس ذلك فيلم "الرصاصة لا تزال في جيبي" للفنان الكبير محمود ياسين ونجوى إبراهيم وتوضيح الفيلم لغرابة وتناقض صورتي هذا الجندي عندما ودعته القرية بأكلمها عندما غادرها للقتال الى الجبهة وسط زغاريد فلاحو وفلاحات قريته وصورته صارخة التناقض عندما عاد بعد الحرب مكسور وعلى استحياء وحتى عندما ركب القطار السياحي "أدنى درجات القطارات المصرية" وكان يقوم بتغيير مقعده كل مرة نحو المؤخرة تفادياً لنظرات الركاب وشماتتهم به.. اطلق ركاب القطار نكتة عليه أصبحت فيمابعد"قافية النكت" في مصر: إذا قال الأول: إيش معنى الدفعة عمال يرجع لوراء كل شوية.واجابه الثاني: لأن "الدفعة" أتعود على الانسحاب..ولهذا ظلت مفردة "الدفعة" لصيقة كل جندي من صفوف القوات المسلحة يراه الناس سائراً بالشارع من كثرة ضيق الشعب باحوال ما جرى في واقعة وأحداث 5 حزيران إذ ظل جندي "الرصاصة لاتزال في جيبي" يتفحص حبة رصاص طوال فترة اكتئابه وأحاديثه مع خطيبته "نجوى إبراهيم" ملخصاً لها بأنه ظل محتفظ بهذه الرصاصة مثال لأنه لم يحارب ولهذا خذلته الحرب الخاطفة مع إسرائيل لأن قادته العسكريين لم يوفروا له مقومات الحرب الحقيقية حتى جاءت حرب 6 أكتوبر 73م بعد ست سنوات من الهزيمة لتنطلق الرصاصات التي لم تطلق . لتفعل فعلها الفاعل.[c1]نموذج عسكري مباشر[/c]ثم بقيام المخرج المبدع "علي عبدالخالق" من بدايات مشواره مع الواقعية في السينما المصرية قبل أن تخطفه السينما التجارية فقدم فيلماً "اغنية في الممر" للروائي "غالب شقت" حيث جمد الكاميرا في خندق لجنود تاهت عنهم الحرب وتاهو عنها فدخلهم الاضطراب والتشنج "محمود مرسي + أحمد مرعي وأخرون".حيث جسد هذا الفيلم الجميل كل "بداءات" هذه الحرب الخاطئة غير المخططة حيث تم القذف بخيرات وزهور مصر الى أتون "محرقة عسكرية" أفرزت جنوناً وأعصاباً ممزقة وتشنجاً لمصير عسكري مجهول.[c1]رر خاتمة[/c]معروف أن السينما كفن سابع وخطير بإمكانها اختزال فضاءات وآفاق وتلاوين حيوات مختلفة عبر كادر سينمائي جميل وحوارات سينمائية سريعة وخاطفة لتقذف في وجه المشاهد ما حملته قادمات الزمان، وما أخفته عن ملفات الحقائق سواء قبل أو بعد أو خلالهما.
|
ثقافة
تداعيات نكسة حزيران في السينما المصرية
أخبار متعلقة