أضواء
عادل علي الغامدياعتدنا في المسلسلات المكسيكية التي اكتسحت في فترة من الزمن الفضائيات العربية أن تتجاوز حلقاتها المئتي حلقة لأنه قد يستغرق تحديد موعد لقاء «الكسندرا» مع «اليخاندرو» أكثر من عشر حلقات متتالية من اجل أن يذهبا إلى العمل سوياً، ولكن في الحلقة الخامسة عشرة تأتي «ماريا» إلى «اليخاندرو»، ويستغرق طريقها لمكان اللقاء مع «اليخاندر» أربع حلقات لتخبره بأن «الكسندرا» لن تستطيع الذهاب معه، لأن «خولي» سيوصلها إلى هناك وتنتهي تفاصيل هذا الموعد في الحلقة الثلاثين!وأنا هنا لست بصدد تقديم مسلسل مكسيكي سيعرض على الشاشات، ولكنني سأطرح مسلسلات أشبه بما نشاهدها في تلك الدراما، على أن الاختلاف هو أننا لا نشاهد هذه المسلسلات على شاشات التلفزيون، بل نراها أمامنا بالعين المجردة، ونتعايش معها في حياتنا اليومية في مدينة جدة، وهي المشكلات والقضايا التي لم تعد تحرك ساكناً، وإذا كان هناك تحرك بمسافة خطوة إلى الأمام، فان العودة إلى الوراء قد تمتد لأكثر من خطوة، ومن هذه المسلسلات، عفواً المشكلات - على سبيل المثال لا الحصر - انقطاع المياه الذي يمكن ان نطلق عليه مسلسل «عطاشا على الشاطئ»، إذ إن الانقطاع المتكرر للمياه عن السكان ولفترات طويلة يجعل البعض يشك في الموقع الجغرافي للمدينة بأنها تقع في صحراء قاحلة، وليست على ساحل بحر... فهي مدينة يحاذيها ساحل البحر الأحمر إلى امتداد مسافات طويلة، ولقد سئم سكان جدة من المطالبات بحل تلك المشكلة، لا لشيء إلا لرغبتهم في الحفاظ على ما تبقى من «ريقهم» ليستفيدوا منه في اشد فترات العطش التي تنتابهم بين الحين والآخر، والتي اعتادوا عليها وأصبحوا يعدون لها العدة! ومسلسل آخر يمكن أن نطلق عليه «الحفر في الحفرة»، وهو يعرض مشكلة «الحفريات» التي تنتشر في طرقات وشوارع المدينة، وأصبحت سمة بارزة من سماتها، وحين يبدأ رصف شارع في المدينة تفاجأ بأن بعضاً من شوارعها مغلق من جميع الاتجاهات، ما يجعلك تسير في حلقة دائرية تتحرك وتنطلق وتغامر وإذا بك تعود إلى نقطة البداية، ومن المفارقات أنه إذا تم الانتهاء من مشروع معين في أحد الشوارع بعد إعادة رصفه ودبت فيه الحركة من جديد، ما يلبث أن يصبح مسرح عمليات لجهة أخرى غير الجهة التي أنجزت رصفه قبل أيام قليلة، بدعوى تنفيذ خدمة أخرى!ومن أهم المشكلات التي تعاني منها هذه المدينة مشكلة العمالة الوافدة وغير النظامية التي قد نطلق عليها صفة مسلسل «العمالة هنا في جدة... غير»، حيث إن هذه العمالة بدأت تحدث اختلالاً مخيفاً في تركيبة النسيج السكاني للمدينة، وأصبحت ظاهرة انتشار العمالة غير النظامية في ازدياد تعجز عنه عمليات الإحصاءات، إلى حد أن أصبح بعض الأحياء أشبه بقطاع مصغر لبعض البلدان التي تأتى منها تلك العمالة غير النظامية بكل ما تحمله من عادات وتقاليد وطقوس حياتية متنوعة، ما يلقى بظلالها على الزيادة الواضحة في معدلات الجريمة داخل هذه المدينة.ما ذكرته هو غيض من فيض، لأن هناك العديد من المشكلات التي لا يمكن إحصاؤها في مقال... وفي خضم التعايش مع تلك المسلسلات لا يملك ساكنو هذه المدينة إلا إطلاق الصرخات التي تورمت بها الحناجر «أريحونا من المسلسلات شبه المكسيكية في جدة»! [c1] *صحيفة “الحياة” الطبعة السعودية[/c]